شرم الشيخ ( مصر ) – الناس نيوز :
على ظهر يخت في البحر الأحمر بمنتجع شرم الشيخ في مصر، يشير مدرب الغوص محمد عبد العزيز إلى الشعاب المرجانية وإلى السائحين الذين يأتون لمشاهدتها، قائلا “إذا حدث لها شيء، سوف يطالنا الضرر جميعا”.
ويقصد عبد العزيز الذي يلقبه السائحون بـ”ماندو”، تأثير التغير المناخي على الشعب المرجانية إلى جانب بعض الممارسات البشرية الخاطئة وما يمكن أن يسبباه من أضرار.
ويقول لوكالة فرانس برس “طالما الشعاب المرجانية متعافية، تجد الأسماك والغوص والنشاط”.
ويحرص “ماندو” على تعافي الشعاب المرجانية، فهي باب رزقه الرئيسي كمدرب للغوص في شرم الشيخ حيث معظم أنواع الشعاب المرجانية في مصر.
وبحسب وزارة البيئة، توجد في مصر 209 أنواع من الشعاب المرجانية التي تشكل ملجأ للحياة البحرية، وتجذب الغواصين من كل أنحاء العالم.
إلا أن هذه الكائنات البحرية التي تتنوع ألوانها الزاهية بين الأحمر والأصفر والأخضر، مهددة بارتفاع درجات حرارة البحار الناتجة عن تغير المناخ. ووفق الصندوق العالمي للطبيعة، فإن “حوالى ربع الشعاب المرجانية (في العالم) يعاني بالفعل من أضرار لا يمكن تعويضها، والثلثين مهدد بشكل خطير”.
كما يشير الصندوق الى أن 8% من الشعاب المرجانية في العالم اختفى في 1998، بينما ابيضت نسبة 14% منها في العشرين سنة التالية.
– “ابيضاض المرجان” –
ويقول إسلام محسن، مدرب الغوص المصري البالغ من العمر 37 عاما، لفرانس برس “أنا كغطاس يظهر أمامي بشكل واضح تأثير التغير المناخي على الشعاب المرجانية”، مضيفا “ما يحدث هو عملية ابيضاض للمرجان.. يعني يتحول لونه إلى الأبيض”.
وتشرح خبيرة التغير المناخي المقيمة في القاهرة كاثرين جونز لفرانس برس أنه “عندما ترتفع درجة الحرارة، يمتص المحيط المزيد من غاز ثاني أكسيد الكربون الذي ينتج حمض الكربونيك، لذلك لا ترتفع درجة الحرارة فحسب، بل تتغير نسبة الحموضة أيضاً”.
وتضيف “عندما تصبح (المياه) أكثر حموضة، يصبح الأمر صعبا جداً على الحيوانات القشرية”. وتؤكد أن هذه الظاهرة بدأت منذ “سنوات عدة في البحر الأحمر”.
وتستعد مصر لاستضافة الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف حول المناخ (COP27) العام المقبل في شرم الشيخ، بعدما استقبلت المدينة في 2018 مؤتمرا لتحالف من منظمات الأمم المتحدة لبحث سبل حماية الشعاب المرجانية من الانقراض.
وحذّر تقرير صادر أخيرا عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ من أنه “حتى إذا نجح العالم في تثبيت الارتفاع في درجات الحرارة عند 1,5 درجة مئوية أعلى مما كانت عليه قبل الثورة الصناعية، فإن 70% إلى 90% من الشعاب المرجانية قد يزول بحلول منتصف القرن”.
وبتضرر الشعاب المرجانية، “سنفقد الكثير من الحياة البرية، وسوف يتغير النظام البيئي بطريقة تؤثر علينا كبشر من حيث الموارد”، وفق جونز.
وتضيف “الشعاب المرجانية هي حضانات للأسماك الصغيرة ومكان لتغذية الأسماك الكبيرة.. إنها جزء أساسي من النظام البيئي”.
وتقول الأمم المتحدة إن قرابة مليار شخص من سكان العالم يعيشون من الشعاب المرجانية، وإن 6,7 مليار سيتضررون من موت المرجان في البحر الأحمر وفي أمكنة أخرى. علما أن الحواجز التي يشكلها المرجان تحمي السواحل من الكوارث الطبيعية. كما قد يؤدي ابيضاض المرجان أو موته إلى ظهور أوبئة تصيب الإنسان.
– بين مناخين –
ولأهمية سياحة الغوص لشرم الشيخ، نظمت غرفة سياحة الغوص المصرية دورات لتزويد الغواصين المعلومات وأساليب التعامل مع المرجان والكائنات البحرية الحية.
وتشرف الغرفة على 269 مركزا للغوص وأكثر من 2900 غواص محترف.
ويقول محسن إن الغرفة نشرت “الشمندورة” في مواقع الغوص الشهيرة، وهو جسم عائم يثبت في أرضية البحر تستخدمه المراكب في الرسو وسط المياه بعيدا عن الشعاب المرجانية.
واتخذت قرارا بوقف نشاط “غوص الانترو” أو غوص المبتدئين في الفترة الأخيرة بشكل مؤقت للسماح للشعاب المرجانية بالتعافي.
ويرى الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط ناصر كامل أنه قد لا يكون هناك الكثير من الوقت لذلك، لأن بعض مناطق العالم معرضة للخطر أكثر من غيرها.
ويوضح أن الدراسات تشير الى أن مشكلة تغير المناخ تعد “أكثر إلحاحا” في منطقة حوض المتوسط من غيرها من المناطق.
ويشير الى أن ذلك ناتج عن موقع المنطقة بين نظامين مناخيين مختلفين، وعن الانبعاثات الحرارية الصادرة عن عدد من بلدانها. ويقول “نسبة الزيادة في درجات الحرارة (في منطقة حوض المتوسط) أكثر 20% عن المتوسط العالمي”.
وبحلول 2030-2035، إذا لم تُتخذ الإجراءات اللازمة في مجال الحد من الاحترار المناخي “سنصل في ارتفاع درجات الحرارة إلى 2,4 درجة مئوية”، وفق كامل.
وتسعى دول العالم إلى الوقوف عند حدّ الدرجتين المئويتين، ثم النزول إلى درجة ونصف.
ويشيد الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط بـ”ارتفاع درجة وعي الدول والحكومات” في منطقة حوض البحر المتوسط في التعامل مع أزمة تغير المناخ، مشيرا إلى أن برامج فعلية تنفذ على الأرض في هذا الصدد، وضرب مثالا على ذلك مصر وتركيا والمغرب في تطبيق مشروعات صديقة للبيئة.
بينما تقول جونز “حتى لو اختفى الإنسان تماماً من الأرض غداً أو توقفنا عن إنتاج أي نوع من الانبعاثات، ستستمر درجة الحرارة في الارتفاع من تلقاء نفسها وفقا لآلية رد الفعل لتغير المناخ”.
وترى أن “الوضع مضى إلى ما هو أبعد من نقطة اللاعودة الآن، وكل ما يمكننا فعله هو محاولة تأخير ارتفاع درجة الحرارة لكي نستطيع التكيف”.