القدس – الناس نيوز :
ألقى التصعيد الدموي الأخير بين إسرائيل والجماعات الفلسطينية المسلحة في قطاع غزة بثقله على العلاقات في المدن “المختلطة” داخل إسرائيل وخاصة في مدينة اللد التي تحاول ترميم الشرخ المجتمعي بعد مقتل شخصين في أعمال العنف التي اندلعت في المدينة وشكلت صدمة.
ويشكك كثيرون في إمكانية عودة الحياة في المدينة الصناعية القريبة من تل أبيب وحيث يعيش نحو 80 ألف نسمة ثلثهم من العرب، إلى ما كانت عليه قبل التصعيد.
أنشأ سكان المدينة مجموعة للنقاش ولتسوية العلاقات عبر واتساب تحت عنوان “هذا يكفي”.
وتقول عضو المجموعة بنينا رينستلر “جميعنا حزانى جدًا لما حدث”.
وقالت الكاتبة المسرحية (42 عاما) “لكننا بحاجة إلى التحدث حتى لا نخاف من بعضنا بعضًا”.
يشكل العرب في إسرائيل وهم أحفاد الفلسطينيين الذين بقوا في أراضيهم بعد إنشاء دولة إسرائيل في العام 1948 نحو 20 في المئة من سكان الدولة العبرية.
والشهر الماضي، عادت قضية التمييز ضد الأقليات في إسرائيل لتطفو على السطح بعد تصاعد المواجهات في القدس الشرقية وتحديدا في المسجد الأقصى بين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية.
وجاءت تلك الصدامات على خلفية التهديد بطرد عائلات فلسطينية لصالح مستوطنين إسرائيليين من حي الشيخ جراح في الشطر المحتل من المدينة.
ووصلت شرارة الأحداث إلى اللد التي تحولت إلى مسرح لإطلاق النار وحرق السيارات ونهب المحال التجارية وإشعال النار في كنيس يهودي، وامتدت أعمال العنف إلى عكا والرملة اللتين كانتا في السابق نموذجين للتعايش بين الجانبين.
– تدابير “شاملة” –
يتطرق المواطنون العرب في إسرائيل وبشكل متكرر إلى التمييز الذي يواجهونه.
يشارك أمنون بئيري سولتزانو في إدارة جمعية مبادرات إبراهيم اليهودية- العربية التي تتخذ من اللد مقرا لها وتعمل على فتح حوار بين اليهود وعرب إسرائيل.
يقول سولتزانو “لطالما لمسنا توترًا بين السكان في المدن المختلطة” لكنه يرى أن تصعيد الأمور بلغ “درجة كبيرة” هذه المرة.
خلال الاحتجاجات في اللد، قتل رجلان أحدهما عربي والآخر يهودي.
وتقول إكرام منصور (48 عاما) “لم أتصور ان الأمور ستصير بهذا السوء”.
وتقول الأم التي انضمت إلى مجموعة الواتساب على أمل إحياء روح التعايش مجددا “نشأنا معا، عربا ويهودا ونعيش سوية في المباني نفسها”.
ويشير ثابت أبو راس من مبادرات إبراهيم أيضا، إلى أن عدة عوامل قد أدت إلى تفاقم التوترات الأخيرة لا سيما انتقال يهود قوميين إلى اللد في السنوات الأخيرة.
واستدعت أعمال العنف الشهر الماضي إطلاق الجمعية حملة وطنية للترويج للتعايش وحسن الجوار.
وتشمل الحملة نشر صور ومقاطع فيديو عبر الصحة وشاشات التلفزة ووسائل التواصل الاجتماعي، ليهود وعرب وهم يتشاركون حياتهم اليومية.
ويرى أبو راس أن هذه الحملة غير كافية.
ويضيف “نحن بحاجة إلى وضع سياسة عامة أكثر شمولية … هدفها دعم الأقلية العربية بشكل أفضل”.
– إعادة بناء الثقة –
عاد الهدوء إلى اللد لكن الجرح بقي مفتوحا.
وفي منطقة رامات أشكول تشهد آثار الدخان الأسود على الأرصفة على أحداث العنف التي اندلعت.
اعتقلت الشرطة الإسرائيلية مئات الأشخاص المشتبه بمشاركتهم في أعمال الشغب والعنف القومي.
يقول عادل نوفل (17 عاما) بالعبرية “لقد مررنا بفترة صعبة لكن الأمور هدأت الآن”.
ويسكن الطالب العربي في بناء بواجهة صفراء اللون في الحي ويقول إنه يحب “المدينة وسكانها وتنوعها. … جيراني اليهود مثل الأخوة”.
التقت فرانس برس برجل خمسيني يدعى تسور بدا متشائما إذ قال “لن يعود أي شيء إلى ما كان عليه من قبل”.
وأضاف الرجل اليهودي في السابق كنت أشتري الخبز من الأفران العربية وأتناول الطعام في كثير من الأحيان في مطاعمهم لكن لم تعد لدي الرغبة في فعل ذلك…. شيء ما انكسر”.
تقول الكاتبة المسرحية “ليس من المفيد إلقاء اللوم على بعضنا بعضًا ومحاولة البحث عمن بدأ، إنها قصة الدجاجة والبيضة”.
وتضيف “علينا أن نرى كيف نتقدم” مشيرة إلى تفكيرها بتقديم عمل مسرحي يوحد اليهود والعرب.
تقول رينستلر “إذا لم نتحدث مع بعضنا لن نصل إلى أي مكان … إنها الطريقة الوحيدة لإعادة بناء الثقة”.