ملبورن – من جوني عبو- الناس نيوز ::
ينشغل النائب عن حزب العمّال الحاكم في أستراليا بيتر خليل، ذو الأصول المصرية، بكثيرٍ من الملفّات الساخنة التي يهتمّ بها، أو التي هي جزء من مهامه.
يعتبر النائب “البراغماتي” حسب وصف البعض له، من الأسماء البارزة في أوساط المواطنين الأستراليين من الثقافات العربية، فهو يُجيد لغتهم، ويعرف الكثير من ثقافتهم، عَملَ لفترةٍ في المنطقة العربية ممثِّلاً لحكومة بلاده، فضلاً عن ذلك، هو دائم الحركة والحضور في معظم المناسبات، وهو يقول إن دوره خدمة بلده ومجتمعه، مهما اختلف الآخرون معه ومع سياسات حزبه العمّالي.
ويفاجئ خليل أحياناً ناخبيه بمواقفه، لا سيما المحافظين منهم، ومثال ذلك موقفه الأخير من قضية “الجندر” في البطاقة الأسترالية، وتأييده لها في البرلمان، لكنه بالمقابل يوثّق إنجازات حزبه الحاكم، من حيث دعم المجتمع وتخفيف الضغوط عنه، ومكافحة موجة الغلاء غير المسبوقة، شارحاً الكثير من القضايا التي يدور حولها نقاش ساخن، في مجتمع اعتاد الرفاهية والتنوّع الديمقراطي، وتبادل أدوار السلطة بين حزبي الأحرار والعمّال.
هنا حوارٌ طالَ عدداً من القضايا الحيوية، والتي بالطبع لم تُنسِنا باقي القضايا المهمة الأخرى، والتي لم يتسع الوقت لمعالجتها في هذا الحوار، بانتظار أن نتطرّق لها في حوارٍ آخر معه، أو مع نوّاب ومسؤولين آخرين.
حوار في مقابلة –
ما الذي قدّمه النائب بيتر خليل لناخبيه ومنطقته بعد دخوله البرلمان الأسترالي الفيديرالي؟
من أول يومٍ انتخابي في البرلمان الفيدرالي كان تركيزي على خدمة مجتمعنا وناخبينا، وهذا العمل نستطيع إنجازه بعدة أساليب وطرق، نحن نساعد ناخبينا في كل القضايا ضمن القانون، ونسهّل حياة اندماجهم في مجتمعنا، نحن نستقبل المهاجرين كما هو معروف من أنحاء العالم، نساعدهم كذلك في قضايا الهجرة والفيز( تأشيرات الدخول)، وكذلك قضايا التعليم وفرص العمل، والطبابة وكل شيء تقريباً، وذلك كي يسهموا في دعم مجتمعنا، بعد أن ينجحوا في حياتهم الجديدة في أستراليا، ويصلوا إلى أهدافهم وطموحاتهم في عيش حياةٍمستقرّة ، نحن لا نوفّر أي فرصةٍ نستطيع من خلالها دعم ناخبينا ومجتمعنا، هذا واجبنا وعملنا كل الوقت.
وهل تشعر برضا المجتمع وخاصّةً الجاليات العربية؟
أعتقد يمكنني قول نعم، لكن في نفس الوقت، وكما يُقال في الثقافة العربية هناك مثلٌ، يوجد ما يوازيه في الثقافة الإنكليزية، إرضاء الناس غاية لا تُدرك، لكنالاستمرار في العمل والنشاط لتحقيق أعلى وأكبر نسبة من تلبية احتياجات وطلبات مجتمع ناخبينا المحليين، سيخدم لاحقاً مجتمعنا الأسترالي الأوسع.
وهل تعتقد أن هذا الأمر ينطبق على مختلف الثقافات التي تتعامل معها، سواء العربية وهي أيضاً متنوّعة (مصريين – سوريين – عراقيين- فلسطينيين – لبنانيين- مغاربة ، الخ )، أو باقي الثقافات والجنسيات؟
طبعاً، هذا مهم وينطبق على الجميع مع الإقرار بالاختلافات بين الشعوب التي تأتي من خلفيات ثقافية متنوّعة، هذا يلعب دوراً، لكن نحن نقوم بعملنا من أجل الجميع، مؤخّراً جلبت الحكومة الأسترالية مئات الفلسطينيين، ومنحت نحو 3 آلاف تأشيرة دخول لهم إلى أستراليا، يصلون تباعاً.
