باريس – الناس نيوز :
يؤكد رئيس واحدة من منظمات غير حكومية قدمت شكوى إلى فرنسا بِشأن الهجمات الكيميائية التي وقعت في سوريا في 2013، أن هذا التحرك يشكل خطوة إضافية “على طريق العدالة” وضد الإفلات من العقاب للجرائم المنسوبة إلى نظام بشار الأسد.
وتأتي هذه الشكوى بعد حوالى ثماني سنوات على الهجمات الدامية التي حدثت في آب/اغسطس 2013 قرب دمشق وروعت العالم لكنها ترمز أيضا الى عدم تحركه.
ويقول مازن درويش الناشط في مجال حقوق الانسان ورئيس “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير” الذي يتخذ في باريس مقرا له، في مقابلة مع وكالة فرانس برس إن هذه الشكوى هي “رسالة للمسؤولين عن تلك الهجمات” مفادها أن “الناجين سيواصلون الكفاح من أجل العدالة”.
وتتعلق الشكوى التي قدمت في باريس والمتعلقة ب”جريمة ضد الإنسانية” و”جريمة حرب”، بهجمات وقعت ليل الرابع إلى الخامس من آب/اغسطس في عدرا ودوما (450 جريحا)، وفي 21 آب/اغسطس 2013 في الغوطة الشرقية قرب دمشق حيث قتل أكثر من 1400 شخص بغاز السارين بحسب الاستخبارات الأميركية.
وقال درويش في المقابلة مع فرانس برس “نعمل منذ أكثر من ثلاث سنوات لتجميع هذا الملف، واعتقد أنه لدينا أدلة قوية على ما حصل وحول المسؤوليات”.
والشكوى لا تستهدف مسؤولين سوريين محددين – مع أن بعضهم وردت أسماؤهم مثل ماهر الأسد قائد الفرقة الرابعة في الجيش السوري وشقيق الرئيس السوري -، لكنها تلقي الضوء على “تسلسل القيادة” بحسب قوله.
وأضاف “هناك أسماء، هناك مشتبه بهم ونمنح القضاء احتمال إطلاق تحقيقات”. وتابع “ليس لدينا أي شك في المسؤولية المباشرة والشخصية لبشار الأسد”.
وأوضح درويش “نعلم أن المحاكم المحلية ليس من اختصاصها محاكمة رؤساء دول أجانب وانه يحظى بحصانة بسبب منصبه. لكن هذا الأمر لن يكون أبديا”.
وقال “هذه الشكوى تساهم في الحركة التي أطلقها ناجون ومنظمات سورية للقول إنه لن يكون هناك حل سياسي للنزاع السوري بدون العدالة والحقيقة”.
ويأتي ذلك بعد أيام على صدور حكم تاريخي في ألمانيا على عنصر استخبارات سوري سابق بتهمة التواطوء في جرائم ضد الإنسانية.
– شهادات وتسجيلات فيديو-
يستند الملف الى عشرات الشهادات من ناجين وصور وأشرطة فيديو صورت آنذاك وبينها ذلك الذي يظهر رجالا ونساء وأطفالا ممددين بدون حركة والرغوة على شفاههم، وتم تداوله في كل أرجاء العالم.
وتستند المنظمات غير الحكومية بشكل خاص على عمل رزان زيتونة المحامية السورية المعروفة، زميلة درويش والتي كانت تقيم آنذاك في الغوطة.
وقد خطفت مجموعة مسلحة زيتونة في كانون الأول/ديسمبر 2013 في دوما التي كانت خاضعة آنذاك لسيطرة إسلاميي “جيش الاسلام”، ولم يعثر عليها منذ ذلك الحين.
وقال درويش إن “هذه الشكوى هي إرث رزان. جمعت شهادات ومقاطع فيديو. لولا عملها الهائل لما تمكنا من تجميع هذا الملف”. وتابع أنه الى جانب ذلك، تهدف الشكوى أيضا الى وضع القوى الغربية الكبرى أمام مسؤوليتها.
في 2013 تم بالفعل تجاوز “الخط الأحمر” المتمثل باستخدام أسلحة كيميائية الذي كان حدده الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما للتدخل في سوريا. وكانت الولايات المتحدة وفرنسا على وشك شن ضربات ردا على ذلك، لكن الرئيس الأميركي عدل عن هذا الأمر في اللحظة الأخيرة ووافق الغربيون على العرض الذي قدمته روسيا حليفة النظام السوري وهو تفكيك الترسانة الكيميائية للنظام السوري.
لكن هذا الأمر لم يمنع وقوع هجمات أخرى لا سيما في نيسان/ابريل 2017 في خان شيخون بين دمشق وحلب والذي خلف 80 قتيلا على الأقل.
وقال درويش إن “شكوانا تتوجه بشكل مباشر الى الحكومات الغربية وخاصة فرنسا التي تقدمت مكافحة الأسلحة الكيميائية”.
وأضاف “إذا قبلنا الإفلات من العقاب على ما حدث في سوريا ، فهذا يعني أننا نعطي الضوء الأخضر لجميع الطغاة لاستخدام أسلحة كيميائية، ولن يكون أي شخص في أمان”.
وكانت شكوى مماثلة قدمت في تشرين الأول/أكتوبر 2020 أمام النيابة الفدرالية الألمانية بخصوص أحداث 2013 لكن أيضا هجوم خان شيخون.