كانبيرا – الناس نيوز ::
تواجه صادرات الغاز المسال الأسترالي تحديات كبيرة في استمرار منافستها العالمية مع الولايات المتحدة وقطر خلال عام 2023، وسط مخاوف من نقص الإمدادات المحلية.
وتخشى الجهات المنظمة لقطاع الطاقة في أستراليا حدوث نقص في إمدادات الغاز خلال شتاء 2023-2024، ما قد يدخل البلاد في أزمة انقطاعات واسعة للتيار الكهربائي على مستوى قطاعي المنازل والصناعة.
وقالت الشركة المشغلة لسوق الطاقة في أستراليا “إيه إي إم أو”، إنها قد تطلب من الشركات المسيطرة على صادرات الغاز المسال الأسترالي تحويل جزء من إنتاجها الزائد إلى العملاء المحليين، لسد أي عجز محتمل خاصة في فصل الشتاء، وفقًا لوكالة رويترز.
ومن المتوقع أن تتعرّض ولايات الجنوب في أستراليا إلى مخاطر حدوث نقص أكبر في إمدادات الغاز الطبيعي خلال الشتاء المقبل، مع استمرار النقص في درجات متفاوتة لسنوات أطول، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وتحتاج أستراليا بصورة عاجلة إلى استكمال مشروعات البنية التحتية الجديدة لتخزين الغاز وتطوير خطوط الأنابيب، لتعزيز قدرتها على ضخ المزيد من الإمدادات إلى السوق المحلية، وفقًا للرئيس التنفيذي للشركة الأسترالية المنظمة لسوق الطاقة دانيال ويسترمان.
ويحذّر ويسترمان من احتمال حدوث نقص كبير في إمدادات الغاز المحلية خاصة في فصول الشتاء بداية من 2023 وحتى عام 2026، إذا لم يكن مستوى المخزونات كافيًا لتلبية الطلب.
وتخطط أستراليا للتوسع في مشروعات الطاقة المتجددة بفروعها المختلفة، لتلبية جانب كبير من الطلب المحلي على الكهرباء بحلول عام 2030، إلا أن تكاليف القطاع ما زالت مرتفعة، ما يعزّز اتجاه الطلب على الغاز لسنوات ليست بالقصيرة.
وتعوّل الشركة الأسترالية على التوسع في مشروعات إنتاج الغاز الطبيعي بالبلاد، لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة حتى عام 2026، أو تسريع خطط الطاقة المتجددة بصورة كبيرة.
وتشتكي الشركات المنتجة للغاز في أستراليا تدخل الحكومة في أسواق الطاقة، ما يجعلها مترددة في ضخ استثمارات جديدة في القطاع.
وتفرض الحكومة الأسترالية قيودًا على تسعير الغاز المحلي منذ العام الماضي (2022)، أسوة بدول أوروبا التي لجأت إلى الأسلوب نفسه لتخفيف حدة أزمة الطاقة على المواطنين بسبب الحرب الروسية الأوكرانية التي لم تهدأ حتى الآن.
وحقّقت أغلب شركات النفط والغاز عوائد وأرباحًا قياسية خلال العام الماضي في أغلب دول العالم، بسبب اشتعال الأسعار العالمية أضعافًا مضاعفة على خلاف الزيادات التدريجية المألوفة في القطاع.
وفرضت الدول الأوروبية ضرائب استثنائية مفاجئة على أرباح شركات النفط والغاز المحققة في العام الأول من الحرب الأوكرانية، وسط توقعات بتمديد سريان الضريبة في حالة استمرار الحرب للعام الثاني.
كما وتطالب رابطة منتجي النفط الأسترالية بإصدر خطط واضحة من قبل الحكومة لمعالجة نقص الإمدادات المحلية بوسائل أخرى غير التدخل في التسعير الذي يهدد الاستثمار في القطاع، وفقًا لرئيسة الرابطة سامانثا مكولتش.
كما تطالب الرابطة بسرعة تنفيذ خطط إنشاء أول محطة استيراد للغاز المسال في أستراليا بولاية نيو ساوث ويلز، لما في تأخيرها من تأثيرات سلبية محتملة في نقص الإمدادات المحلية.
ومن المقرر إنشاء هذه المحطة في ميناء كيمبلا عبر شركة سكوادرون إنرجي، لكنها تواجه حالة من عدم اليقين تؤثر بشدة في قدرتها على جذب استثمارات شركات النفط والغاز في أستراليا.
على الجانب الآخر، يرفض وزير الطاقة الأسترالي كريس بوين، أي محاولة للربط بين مخاوف الشركات من ضخ استثمارات جديدة في القطاع، وبين تدخل الحكومة بوضع حد أقصى لأسعار الغاز المحلي لمدة 12 شهرًا.
ويحتج الوزير الأسترالي على شركات النفط والغاز بتذكيرها بأسعار ما قبل عام 2022، التي كانت أقل بكثير من الحد الأقصى الذي فرضته الحكومة في ظرف استثنائي غير مألوف منذ عقود.
وعانت أستراليا ارتفاع أسعار الكهرباء والغاز بصورة قياسية خلال العام الماضي، مثل غيرها من دول العالم، كما تعرّضت محطات الكهرباء العاملة بالفحم لانقطاعات متكررة زادت من ثقل أزمة الطاقة في البلاد خلال 2022.
وتنتج أستراليا الغاز الطبيعي بكميات ضخمة تتجاوز احتياجاتها المحلية، وتُعد من أكبر 3 مصدرين للغاز المسال على مستوى العالم حتى عام 2022، غير أن أزمة النقص في الإمدادات ربما تقوّض قدرتها التنافسية العالمية خلال 2023 وما بعده.
وسجلت صادرات الغاز المسال الأسترالي عائدات قياسية بقيمة 90 مليار دولار خلال عام 2022، مقارنة بـ48 مليار دولار خلال 2021، لأول مرة في تاريخ القطاع، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
ورغم ارتفاع عوائد التصدير فإن حجم الصادرات نفسه لم يزد كثيرًا، ليسجل 81.4 مليون طن متري في 2022، مقارنة بـ81.1 مليون طن متري خلال عام 2021.
وأسهم هذا الارتفاع القياسي في مزاحمة أستراليا لقطر على المركز الثاني عالميًا، بعد الولايات المتحدة المتصدرة لقائمة أكبر المصدرين للغاز في عام 2022، وفقًا لتقديرات وكالة بلومبرغ.
واستحوذت الأقاليم الشمالية والغربية في أستراليا على نصيب الأسد من صادرات عام 2022، بنسبة 71% خلال عام 2022، في حين حصل إقليم كوينزلاند على النصيب المتبقي (29%).
وترجح تقديرات المراقبين خروج صادرات الغاز المسال الأسترالي من المنافسة على الصدارة العالمية خلال عام 2023، لأسباب عديدة، من بينها تراجع احتياطيات حقل غاز بايو أوندان، ومشكلات تشغيل حقل باروسا المتنازع عليه قضائيًا لأسباب بيئية، بالإضافة إلى نقص الإمدادات المحلية التي قد تدفع الحكومة إلى تقييد التصدير.