حصل جدلٌ في البرلمان وفي الإعلام (الرأي العام) الدوائر الرسمية … حول هذه النقطة، ووقع الاتهام على الحكومة العمّالية أنها لم تتقيد كثيراً بالمعايير الأمنية، كما تعرف أستراليا تصنّف حماس وحزب الله على قوائم الإرهاب؟
الجميع يخضعون للتدقيق الأمني، وكل الإجراءات اتخذت ضمن القوانين وبنفس الخطوات، قد يحصل أحيانًا زيادة في الفحص والتدقيق على بعض الطلبات، ولكن كل شيء تتمّ معالجته من الجهات المختصّة، وإذا وجدوا أن هناك أموراً غير قانونيةٍ سيتمّ حينها إلغاء الطلبات، وتوقيف التأشيرات، وهذا ما حصل ويحصل.
كما تعرف بيتر، فإن الشريحة الأوسع من الأستراليين لديهم معاناة مؤخّراً، جرّاء موجة غلاء كبيرة ورفع أسعار الفائدة والآجارات، وكل مستويات الحياة المعيشية، الناس يُلقون باللوم على حكومة العمّال، وأنت من الحزب الحاكم؟
الحكومة تحاول جاهدةً تخفيف الضغوط، وعلى سبيل المثال الحكومة أعطت إلى نحو3 ملايين من الأستراليين ” تكس كاط”، وكذلك ساعدت الحكومة في فواتير الكهرباء، والأعمال الصغيرة، وقدّمت 300 دولار لكل منزل لدعم الطاقة، وأعتقد أن الجميع لمسَ مساعدات الحكومة، لكن للأسف التضخّم يأكل كل شيء، وكان التضخّم بحدود 6 بالمائة، تم تخفيضه لنحو 3 بالمائة، نحن نعرف أن المطلوب من الحكومة المزيد والمزيد من الدعم المجتمعي، بالتأكيد ستستمر الحكومة في محاولاتها الجادة لدعم المجتمع، وتخفيف الضغوط من تكاليف الحياة المعيشية.
هل تتوقّع فوز حزب العمّال الحاكم في انتخابات العام القادم 2025؟؟
أتمنّى ذلك، لكن لا شيء مضمون مئة بالمائة، نحن في بلدٍ ديمقراطي، ومحاكمة الناس وإحكامهم لا يمكن توقعها، لكن واجبنا أن نفعل كل شيء جيد، ومن حقّمواطنينا التعبير عن آرائهم بكل حرية، لقد قمنا بخطواتٍ كثيرة في شتى القطاعات؛ في السياسات الداخلية والخارجية، وكذلك في المساعدات الإنسانية،تماشياً مع قيمنا الإنسانية الأسترالية.
وبتقديري، أهمّ نقطة لدى الناس هي الاقتصاد، هي أولوية كل المجتمعات، ومن ثم تأمين باقي الاحتياجات الرئيسية كالتعليم والطبابة والسكن والبنى التحتية الخدمية والأمان، والعيش بسلام في مجتمع خالٍ من العنف قدر الإمكان، وكذلك”لايف ستايل” يحفظ كرامة المواطنين، ويحقق عدالةً اجتماعيةً وقانونية.
هل لك أن تخبرنا بخمسة نقاط أساسية أنجزتها حكومة العمّال الحالية التي يقودها أنتوني ألبانيزي؟
أولاً-الاقتصاد الضريبي، ملايين الأستراليين استفادوا منه.
ثانياً-محاربة الفساد والسمسرة، من خلال اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد، وقد أخذت دورها التنفيذي.
ثالثاً-تخفيف الضغوط المالية على مدارس رعاية الطفولة، ودور الحضانة.
رابعاً زيادة الحدّ الأدنى للأجور والرواتب، تمّ تخصيص ذلك في الميزانية بمبلغ يزيد عن 2,6 مليار دولار.
خامساً-على مستوى السياسات الخارجية مع بلدان الجوار، جميعهم في منطقة المحيط الهادئ اختاروا أستراليا كشريك رئيسي.
وهذا يخلق تفاهماتٍ وسلام واستقرار، ينعكس كله إيجابياً على العلاقات التجارية والاقتصادية المفيدة للجميع.
لماذا يعتقد البعض أنه ليس لدى حزب العمّال خطّة اقتصادية واضحة؟ اهتمامكم ينصبّ غالباً على قضايا الرعاية الاجتماعية، هل هذا صحيح؟!
لا أوافق على هذا الرأي أو الانطباع ، حزبنا يُولي أهميةً كبيرة للاقتصاد، ولدينا خطط اقتصادية، ونحن كنوّاب ممثلين عن الشعب من قبل حزبنا ننفذ وندعم خططنا الاقتصادية، التي تشمل مختلف قطاعات العمل الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، ونعمل على زيادة دورة الأعمال وتخفيض الضرائب، وندعم كذلك كل المشاريع التي تساعد المجتمع، على سبيل المثال 3 ملايين منزل استفادوا من مشروع الطاقة الشمسية، وهو أكبر مشروع في العالم في هذا التخصص، ويوفّر آلاف فرص العمل للأستراليين، ومؤسسة الصندوق الوطني للبناء والإعمار لديها خططٌ بمليارات الدولارات، توطين الصناعة الوطنية (هذا قرار اتخذته حكومة “موريسون الأحرارية” أثناء فترة الإغلاق بسبب وباء كورونا)، توطين الصناعة سوف يخلق آلافَ فرصِ العمل، ولذلك نحن نعتقد أن هناك صورةً نمطية عن حزب العمّال، بأنه يهتمّ بالطبقات الاجتماعية الفقيرة فقط، نحن نهتمّ بكل الطبقات الاجتماعية ونعزّز قوتها، ونريد التأكيد من خلال جريدتكم “الناس نيوز الأسترالية” الواسعة الانتشار على أن هذه الصورة النمطية غير دقيقة، ولدينا كل المعطيات والوقائع التي تؤكّد ذلك.
من تجربتك الطويلة مع مجتمع الجاليات العربية (المواطنون الأسترالييون من الثقافات العربية)، هل وجدت صعوبةً أو مرونةً في اندماجهم في الوطن الجديد أستراليا، في مجتمع يختلف كثيراً عن عاداتهم وتقاليدهم ؟
الاختلاف واضح بين الثقافات العربية، وهو ما ينعكس على طريقة وأسلوب اندماجهم في المجتمع الأسترالي؛ السوريون، اللبنانيون، المصريون،العراقيون، الفلسطينيون، وباقي المجتمعات العربية، لديهم تقاطعات في كثير من الأمور، لكن أيضاً يوجد اختلافات في الثقافة والبيئة التي كانوا يعيشون فيها قبل هجرتهم أو لجوئهم، أو القادمين للدراسة، أو العمل … إلى أستراليا، هنا قانون يعامل الجميع بالحقوق والواجبات التي تنطبق على كل المواطنين، لذلك شعور الانتماء بالمواطنة والتحلي بهذه الصفة، والشعور بالانتماء للثقافة الأسترالية، واعتبار أستراليا وطناً جديداً، قد يحتاج بعض الوقت، ونحن جميعاًواجبنا مساعدة الواصلين الجُدد؛ كي يؤسسوا حياةً جديدةً لهم ولأجيالهم، مستقرّة وناجحة … ويجب الإشارة لنقطة أن هذه الاختلافات الثقافية تستوجب خططَ عملٍ مختلفةً حسب حاجة كل منهم، كي نصل إلى المواطنة المطلوبة، على سبيل المثال قد تبدو إحدى الجاليات بحاجة لتقوية البرامج التعليمية، بينما جالية أخرى بحاجة لبرامج الصّحة أو الدعم النفسي المجتمعي، وهكذا الخ.
هل تعتقد أحيانا أن “السيستم (نظام) معاملة ملفّات المهاجرين قد يساوي بين المؤهّلين تأهيلاً عالياً، وبين أشخاص أقلّ تأهيلًا، وهذا قد يؤدي لخسارة مهاراتٍ مهمة على أستراليا، خاصّة في مجال الشهادات العالية ؟؟ .
