الناس نيوز – إيغور سوبوتين – ترجمة د. علي حافظ
أعلنت وزارة الاتصالات والتقانة السورية أنها ستسعى عبر المحكمة لسداد ديون شركة الاتصالات الرائدة في سوريا “سيريتل”. صاحبها هو رامي مخلوف ابن خال الرئيس السوري ، الذي واجه قبل عام تهماً بإخفاء الدخل والتهرب الضريبي خلال الحرب. يرتبط الضغط على أكبر قطب للمال في سوريا برغبة دمشق الرسمية دعم الخزينة. تطور الصراع داخل النخبة الحاكمة سيكون له تأثير محتمل على النظام السياسي في البلاد.
أكدت وزارة الاتصالات والتقانة السورية في بيان صحفي حقيقة أن عملاق الاتصالات يواجه الآن دعوى قضائية، حيث قالت: ” مر أسبوعان منذ انتهاء فترة السماح الممنوحة لإدارة “سيريتل” لسداد الديون. ومع ذلك، وعلى الرغم من المرونة التي أبدتها الحكومة، رفضت هذه الشركة إعادة المبلغ المحدد إلى الخزانة”. وتؤكد الوزارة في هذه الحالة، بأن الجهات القضائية تنوي “اللجوء إلى القانون لحماية مصالح الدولة”. و وفقاً للتقديرات الرسمية، بلغ دين دفع رخصة المشغل 334 مليون دولار.
واجهت شركة “سيريتل”، التي تمتلك 70 ٪ من سوق الاتصالات النقالة في سوريا، عدداً من القيود الرسمية، والتي فسرها الخبراء على أنها علامة للنزاع الشخصي بين بشار الأسد وابن خاله. على مدار الأسابيع الماضية، تم تأكيد هذه الروايات من خلال نشر مخلوف سلسلة رسائل فيديو على موقع “فيسبوك” يشكو فيها لابن خاله من الاضطهاد.
علناً، تبقي دمشق مسافة بينها وبين الملياردير، الذي أصبح على مر السنين رمزاً للفساد والمحسوبية في سوريا. يمكن فهم ذلك، بشكل جزئي، من خلال أسلوب مناشدات مخلوف، الذي يقول فيها إنه مُنع من الوصول إلى القصر الرئاسي. بدأت أعراض القطيعة مع السلطات تظهر عام 2019، عندما تم إدراجه في قائمة الشخصيات الرئيسية المتهمة رسمياً بإخفاء الدخل والتهرب الضريبي في ظروف النزاع المسلح.
ربما، الدوائر المقربة من الأسد فقط هي التي تستطيع الحكم بشكل مؤكد على دوافع المبادرين لحملة الضغط واسعة النطاق على مخلوف. ومع ذلك، فإن التصريحات العلنية للرئيس السوري نفسه تشهد بشكل غير مباشر على اهتمام السلطات بدعم الخزينة، التي استنفدت بسبب الحرب والعقوبات، على حساب كبار رجال الأعمال. لذلك، طلب الأسد هذا الشهر من مجلس الوزراء “اتخاذ جميع التدابير ضد المضاربين الذين يستفيدون بلا خجل من السكان”.
وأوضح خبير المجلس الروسي للشؤون الخارجية أنطون مارداسوف لـ “الجريدة المستقلة” بأن: “الصراع، الذي أثر على العلاقات داخل واحدة من أكثر العشائر العلوية نفوذاً، أعطى وسائل الإعلام العربية سبباً للتكهن بأن روسيا تقف وراء حملة (مكافحة الفساد). ومع ذلك، ينظرون، في مجتمع الخبراء، إلى هذه الرواية بنصيب من الشك. النظام السوري، الذي اعتاد على مخططات التعاون الاقتصادية المدعومة أو المهربة مع شركائه، في ظل العقوبات الدولية، يحاول حرمان أباطرة رجال الأعمال، الذين حصلوا على الاعتراف خلال سنوات الحرب، من التأثير؛ وبالتالي، فإن تلميحات مخلوف الصريحة بأن التغييرات يمكن أن تحدث في المجتمع العلوي، ستؤثر على دعم الأسد”.
يعتقد مارداسوف أنه في حالة الفضيحة التي تحيط بمخلوف، هناك العديد من السيناريوهات الحقيقية: “في رأيي، من الممكن خروجه من بعض الشركات المدينة للدولة والحفاظ على جزء كبير آخر من الأصول. ومع ذلك، فإن تصريحاته تسهل اللعبة للأسد فقط قبل انتخابات 2021، الذي سيحاول استنساخ “الانفتاح وحرية التعبير” في البلاد. بالإضافة إلى ذلك، من الممكن “نزع الملكية”، باتباع مثال الإخوة جابر، الأمر الذي سيترتب عليه إعادة توازن النظام السياسي بأكمله، لأن عائلة مخلوف تحتل مكاناً هاماً في نفس الهياكل السلطوية للبلاد”.
يمكن للأسد أن يجد بسهولة بديلاً عن مخلوف في عدد من قطاعات الاقتصاد.. يلاحظ مارداسوف بأنه: يمكن حدوث هذا على حساب توسع الأعمال التجارية لسامر فوز أو رجال الأعمال السنة المرتبطين بماهر الأسد، مما سيساعد على محاكاة التوازن العرقي-الطائفي. على أي حال، المجتمع العلوي في أزمة الآن. فهو لا يتركز في اللاذقية، وينقسم إلى مجموعات ذات درجات ولاء مختلفة، بعضها يقع في محور اهتمام النظام، والأخرى، ابتعدت عن المجتمع لأسباب موضوعية، كما حدث مع العميد سهيل الحسن.. هو الآن لا يعتمد بشكل مطلق على الطابع الطائفي في تشكيل فرقته الخامسة والعشرين قوات خاصة التابعة للجيش العربي السوري”.
* إيغور سوبوتين: مراجع الشؤون الدولية في رئاسة تحرير “الجريدة المستقلة”
** د. علي حافظ: كاتب وصحفي ومترجم سوري
*** المقال موجود على الرابط: