د.ممدوح حمادة – الناس نيوز
أبو عدنان متقاعد في حوالي السبعين من العمر، تشعر عندما تراه بأن جنازير الزمان الثقيل قد عبرت من فوقه كثيرا، وجعلكته إلى أقصى درجة يمكن فيها جعلكة إنسان على قيد الحياة.
شاهدته اليوم في شارع الروضة يجر إلى جانبه دراجته العتيقة التي لم أره يركبها يوما، وبما أننا لم نلتق منذ أكثر من ستة أشهر فقد تبادلنا بوسات الشوارب، وبعد السلام والكلام نظر إلى دراجته وقال موضحاً وكأنه قرأ أفكاري عن سبب عدم ركوبه الدراجة:
(من يوم اللي سرقولنا المنفاخ ما عدنا استرجينا نركب عليها، الدواليب منفسين على طول بيتقرقط الجواني وتعا رقع عاد..
يا زلمي الواحد ما عاد يسترجي يدير ظهره دقيقة.. غفلت عيني عن البسكليت شوي طار المنفاخ.. هداك النهار البسكليت كلها كانت رح تطير.. رحت عالجامعة ربطتها بالسجرة بجنزير وفتت من شان أعمل تركيبة رجعت لقيت واحد عم يجرب يقطع الجنزير بس شافني جاي هرب.. رحت عالجامعة لأنها ببلاش التركيبة..
إذا معك شي روح لهونيك لا تروح لعند الدكتور.. بيتقاتلو عليك هنيك بس بدهن زبون يتعلموا فيه.. بالجامعة عملناها من غير ما نحط ولا فرنك عند الدكتور بتكلف ست ألاف..
من وين بدي جيب الست ألاف؟ قلت بعملها بالجامعة بس مش زابطة منوب.. بس حطها بيصير يوجعني من فوق ومن تحت.. يمكن هذا الطالب اللي أخذني حمار ما بيعرف..
مش فارقة معه طالما في حمير نَوَر متلي يتعلم فيها البيطرة..
كمان ما النا عليه شي للزلمة.. وبيجوز الوجع لأنه بعد فيه كم سن بتمي بلا ما نظلمه للزلمة بيجوز مش حمار.. بكرا بعد بكرا بروح لعنده.. عطاني رقم تلفونه.. بقله يقلعلي ياهن ويعملي تركيبة جديدة…
والله نعمة يا أخي هالجامعة.. لو بيعملوا بتبع العيون متل تبع السنان كانوا ريحونا.. رحنا عالدكتور تبع العيون قلنا بيكتبلنا على قطرة، بيكتبلنا شغلة لأنه عيوني وجعوني شوي.. قام طلع معنا تلات درجات نقص باليمين وتنتين ونص بالشمال بعيد وقريب.. بدل ما يكتبلنا على قطرة طرقنا نظارتين وحدة للبعيد ووحدة للقريب مشان القراية..
قول قراية ما منقرا، نسقناها تبع القريب، بس تبع البعيد ما فينا بتلزمنا منشان نتص قدامنا.. كلفتنا يا أخونا ألف وأربع مية ليرة قال نوع منيح.. على أساس ضد الكسر.. من كم يوم وقعت انكسرت شقفتين..
عالحصيرة وقعت لو عالبلاط نص مصيبة.. هلق جيت بدي الحمها قال بتكلف فوق المية ليرة.. عم نستنى حتى يصير معنا مصاري منشان نلحمها مو كاين يصير.. من وين بده يصير..
أولة مبارح كان معي خمسة وعشرين ليرة مخليها احتياط لساعة الضيقة.. إجو تنين سألوني عن دخلة القوس..
صرت أشّرلهن ما كانو يفهموا عليي، قلت الظاهر غرب الجماعة.. رحت معهن دليتهن.. وأنا راجع مديت إيدي على جيبتي وإلا الجزدان طاير.. نشترونا ولاد الكلب..
أنا حاشي وراق كثير بالجزدان تخمين فكروه محشي مصاري.. يمكن سبولي لشبعوا بس فتحوه ههههههه.. الخمسة وعشرين ليرة اللي كنا شايلينها طارت.. قول الخمسة وعشرين ليرة حدها جهنم.. المصاري بتروح وتجي.. بتتعوض..
بس الهوية بالجزدان وهالأيام ضيع ابنك ولا تضيع هويتك.. بهدلة.. من شان ما يعملوني خاين وعديم وطنية رحت دغري عالمخفر عملت زبط عطوني رقمه.. اليوم عم يقلي واحد إنه بيطلعلي نسخة من الزبط.. رحت لجيبو طلبو مني الرقم.. أنا كاتبه على ورقة.. مديت إيدي على جبتي ما لقيتها.. ضربتلهم رقم من عندي طلع مش هوي..
تذكرت أني حاططها بصفط الشكلاطة.. عندي صفط شكلاطة فاضي منظر حلو عجبني.. بحط فيه هالوراق.. رحت عالبيت اتطلعت بالصفط الورقة مش هونيك..
نكشت البيت فوقاني تحتاني ما لقيتها.. وين راحت غير ربك ما بيعرف.. بس لا مش بس ربك بيعرف.. أنا كمان بعرف.. ما في غيره الصغير الله لا يكبره..
محنة يا زلمة.. حدا بيخلف محنة؟ بس يخلص جامعه بدي اكحشه من البيت.. من شان ما يقول إنه بسبب ما كفا جامعة.. من شان ريح ضميري رح استنا حتى يتخرج.. يا زلمة مدري أيا ابن ستين صرماية مطالع عليي إشاعة أني مخبي ليرات ذهب، وهذا الحمار الصغير مصدق..
رغم أني ما خليت شغلة ما حلفتله عليها.. بس مو كاين يصدق.. كل ما رحت عالبيت بلاقيه ناعف البيت نعف، عم يدور على ليرات الذهب.. أولة مبارح رجعت عالبيت.. بأرض الديار هالبلاط عم يلق بس ادعس عليه.. مقبع البلاط الكلب.. بشرفك أنا شكلي شكل واحد مخبي ذهب؟..
أكيد هوي اللي مضيع الورقة.. يلا بلا ما وجعلك راسك.. ميل ميل لنشتربلنا كاسة شاي نحنا وإياه.. بلكي بتفهمه لهالحمار أنها إشاعة.. ميل ميل..