أمستردام – الناس نيوز ::
رحبت منظمة “هيومن رايتس ووتش” بقرار السلطات الهولندية تعليق إجراءات إعادة طالبي اللجوء السوريين الفارين من الدنمارك، بموجب اتفاقية “دبلن”، بشكل تلقائي، معتبرة ذلك خطوة هامة إيجابية للتصدي لخطة الدنمارك بترحيل السوريين إلى المناطق التي تصنفها “آمنة”.
A court in the #Netherlands has just made #Europe safer for all Syrian refugees.
The Netherlands can no longer automatically transfer refugees to #Denmark under the Dublin system because of the risk of their forced return to Syria. 👇🏽https://t.co/TxxUh6ZprT pic.twitter.com/QN8yq253VD
— Nadia Hardman (@Nadia_Hardman) August 4, 2022
في 6 تموز/يوليو الماضي، أصدر مجلس الدولة الهولندي قرارا لصالح طالبي اللجوء السوريين، ينص على استثناء السوريين القادمين من الدنمارك من إجراءات “دبلن”، أي أن السلطات الهولندية لن تجبر السوريين على العودة إلى الدنمارك في الحالات التي لم يتمكنوا فيها من تجديد تصاريح إقاماتهم.
وبموجب اتفاقية دبلن، تعتبر الدولة الأوروبية الأولى التي يصل إليها طالب اللجوء هي المسؤولة عن معالجة طلب لجوئه، وبالتالي يحق لأي دولة أوروبية ثانية يصل إليها الشخص أن تعيده إلى تلك الدولة التي وصل إليها أولا بشكل تلقائي. أي أنه من الناحية النظرية، يحق لهولندا أن تعيد طالبي اللجوء السوريين الذين كانوا مقيمين في الدنمارك.
لكن قرار المحكمة الهولندية الأخير، لم يعد يتيح للسلطات إعادة إرسال السوريين إلى الدنمارك بشكل تلقائي، بل ستحتاج هولندا إلى إجراء تقييم فردي لكل حالة قبل النظر في عملية النقل، بسبب خوفهم من أن ترحّلهم الدنمارك إلى سوريا حيث يعتبرون أن حياتهم مهددة للخطر.
الخوف من الترحيل إلى سوريا يأتي بعد إعلان الحكومة الدنماركية في آذار/مارس العام الماضي عن تصنيف محافظتي دمشق وريفها كمناطق “آمنة”، يمكن ترحيل السوريين إليها، ما جعل السلطات ترفض تصاريح إقامة لمئات اللاجئين السوريين في الدنمارك.
يعني هذا القرار نظريا، أنه يمكن ترحيل اللاجئين السوريين عند انتهاء صلاحية تصاريح إقاماتهم وعدم إمكانية تجديدها. لكن عمليا لا تستطيع حتى الآن الدنمارك أن ترحّلهم فعليا إلى دمشق، في ظل استمرار انقطاع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وعدم وجود اتفاق مع حكومة النظام السوري.
مع لجوء مئات آلاف السوريين إلى أوروبا على مدى العقد الماضي، لم تستقبل الدنمارك سوى حوالي 30 ألفا منهم. ورغم تنامي حركات اليمين المتطرف في الدول الأوروبية وتشديد الإجراءات الإداري بالنسبة لطالبي اللجوء، تعتبر الدنمارك الدولة الأوروبية الوحيدة التي أعلنت عن تصنيف مناطق آمنة في سوريا تنوي ترحيل طالبي اللجوء إليها، رغم التقارير الحقوقية التي تتناول الانتهاكات التي يتعرض إليها السوريون في ظل النظام الحاكم.
واعتبرت الباحثة ناديا هاردمان في منظمة “هيومن رايتس ووتش” أن “خطوة الدنمارك المثيرة للجدل” و”فتح الباب أمام العودة المحتملة لمئات اللاجئين السوريين” تشهد تراجعا في زخمها، معتبرة أن القرار الهولندي يشير إلى أن الدنمارك لا تلتزم باحترام المعاملة الإنسانية.
ويحق لجميع السوريين الذين لم يتمكنوا من تجديد إقاماتهم، استئناف قرار الرفض أمام لجنة قضاة في محكمة كوبنهاغن. لكن في حال استنفاذ جميع السبل القانونية، ينقل المهاجرون إلى مراكز الترحيل، حيث تحتجزهم السلطات لفترة غير محددة.
لكن تظهر الأرقام الرسمية أنه من بين أكثر من 250 سوريا أُلغيت تصاريح إقامتهم وقدموا طعونا، كانت القرارات الإيجابية أكثر بكثير من قرارات الرفض. في 71% من الحالات، ألغى “مجلس طعون اللاجئين” الدنماركي قرارات إزالة الحماية المؤقتة عن اللاجئين السوريين ومنحهم وضعية اللاجئ.
منذ بداية العام الجاري وحتى أيار/مايو الماضي، أصدر القضاء قرارات إيجابية لـ54 شخصا، من أصل 76 طلبا، ومنحتهم السلطات بالتالي تصاريح أقامة دائمة.
وقالت هاردمان “من المدهش أن يكون من الضروري تذكير الدنمارك بأن ما من منطقة سورية آمنة ليعود اللاجئين إليها. تخضع البلاد بشكل كبير لسيطرة السلطات المسؤولة عن جرائم ضد الإنسانية ضد مواطنيها، مدعومة بشبكة من الأجهزة الأمنية التابعة للدولة”.
خلص تقرير أصدرته “هيومن رايتس ووتش” مؤخرا إلى أن اللاجئين السوريين الذين أعيدوا من لبنان والأردن بين 2017 و2021 واجهوا انتهاكات حقوقية واضطهاد من قبل الحكومة السورية والميليشيات التابعة لها. تتمسك “المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين” بموقفها المتمثل في أن العودة إلى سوريا ليست آمنة وبأن المفوضية لا تُسهل العودة ولا تُروج لها. كما أنها تدعو الدول المضيفة إلى الحفاظ على تدابير حماية اللجوء للاجئين السوريين.
لكنها حذرت في الوقت نفسه من أن ذلك لا يعني أن الدنمارك ستتراجع عن قرارها، متساءلة “كم من الوقت ستحتاج دائرة الهجرة في الدنمارك لتفهم أن سوريا ليست آمنة ولتلغي تصنيفها الخطير؟”.