د. خالد عبد الكريم – الناس-نيوز ::
منذ لحظة إصدار القرار الرئاسي اليمني رقم 18 لسنة 2023 في 29 كانون الثاني/يناير الماضي بتشكيل وحدات عسكرية تسمى (قوات درع الوطن) تلتزم توجيهات د. رشاد العليمي القائد الأعلى للقوات المسلحة. ينتابنا شعور أن القرار له ما بعده، وله ما سيبنى عليه لإخماد حقولاً من المتفجرات، وجروحاً ملتهبة، حتمت اتخاذ قرار صعب. أفرزته حزمة أسئلة مقلقة:
إلى متى ستظل البلاد تحكمها قوات لا تخضع لرئيس الدولة؟
هل حان الوقت لتحديد الجهة التي ستضخ لها الأسلحة والأموال لإعادة الاستقرار للمحافظات المحررة، وقيادة الحرب ضد المليشيات الحوثية الانقلابية المدعومة من إيران؟
هل يستطيع فعلاً رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي والقوات العسكرية المستحدثة من إقناع المجلس الانتقالي الجنوبي تسليم معسكراته. من دون إذلاله ودفعه إلى مقاومة هذه التوجهات. واللجوء إلى خيارات القوة؟
هل ستكون هذه القوات سلاح الرئيس اليمني للضغط على الانقلابيين الحوثيين لقبول السلام وفق المرجعيات المتفق عليها إقليمياً ودولياً؟
واضح أن قرار تشكيل قوات درع الوطن يأتي بدعم من الحلفاء الذين سأموا التسويف الذي رافق تنفيذ بنود اتفاق الرياض خاصة الشق العسكري والأمني منه.
ماذا يبقى من اتفاق الرياض إذا رفض المجلس الانتقالي الجنوبي تسليم معسكراته، وظل متمسكاً بخيار استقلال الجنوب. وإذا ظل الانقلابيون الحوثيون متمسكون بحقهم الإلهي في السيطرة على الشمال. وإذا استمر الانقسام الداخلي، الذي لحق بقوات الشرعية المناهضة للحوثيين.
صار جلياً أن الرئيس رشاد العليمي يتصرف وكأنه جاء في مهمة وعليه تنفيذها، بغض النظر عن التكاليف. مهمة الحفاظ على وحدة القرار الأمني والعسكري، وإرغام الحوثيين على الدخول في مفاوضات السلام التي ستعقب الهدنة التي لازال الحوثيين يرفضون تمديدها.
حكومة د.معين، الكفاءات السياسية، جرى تداول تسريبات نهاية كانون الثاني/يناير الماضي عن تعديل وزاري مرتقب. وعن تغيير قادم لرئيس الوزراء اليمني الدكتور معين عبد الملك. وأثيرت حملات إعلامية ضد إجراءات حكومية للحد من انهيار الاقتصاد. هي عبارة عن توجهات لإصلاحات حكومية، وقرارات اقتصادية ونقدية ومالية.
الحملات المناهضة شوهت تلك القرارات الحكومية واعتبرتها جرعة اقتصادية تضيف أعباء جديدة على كاهل المواطن.
لكن اتضح استحالة التراجع عن حكومة الكفاءات السياسية ورئيسها د. معين عبد الملك، الذي عاد الى العاصمة المؤقتة عدن للإستمرار في مهمته. فيها ترأس اجتماعين للحكومة في 6 و 9 شباط/ فبراير الجاري. استمر الدكتور عبد الملك في الحديث عن الجهود المبذولة لتحسين الخدمات الضرورية وتطبيع الأوضاع في العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة.
أصبح الخطاب الحكومي يشمل مواضيع لم يكن أحد يقترب منها من قبل، كقرار ترشيد الأنفاق واقتصاره على الجوانب الحتمية.
والتوجه لإعادة النظر في المنح الدراسية الخارجية والحوافز المالية الضخمة بالعملات الأجنبية التي يتسلمها بعض أبناء الوزراء والمسؤولين.
كما يدور الحديث عن تقليص البعثات الدبلوماسية والملحقيات الفنية المكتظة التي تستنزف موازنة الدولة.
تلك الإجراءات اتخذت بعد أن صار ذلك الفساد حديث اليمنيين إثر الكشف عن قوائم ماليه تدين الحكومة وتثبت تورط وزرائها. وتأتي أيضا للحد من الآثار الكارثية للهجمات الحوثية على المنشآت النفطية، وتخفيف تداعياتها على الوضع الإنساني والاقتصادي.
لتحسين صورتها عقب عمليات الفساد المكتشفة، تريد حكومة الكفاءات السياسية تحقيق اختراقات في معالجة المشاكل المتراكمة وإعادة بث روح الثقة بمؤسسات الدولة.
لكن خطاب الحكومة يظل أطروحات نظرية، لا يطالها التنفيذ.
بالنسبة للمشاركات الإقليمية والدولية سجل مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية حضوراً لافتاً. لو أن ذلك كان له ما يوازيه داخلياً لتحسنت أوضاع الناس بكل تأكيد.
ولن نستوفي الموضوعية إن لم نتحدث عن تخوفنا من صراع مفتوح بين مجلس القيادة الرئاسي والمجلس الانتقالي الجنوبي ولا سيَّما أن اليمن لا يتَّسع لمؤسستين رئاسيتين، خصوصاً في غياب ثقافة احترام القوانين وهيمنة عقلية الشطب والإلغاء.
نتساءل، هل صحيح أنَّنا لا نتعلم من تاريخنا ومن الأثمان الباهظة التي دفعتها بلدنا؟ وهل صحيح أنَّنا نتظاهر بالاتعاظ، ثم نكرّر المآسيَ تحت عناوينَ مختلفة وعلى يد أسماء جديدة؟
الحلفاء يتابعون التطورات بدقة لتجنب مآلات مأساوية نتيجة القرارات الأخيرة. هناك سعي لتجاوز الخلافات وإيجاد حلولا وسط، والبحث عن سبل التعايش، وتحسين حياة الناس.
في الطرف الآخر زيادة الضغط على مليشيا الحوثي وداعميها في النظام الإيراني للتعامل الجاد مع جهود إحلال السلام وتجديد الهدنة الإنسانية والدخول في عملية سياسية شاملة.