إلى حدٍّ ما، التعامل مع مكننة برامج المعالجة الإلكترونية، لكن هناك كونترول بشري أيضاً، عموماً من حيث المبدأ أنا من الداعيين دوماً لتطبيق فكرة: “دعونا نبدأ معهم من حيث انتهوا في بلادهم”، أقصد هنا الشهادات العليا بشكل خاصّ، أعتقد هذا المنطقي والطبيعي، خاصة إذا علمْنا أن أستراليا بحاجة لعددٍ من المِهن العلمية مثال ذلك الطبّ، يمكن الخضوع لدوراتٍ تدريبية لمعرفة آليات وقوانين العمل، وليس لاختباراتٍ علمية في تخصصهم، لأنهم في الأصل درسوا وعملوا لسنوات طويلة نفس العلوم العلمية تقريباً التي تدرّس في معظم الجامعات.
المطلوب بتقديري هو تعريفهم ببيئة العمل الأسترالية وقوانينها، وليس الضغط الزائد عليهم، فضلاً عن التكاليف المرهقة، وقد لا يملكون مالاً كافياً، لأنهم قادمون من بلدان فيها نزاعات وحروب وأوضاع صعبة الخ، لقد تمّت مناقشة هذه القضايا في البرلمانات المحلية، وفي البرلمان الفيدرالي. نحن لا نريد خسارة هذه المهارات، إنها قيمةٌ مضافةٌ لمجتمعنا ولاقتصادنا.
هل تتوقّع أن تصبح وزيراً؟!
مبتسماً، سأفعل ما يطلبه مني رئيس حكومتنا، وهو زعيم حزبنا العمّالي، أنا في خدمة أستراليا ومجتمعنا أينما كان مكاني.
هل تتوقّع خبرتك البرلمانية (سلطة تشريعية)، تتناسب مع احتياجات منصب وزير (سلطة تنفيذية)؟
نعم قد يكون هناك اختلافٌ في الخبرة والمتطلبات، لكن، أعتقد الخبرة التي تراكمت لديّ من العمل العام لسنوات طويلة تؤهّلني لذلك، وسأضيف لها، وأطوّر مهاراتي، ولديّ القدرة على العمل مع الفريق.
لماذا برأيك ترك رئيس حكومة العمّال لولاية فيكتوريا دانيال أندروز، الولاية تحت وطأة دينٍ ثقيل تجاوز 70 مليار دولار، وهجرةِ وإغلاقِ مئات الشركات؟
أترك له الإجابة، هذه قضية حكومية، إنها ليست مساحتي، ربما لست مخوّلاً الإجابة على ذلك، أنا رجل برلمان.
لماذا برأيك لم نجد بعض السوريين ينخرطون في العمل السياسي والبرلماني العام في أستراليا، وينالون مناصبَ بارزةً بعد نحو 10 سنوات على استقدام الحكومة أكثر من 12 ألف، (نتحدّث عن آخر هجرة لهم، طبعا كانت هجرتهم قديمة كاللبنانيين لكن بإعدادٍ قليلة)؟
جوابي هو، ربما يحتاجون بعض الوقت الإضافي، يجب أن نتذكّر أنهم مرّوا بظروف صعبة وقاسية، والحرب طالت مختلف جوانب حياتهم. أنا أعتقد أنهم سيكونون مميزين، لديهم تعليمٌ جيّد، في التجارة والصناعة، هم مهرةٌ، وكذلك اجتماعياً شعب منفتح يحبّ الحياة.
أستطيع القول إنني قابلت منهم العديد من الأشخاص الناجحين في زمنٍقياسي، ولديهم جيلٌ جديد يقوم بالبناء داخل المجتمع الأسترالي، على سبيل المثال اللبنانيون والأتراك أخذوا وقتاً طويلاً هنا، لذلك أتوقّع المسألة مسألة وقت، ونحن نعمل معهم، ومع باقي الواصلين الجُدد لدعمهم على تحقيق الاستقرار والمواطنة.