علي صقر – الناس نيوز ::
طبعاً العنوان ليس نكاية بما قاله رسول حمزاتوف “العالم يبدأ من عتبة بيتي”. وليس نكاية بما قاله الرئيس السابق لأمريكا “جون كنيدي” (لا تسأل ماذا يقدّم لكَ الوطن.. بل اسأل ماذا يمكن أن تقدّم للوطن). وليس نكاية بكلّ الشعارات التي تمجّد الوطن وتحجّم المواطن.
وطبعاً ليس بما قالته فيروز “أنا ابنة وطن يموت فيه القمر وتزدهر تجارة الجثث”. بل نكاية بـ “المكنة” التي سحقت سبابتي اليمنى والتي بواسطتها أحصّل قوتَ أطفالي وأيضاً بواسطتها ألتقط قلمي، و”أفشُّ” خلقي بقصّة أحكي فيها عن الأشياء التي لا أستطيع الحصول عليها، أي بمعنى آخر الكتابة شكل من أشكال الانهزام. تخيّلوا لو أنّ كلّ الكتّاب توقّفوا عن الكتابة لربّما يولدُ شيء أجمل لا يُعَبَّرُ عنه بالكتابة بل بالفعل.
المهمّ تجاوزتُ مشكلة اغتيال سبابتي اليمنى بالتعوّد للكتابة باليسرى الأقرب إلى القلب، وأقول اغتيالاً وليس بتراً لأنّ المكنة وأنا بريئان ممّا حدث بل المسؤول عن ذلك الهموم اليوميّة التي تحوّل الأصابع العشر مع العقل الى مكنة هموم لا تبدأ بمطالب الأولاد ولا تنتهي بالخوف من غد.
والخوف من غد وبعد غد، وبين اليوم والخوف من غد يكمن الوطن، الوطن الذي لا يخيفك من غد، الوطن الذي تقدّم له ويقدّم لكَ أليس الخليفة الرابع هو القائل “الفقر في الوطن غربة”، نعم أقولها بالصوت العالي وبدون سبابتي التي حرمتني وستحرمني لشهور عن العمل “الوطن يبدأ من سبابتي، ولا ينتهي بالخوف من غد”، فوطن يبدأ بحقول من القمح ولا ينتهي ببحر من النفط والملايين من الشباب المتعلّمة والآلاف المؤلّفة من العاطلين عن العمل والتي تبحثُ عن كسرة خبزٍ خاليةٍ من ذلِّ النفط وخبز القمح والقليل القليل من القمع، فلنختلف بكلّ شي إلاّ بحبّنا للوطن، الوطن الذي يبدأ بأصبعي، ومن الذي يذهب للعمل من فرشته إلى ورشته ومن ورشته إلى فرشته، ولنمزّق روزنامة الأيّام وأوراق اليانصيب وأبراج الحظّ، ولتكن روزنامتنا اليوم جميل وغداً أجمل، رغم الخوف الذي غنّاه مارسيل خليفه “الله ينجّينا من الآت” أي بما عبّر عنه “هايتي” ( نادراً ما فهمتوني نادراً ما فهمتكم لكن عندما نسقط في الوحل فعندها نتفاهم فوراً).