د. خالد عبد الكريم – مختص في الشأن اليمني – الناس نيوز :
في الصورة رئيس اللجنة السعودية لتنفيذ الشق العسكري من إتفاق الرياض محمد الربيعي ، وبجانبه بالبزة العسكرية نائب رئيس المجلس الإنتقالي الجنوبي محمد سعيد بن بريك، الذي إستقبل اللجنة السعودية في عدن.
على غير العادة، وبعد أن فقد اليمنيون الثقة بالاتفاقيات التي تبحث لهم عن حلول ، يبدو أن الأمور هذه المرة تسير نحو نوع من الالتزام بتنفيذ بنود اتفاق الرياض الذي وُقع في نوفمبر 2019 بهدف التقريب بين طرفي النزاع في المحافظات اليمنية المحررة، الحكومة الشرعية ( التي تخوض الحرب لاستعادة الدولة بكاملها) و المجلس الانتقالي الجنوبي (الذي يسعى لانفصال الجنوب عن الشمال) .
الاتفاق الذي وقع برعاية سعودية إماراتية تعثر في الأشهر الأولى عقب التوقيع ، مما اضطر الرياض إلى جمع الفرقاء لديها وإجراء مشاورات مباشرة في شهر يوليو المنصرم أفضت إلى زحزحة الوضع السياسي الذي كان قد وصل إلى أعلى درجات التأزيم.
أبدت الأطراف المعنية بالاتفاق نوايا حسنة للالتزام بآلية التنفيذ لاتفاق الرياض والتي تضمنت تخلي المجلس الانتقالي عن الإدارة الذاتية للجنوب ، وإعادة تكليف رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك، بقرار أصدره رئيس الجمهورية في 28 يوليو الماضي يقضي بتشكيل حكومة كفاءات سياسية خلال 30 يوما، و صدرت قرارات بتعيين أمين عام المجلس الانتقالي الجنوبي أحمد حامد لملس محافظا لعدن، وكذلك تعيين مدير أمن لها، بحسب ما نص عليه اتفاق الرياض.
اليوم وقد مضت نصف المدة المحددة لإعلان التشكيلة المرتقبة للحكومة الجديدة التي ستكون مناصفة بين الجنوب الشمال، تجرى حاليا لقاءات يقوم بها رئيس الحكومة الدكتور معين عبد الملك مع ممثلي المجلس الانتقالي الجنوبي، في مستهل مشاورات مع المكونات السياسية اليمنية لبحث أولويات مهام الحكومة المرتقبة ، في جوانب الإصلاحات وتوحيد الصف الوطني في معركته المصيرية لإنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة الدولة، وإنقاذ الاقتصاد وتطبيع الأوضاع في المحافظات المحررة.
النقاشات بين رئيس الحكومة والمكونات السياسية سوف تهتم بعملية اختيار ذوي الكفاءات والخبرات المشهودة، في تشكيلة الحكومة الجديدة التي سوف تستوعب التحديات القائمة في ضوء المستجدات والأزمات الراهنة، وستتولى إجراء إصلاحات هادفة ومستدامة، وتجفيف منابع الفساد، وتفعيل مؤسسات الدولة.
كما أننا نرى أيضا جدية في تنفيذ الشق الأمني والعسكري من اتفاق الرياض تمثل بوصول لجنة سعودية أطلق عليها فريق التنسيق والارتباط بقيادة السياسي السعودي محمد الربيعي إلى عدن في مهمة تتعلق بإخراج المكونات المسلحة من عدن وفصل القوات في نقاط التماس في أبين وإعادتها إلى مواقعها السابقة.
نستطيع القول هنا إن تنفيذ الشق العسكري والأمني من اتفاق الرياض قد بدأ بالفعل.
بنود اتفاق الرياض تنفذ حسب ماهو مخطط لها و وفق المدة الزمنية المتفق عليه حيث توصل طرفا النزاع في جنوب اليمن إلى قناعة مفادها أنه لايمكن لطرف واحد الادعاء بتمثيل الجنوب، و إقصاء الآخر، والادعاء أنه المسيطر على الأرض بقوة السلاح، و الممثل الشرعي والوحيد، و المتحكم بأموال البنك المركزي، وما تبقى من أطلال المؤسسات.
يبدو أن طرفي اتفاقية الرياض الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي استوعبا أنه لايمكن بناء الدولة إلا في إطار التوافق والسلم الاجتماعي وإعادة الأمن والاستقرار، وتحقيق الهدف الأسمى وهو تحسين معيشة الناس الذين عانوا كثيرا و فقدوا الثقة بالنخبة السياسية و الاتفاقيات، همهم الأول أشياء افتقدوها الراتب والماء والكهرباء.
* رئيس قناة عدن الفضائية الأسبق .