الناس نيوز – برلين – حسام حميدي: يسعى أغلب اللاجئين العرب في ألمانيا للالتزام بتعليمات الحجر الصحي التي فرضتها حكومة ألمانيا الاتحادية وحكومات الولايات بهدف كبح انتشار فيروس كورونا، وأبدوا ثقتهم بها، لكن يمكن مع ذلك تلمس الخوف من الفيروس وخاصة هاجس “الموت وحيداً” لدى من يعيشون وحيدين في منازلهم.
وكانت الحكومة الاتحادية أصدرت مطلع الأسبوع الماضي قرارات غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية بهدف الحد من انتشار فيروس كورونا الذي تجاوز حد الـ 58 ألف إصابة في عموم الولايات، من ضمنها إغلاق الحدود، ووقف الطيران، بالإضافة إلى وقف العمل بملفات اللاجئين وتعطيل المدرس ومراكز الخدمة النهارية.
كما فرضت إغلاقاً عاماً على المطاعم والمقاهي والشركات غير الحيوية، إلى جانب تأجيل امتحانات الثانوية العامة ووقف الدوري العام لكرة القدم وحظر التجمعات لأكثر من شخصين، إلى جانب إلغاء المهرجانات والفعاليات.
ثقة ولكن…
وأعرب لاجئون عرب في ألمانيا، عن ثقتهم بإجراءات الحكومة الألمانية لمواجهة التفشي، على الرغم من تزايد أعداد المصابين في عموم البلاد.
ويقول حازم خميس ” للناس نيوز ” وهو شاب لاجيء في ولاية زارلاند، جنوب ألمانيا، أن الحكومة “كانت على مستوى الأزمة”، وأضاف: “كان من الأفضل لو أن الحكومة اتخذت إجراءاتها في وقت مبكر قليلاً، لعل ذلك كان سيسهم في تخفيف عدد الإصابات “.
ولفت الشاب العامل في إحدى شركات تعبئة المياه، إلى أن أكثر ما يثير الإعجاب في تصرف الحكومة الألمانية، كان الحرص على تأمين الحاجات الأساسية للناس، من غذاء وأدوية، بالإضافة إلى دعمها للشركات المتضررة من الإغلاق العام، ما يعكس أن الدولة الألمانية درست آثار المرض من كافة النواحي، على الأخص من الناحيتين الاقتصادية والصحية، قبل إصدار قراراتها.
من ناحية ثانية، لفت “خميس” إلى أنه لم يتمكن من الالتزام تماماً بالإجراءات، لا سيما الدعوة للبقاء في المنزل، بسبب عمله، مشيراً إلى أن الشركة التي يعمل بها لا تزال تعمل بدوام جزئي، مؤكداً في الوقت ذاته التزامه ببقية الأمور الأخرى.
الموت وحيدا
خلق انتشار الفيروس خوفا عالميا وفرض على نصف سكان الكرة الأرضية حجر أنفسهم خوفا من الموت اختناقاً. وبالنسبة للاجئين الذين فروا من الموت والحروب والفقر والتخلف ، يخلق الخوف من الموت بسبب الفيروس مشاعر متناقضة، فنجد من يسلم أمره تماما ويرى أن “من له عمر لن تقتله شدة”، لكن هناك من يخشى الفيروس بشكل خاص لأنه نجى مرة ولا يريد أن يخوض التجربة مرة أخرى.
ونظرا لتعقيدات ملفات اللجوء وتأخر ملفات لم الشمل، تضطر نسبة عالية من اللاجئين للعيش وحيدين بعيداً عن أسرهم، وتتراوح أعمارهم بين 18 و50 عاماً، وهؤلاء يعانون هاجساً خاصاً هو “الموت وحيداً”. كما أن الأعراض الشديدة للمرض قد تجعل المريض غير قادر على تلبية حاجاته بنفسه، حسب لاجئين تحدثت إليهم “الناس نيوز”.
حامي البلاد الأول
ويرى الطالب الجامعي سامر محمد من سكان ولاية شمال الراين، غرب ألمانيا، إن التزم البقاء في المنزل منذ صدور قرار تعطيل الجامعات في ولايته، إلا أن شقيقه لا يزال يذهب بشكل يومي إلى عمله على اعتبار ان بعض الشركات تواصل عملها.
ويلفت محمد إلى ما وصفه بـ”الجهد الجبار”، الذي بذلته الطواقم الطبية الألمانية لمواجهة انتشار المرض، لا سيما على مستوى الممرضين، مضيفاً: “أثبت فرق الممرضين والممرضات، خلال الأزمة الحالية أنهم الحامي الأول للبلاد، كما وصفهم الساسة الألمان، واعتقد أنه من الإنصاف أن تعيد الحكومة النظر بقرارها السابق بتخفيض أجورهم، بعد كل ما قدموه لها على مدار أسابيع ماضية، وأسابيع قادمة”.
إغلاق الحدود
وفي مدينة فرايبورغ الحدودية مع فرنسا، اعتبر الشاب مهند محسن الموظف في إحدى شركات تصنيع لواحق السيارات، أن الخطوة التي اتخذتها مدينته بإغلاق الحدود مع مدينة ستراسبورغ الفرنسية، القريبة منها، كانت خطوة على الطريق الصحيح، على اعتبار أن إقليم الألزاس الفرنسي، الذي تقع فيه ستراسبورغ، هو أكثر الأقاليم الفرنسية تأثراً بالمرض، إلا أنه أشار في الوقت ذاته، إلى أنها خطوة جاءت متأخرة قليلاً.
وأضاف الشاب في حديثه ” للناس نيوز ” ذو الـ 32 عاماً أن “المدن القريبة من الحدود الفرنسية وتحديداً كيل وفرايبورغ وأوفنبورغ تمثل مركز تسوق أساسي للفرنسيين نظراً لاختلاف الأسعار والقرب الجغرافي، وخلال بداية ظهور كورونا، زاد توافد الفرنسيين على تلك المدن للتبضع، وربما هذا سبب تأخر إغلاق الحدود بعض الشيء”، لافتاً إلى أن إجراءات مدينته بالمجمل كانت على مستوى الأزمة، خاصةً وأنها كانت أول مدينة ألمانية تطبق الإغلاق العام وتعطيل الشركات.
وقال “محسن” إنه يعيش مع شقيقه الأصغر في ذات المنزل وكليهما ملتزمان بالإجراءات، وأن خروجهما مرتبط بالأمور التي سمحت بها الحكومة الألمانية، كالسير قليلاً من الوقت والتبضع والقيام ببعض الأمور الضرورية.
وتشارك فاطمة التي تعيش وحيدة بعيدة عن أهلها باقي المتحدثين للناس نيوز خوفها من هذه العزلة ، وان الحياة لا تحتمل ان يكون المرء وحيدًا رغم انه في قلب العالم وبين ملايين من الناس في زمن العولمة لكن كورونا حول كل إنسان ان يكون وحيدًا فما بالنا اذا كنا لاجئين