كانبيرا – الناس نيوز ::
كشف تحقيق جديد أن السلطات الأسترالية تفصل في مصير المهاجرين المحتجزين بمراكز الاحتجاز لديها باستخدام منظومة تصنيف سرية غامضة، تصدر أحكاماً وتقييمات خاطئة في كثير من الأحيان.
بحسب التحقيق الذي أجرته أجرته النسخة الأسترالية من صحيفة The Guardian البريطانية، ونشرته الأربعاء 13 مارس/آذار 2024، فإن شبكة مراكز احتجاز المهاجرين في أستراليا تديرها شركةُ “سيركو” Serco البريطانية.
ابتكرت هذه الشركة أداة تقييم للمخاطر الأمنية تُسمى اختصاراً: “إس آر إيه تي” SRAT، ويُستخدم هذا البرنامج لتصنيف المُحتجزين، وتحديد ما إذا كان الميل إلى الهروب أو العنف لدى الشخص المعروض على التقييم ميلاً ذا درجة خطورةٍ منخفضة، أم متوسطة، أم مرتفعة، أم شديدة.
يتولى برنامج التقييم كذلك تصنيف المحتجزين بناءً على مدى خطورة التعامل مع كلِّ واحد منهم أثناء الاحتجاز والمرافقة عموماً، ويُحدِّد ذلك كيفية معاملتهم أثناء نقلهم (مكبلين بالأصفاد أم غير مكبلين)، وأماكن احتجازهم. ولا يُمنح المحتجزون فرصة الاعتراض على تصنيفهم، ولا يُخبرون حتى بوجود هذا البرنامج والتصنيفات المفروضة عليهم.
فيما قال مطلعون على شؤون الهجرة ومُناصرون لحقوق المهاجرين ومُحتجَزون سابقون في هذه المراكز، إن برنامج “إس آر إيه تي” والأدوات الخوارزمية المماثلة المستخدمة في نظام الهجرة الأسترالي “متعسفة” تنتهك حقوق المحتجزين، و”غير خاضعة لمعايير علمية”. وقد خلصت تقارير حكومية متعددة إلى أن التقييمات الصادرة عن هذه الأداة تفتقر إلى الدقة في كثير من الأحيان، وتؤدي إلى عواقب مدمرة لمصير كثيرٍ من المحتجزين.
حيث قال جوناثان هول سبنس، المحامي في “مركز الدفاع عن المصلحة العامة” الأسترالي، إن اختبار “إس آر إيه تي” يُصدر على ما يبدو، “تقييمات مخاطر متشددة”، ويزيد من فداحة الأمر أن السلطات “لم تُحدد إجراءات عملية لفحصِ هذه التقييمات أو إلغائها أو إعادة النظر فيها”.
وصفت وزارة الشؤون الداخلية الأسترالية أداة التقييم بأنها “سلسلة من الخوارزميات الرياضية”، وتستخدم الوزارة إصدارات مختلفة منها منذ عام 2012 على الأقل.
يحسب برنامج الاختبار “درجة خطورة” المحتجَز ودرجة ميله إلى مثل الهروب والاحتجاج وإيذاء النفس استناداً إلى عدة عوامل، منها سجلات سيرته قبل الاحتجاز، والتفاعل مع أكثر من 30 نوعاً من الحوادث المختلفة التي قد يتعرض لها أثناء الاحتجاز، ويشمل ذلك الإساءة للآخرين، والسلوك العدواني، والاعتداء، وحيازة المواد المهربة، والاحتجاج برفضِ تناول الطعام.
على سبيل المثال، قضى “نوروز أنيس” أكثر من ألف يوم في مركز احتجاز المهاجرين بأستراليا، لكنه قضى معظم هذه المدة وهو لا يعرف قط أنه يخضع للتقييم ببرنامج من هذا النوع، ولمَّا حصل على وثيقة التقييم أثناء تحقيق أجرته لجنة حقوق الإنسان الأسترالية، كاد يصاب بـ”نوبة قلبية” من فرط الصدمة.
وقال أنيس إن وثيقة التقييم كانت مليئة بالأحكام الخاطئة والادعاءات الغامضة، فجرحٌ طفيف أصيب به وهو يلعب كرة القدم ذات يوم أدى إلى إدراجه تحت تصنيف “مشتبه في كونه مجرماً”.
من جانبه، خلص مكتب التحقيقات الأسترالية في أكتوبر/تشرين الأول 2023، إلى أن شركة “سيركو” انتهكت خصوصية أنيس، لأنها تقاعست عن التحقق من أن المعلومات الشخصية التي أصدرها برنامج التقييم بشأنه “دقيقة وحديثة وكاملة”، وأُرغمت الشركة البريطانية على الاعتذار لأنيس، ودفعِ تعويضٍ قدره 1500 دولار.
فيما قال محتجزون سابقون إن التقييمات الخاطئة التي يصدرها البرنامج، كثيراً ما تجر عواقب وخيمة على المحتجزين، فقد وجدت لجنة حقوق الإنسان الأسترالية أن بعض المحتجزين الذين أدرجهم البرنامج بالخطأ في تصنيفات عالية الخطورة، نُقلوا إلى مراكز احتجاز مشددة الحراسة، وتعرَّضوا لاعتداءات وانتهاكات هناك.