مسقط – الناس نيوز ::
أعطى عدد النساء المرشّحات لانتخابات مجلس الشورى المقرّر إجراؤها الأحد القادم في سلطنة عمان مؤشّرا مسبقا على ضآلة الآمال في تمكّن المرأة العمانية من توسيع حضورها في المجلس وتخطّي عتبة المقعدين التي لم تتجاوزها منذ منحها حقّ الترشّح في سنة 1994.
وأظهرت أرقام رسمية بلوغ عدد المرشحين لانتخاب أعضاء مجلس الشورى في فترته العاشرة 738 مرشحا بينهم 31 امرأة، وبلوغ عدد الناخبين 753690 ناخبا بينهم 362844 ناخبة.
وتبدو نسبة المرشّحات ضئيلة قياسا بعدد المرشحين الذكور. لكن الأرقام لا تمثّل المشكلة الأساسية بحسب مراقبين، حيث تظل إمكانية انتخاب عدد كبير من المرشّحات واردة نظريا لكنّها صعبة التحقّق واقعيا لأسباب تتعلّق أساسا بطبيعة المجتمع العماني وأيضا بسياسات الدولة حيث يسجّل تأخر نسبي في عملية التمكين للمرأة في السلطنة قياسا ببلدان عربية أخرى، وإن كانت الإرادة السياسية في البلد قد حاولت خلال السنوات الأخيرة تدارك ذلك التأخّر.
ويضم مجلس الوزراء العماني حاليا ثلاث وزيرات من بين 22 وزيرا، بينما يضم مجلس الدولة 12 امرأة من بين 86 عضوا. وتشغل امرأتان فقط مقعدين في مجلس الشورى الحالي المكون من ستة وثمانين عضوا انتخبوا سنة 2019 من بين 637 مرشحا بينهم أربعون امرأة. ورغم أنّ حقّ الترشّح والانتخاب أصبح مكفولا للمرأة العمانية بحكم القانون إلاّ أن الطبيعة الذكورية والسمة المحافظة للمجتمع العماني تحدّان من المشاركة السياسية للمرأة وتحولان دون عملها في عدد من الميادين التي ما تزال شبه مقتصرة على الرجال.
ولا يتوقّع مراقبون وجود عدد كبير من الناخبين الذكور المستعدّين لانتخاب نساء لتمثيل مناطقهم في مجلس الشورى، لكن المشكلة تغدو مضاعفة، بحسب هؤلاء، عندما تُظهر عمليات سبر آراء يجريها إعلاميون على نطاق محدود أنّ غالبية النساء المشاركات في الاقتراع يفضلن بدورهن انتخاب رجال، في ظاهرة تفسّر بتغلغل المنظور التقليدي للمرأة بين جميع فئات المجتمع إناثا وذكورا.
وثمة من يذهب إلى تحميل المرأة العمانية ذاتها جزءا كبيرا من نشر الثقافة الذكورية عبر نقلها إلى الأطفال الأقرب دائما إلى الأمهات باعتبار أن تنشئتهم جزء من صميم اختصاصهن وفقا للتقسيم التقليدي للمهام الذي يعطي المرأة مسؤولية القيام بشؤون البيت وتربية الأطفال.
وتقول عهود بنت سعيد البلوشي الرئيسة التنفيذية لمركز دراسات المرأة إنّه “على الرغم من تطور التشريعات والقوانين التي تتيح للمرأة تولي مناصب قيادية سواء في السلطة التشريعية أو التنفيذية إلا أنَّ نسبة وجودها في مواقع صنع القرار لا تزال قليلة”، داعية في تقرير نشرته وكالة الأنباء العمانية الرسمية بمناسبة انتخابات مجلس الشورى إلى “تكاتف الجميع لوضع آليات لضمان تمثيل متوازن للمرأة في المجلس”، ومعتبرة “أنّ التحديات التي تواجه المرأة تحديات مجتمعية في المقام الأول تكمن في العقلية الاجتماعية الجمعية، إضافة إلى الحاجز النفسي الذي يرتفع مع كل إخفاق في كل دورة” انتخابية.
وعلى الرغم من وجاهة التفسير الثقافي والمجتمعي لمحدودية المشاركة السياسية للمرأة العمانية، إلاّ أنّ البعض لا يعفي قوانين الدولة من جزء من المسؤولية على الظاهرة. ولم تستجب الدولة إلى حدّ الآن إلى مطالبة نشطاء سياسيين بينهم الكثير من النساء بإقرار نظام الكوتا في الانتخابات وذلك على غرار ما تلجأ إليه كثير من البلدان عبر تخصيص نسبة للنساء في المجالس والهيئات المنتخبة بما يضمن حضورا عادلا ودائما للنساء في تلك الهيئات.
وكتبت الحقوقية العمانية حصة البادية في وقت سابق مدافعة عن مقترح الكوتا النسائية في مجلس الشورى مؤكّدة أنه لا يحمل أي مخالفة دستورية، ومذكّرة بأنه معمول به في بلدان أوروبية وعربية مختلفة وبأشكال مختلفة. كما اقترحت ما سمّته “شكلا يناسب طبيعة السلطنة ويناسب طبيعة توزيع التمثيل البرلماني فيها” بحيث يكون الانتخاب “على مبدأ تمكين المرأة بقرار منحها أحد الصوتين في كل الولايات المتضمنة لصوتين، وذلك بتفعيل آليتين تمكنان من ذلك: الأولى هي منح كل ناخب فرصتي ترشيح إحداهما للمرأة بالضرورة، والثانية في اختيار الصوت الثاني للمرأة الحاصلة على أكبر نسبة أصوات في ولايتها”.
ويمتلك مجلس الشورى العماني صلاحيات تشريعية ورقابية من بينها مناقشة مشاريع القوانين التي تحمل صفة الاستعجال وإقرار أو تعديل مشاريع القوانين التي تعدها الحكومة ومناقشة مشاريع خطط التنمية والميزانية السنوية للدولة، واستجواب أي من وزراء الخدمات في الأمور المتعلقة بتجاوز صلاحياتهم المخالفة للقانون. وينتخب أعضاء المجلس من قبل الشعب العماني ويمثل كل ولاية يقل عدد سكانها عن ثلاثين ألفا عضو واحد، بينما يمثل عضوان كل ولاية يزيد عدد سكانها على ثلاثين ألف نسمة.