بغداد وكالات – الناس نيوز :
يصوت العراقيون يوم الأحد في انتخابات عامة قال كثيرون إنهم سيقاطعونها بعد أن فقدوا الثقة في النظام الديمقراطي الذي أتى به الغزو الأمريكي في 2003 ، وسط واقعًا مريراً تحكمه التجاذبات الحزبية والطائفية ، تشكل القوى التي تدعمها إيران قوة ضاربة ، خارج سيطرة الدولة
تأتي هذه الانتخابات قبل موعدها المقرر بعدة أشهر وتجرى وفقا لقانون جديد تم سنه لمساعدة المرشحين المستقلين. كما أنها جاءت نتيجة احتجاجات حاشدة مناهضة للحكومة منذ عامين. لكن من المتوقع أن تكتسح الانتخابات النخبة الحاكمة التي يهيمن عليها إسلاميون مسلحون وشيعية.
وتفيد مفوضية الانتخابات في البلاد بأن ما لا يقل عن 167 حزبا وأكثر من 3200 مرشح يتنافسون على 329 مقعدا في البرلمان العراقي.
وعادة ما تعقب الانتخابات العراقية شهور من المفاوضات المطولة بشأن الرئيس ورئيس الوزراء ومجلس الوزراء.
وفتحت مراكز الاقتراع في السابعة صباحا بالتوقيت المحلي (0400 بتوقيت جرينتش)، ومن المقرر إغلاقها في السادسة مساء بالتوقيت المحلي (1500 بتوقيت جرينتش). وأفاد التلفزيون الرسمي بأن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي توجه للإدلاء بصوته بمجرد بدء التصويت.
من أمام أحد مراكز الاقتراع، قالت الناخبة جيمند خليل ربة المنزل البالغة من العمر 37 عاماً بعد الإدلاء بصوتها “جئت للتصويت من أجل تغيير وضع البلد للأفضل وتغيير المسؤولين الحاليين لانهم غير كفوئين. وعدونا بالكثير ولم يقدموا لنا شيئا، نريد انتخاب مستقلين هذه المرة”.
وأدلى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بصوته منذ فتح صناديق الاقتراع أمام عدسات الكاميرا في أحد مراكز الاقتراع في المنطقة الخضراء في بغداد.
وقال بعد التصويت مخاطبا العراقيين “انتخبوا، يجب أن نشارك جميعاً في تغيير الواقع من أجل العراق”.
ويتوقع مراقبون أن تكون نسبة المشاركة ضئيلة. وتمت الدعوة لهذه الانتخابات التي كانت مقررة عام 2022، بهدف تهدئة غضب الشارع بعد الانتفاضة الشعبية التي اندلعت في خريف العام 2019 ضد الفساد وتراجع الخدمات العامة والتدهور الاقتصادي.
تراجعت الاحتجاجات مذاك على وقع قمع دموي أسفر عن مقتل نحو 600 شخص وإصابة أكثر من 30 ألفاً بجروح. وخلال الأشهر الماضية، تعرض العشرات من الناشطين إلى الخطف والاغتيال أو محاولة الاغتيال، ونسبوا ذلك إلى فصائل مسلحة موالية لإيران.
واختار ناشطون وأحزاب منبثقة عن التظاهرات مقاطعة الانتخابات معتبرين أنها تجري في مناخ غير ديموقراطي.
أعرب محمد قاسم العامل اليومي البالغ 45 عاماً عن عدم رغبته في التصويت إذ “سوف تعيد هذه الانتخابات القوى نفسها التي تظاهر الشعب العراقي ضدها”.
وأضاف “ليس لدينا كهرباء ولا مواصلات ولا قطاع عام ولا خدمات ووزارة الصحة بائسة رغم أن العراق أغنى دولة في المنطقة”.
ويُتوقع أن تحافظ التكتلات التقليدية على هيمنتها في البرلمان الجديد، الذي يتوقع أن يكون مقسماً، ما سيرغم الأحزاب على التحالف، كما يرى خبراء. وقد تتطلب المفاوضات اللازمة لاختيار رئيس للوزراء، يقضي العرف بأن يكون شيعياً، وقتاً طويلاً.
وفي بلد منقسم تملك غالبية الأحزاب فيه فصيلاً مسلحاً، تسري مخاوف من حصول عنف انتخابي في حال لم تتوافق النتائج مع طموحات الأطراف المشاركة.
وكتبت بعثة الأمم المتحدة في العراق في تغريدة “في يوم الانتخابات، ينبغي أن يتمتع العراقيون بالثقة للتصويت كما يشاؤون، في بيئة خالية من الضغط والترهيب والتهديد”.
ويحق لنحو 25 مليون شخص التصويت لكن المشاركة في عملية التصويت الإلكتروني والاختيار من بين 3240 مرشحاً، تتطلب حيازة بطاقة بيومترية.
وتجري الانتخابات لاختيار 329 نائباً، وفق قانون انتخابي جديد يرفع عدد الدوائر وينص على تصويت أحادي، ما يفترض أن يعطي دفعاً للمستقلين والمرشحين المحليين.
ويتوقع أن تصدر النتائج الأولية خلال 24 ساعة من موعد إغلاق صناديق الاقتراع، بينما يستغرق إعلان النتائج الرسمية 10 أيام، وفق مفوضية الانتخابات.
ويعد التيار الصدري الأوفر حظاً، فهو يملك أصلاً الكتلة الأكبر في البرلمان السابق. ويطمح مقتدى الصدر، زعيم فصيل مسلح سابقاً، تحقيق نتائج تتيح التفرّد باختيار رئيس للحكومة.
لكن عليه التعامل مع خصومه الأبرز، الفصائل الموالية لإيران الساعية إلى زيادة تمثيلها في البرلمان الذي دخلته للمرة الأولى العام 2018، مدفوعةً بانتصاراتها ضد تنظيم الدولة الاسلامية.
دخلت “حركة حقوق” الجديدة، المرتبطة بكتائب حزب الله إحدى فصائل الحشد الشعبي الأكثر نفوذاً، الانتخابات أيضاً. في الأثناء، ينافس تحالف “تقدّم” برئاسة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي بقوة في المناطق السنية.
يبقى المشهد السياسي في العراق منقسماً بشأن العديد من الملفات، انطلاقا من وجود القوات الأميركية في البلاد وصولا إلى النفوذ المتزايد للجارة إيران. ولذا، لا بد لكافة التكتلات السياسية من الاتفاق على اسم رئيس للحكومة يملك أيضاً المباركة الضمنية من طهران وواشنطن، صاحبتي النفوذ في العراق.
يرى بلال وهاب وكالفن وايلدر في تحليل نشره معهد “واشنطن إنستيتوت” للأبحاث أنه من “من المرجح أن تؤدي الانتخابات إلى قيام مجلس نواب مجزأ آخر، تعقبه مساومات فاسدة ومبهمة بين الفصائل لتشكيل الحكومة المقبلة”.
ويضيفان أن “قليلين هم من يتوقعون أن تكون هذه الانتخابات أكثر من مجرد لعبة كراسٍ موسيقية، ومن غير المرجح أن تلبّي المطالب الأساسية لـ+حركة تشرين+، وهي الحدّ من الفساد المنهجي، وتوفير فرص العمل، ومحاسبة الجماعات المسلحة”.