واشنطن – موسكو – كييف – الناس نيوز ::
تحتدم المعارك الثلاثاء في جنوب أوكرانيا وشرقها، في حين يُتوقع أن تتسارع عمليات إيصال الأسلحة الأميركية إلى كييف بعدما فعّل الرئيس الأميركي جو بايدن آلية رمزية يعود تاريخها للحرب العالمية الثانية.
واستُهدفت مدينة أوديسا بالصواريخ، وأحصى الجيش الأوكراني سبع ضربات ما تسبب بسقوط قتيل وخمسة جرحى. واضطر رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال للاحتماء أثناء زيارة مفاجئة له إلى هذه المدينة الواقعة في جنوب البلاد.
وتوجه ميشال للأوكرانيين بالقول “أنتم لستم وحدكم. الاتحاد الأوروبي إلى جانبكم”، مستنكرا “العدوان الروسي” على أوكرانيا.
أعلنت هيئة الأركان الأوكرانية صباح الثلاثاء أن الروس “يواصلون تحضير عمليات هجومية في منطقتَي ليمان وسيفيرودونيتسك” الواقعتين في دونباس (شرق)، مضيفةً أن عمليات القصف المدفعي والغارات الجوية تتواصل على مصنع آزوفستال في مدينة ماريوبول.
وأفاد حاكم منطقة لوغانسك (شرق) سيرغي غايداي عن “معارك كثيفة جدًا تدور حول روبيجني وبيلوغوريفكا” الواقعتين ضمن نطاق منطقته.
ويعتمد الأوكرانيون إلى حدّ كبير على المساعدة العسكرية الأميركية التي بلغت قيمتها نحو 3,8 مليارات دولار منذ بدء النزاع.
ويُفترض أن تُسهّل أكثر بتوقيع الرئيس جو بايدن الاثنين قانونًا من شأنه تسريع إيصال الأسلحة إلى أوكرانيا (Ukraine Democracy Defense Lend-Lease Act). يسترجع هذا القانون آلية تبنّاها الرئيس الأميركي الأسبق فرانكلين روزفلت عام 1941 وكان يرمي إلى مساعدة أوروبا في مقاومة هتلر، ويعطي الرئيس الأميركي صلاحيات موسّعة لدعم جهود الحرب في أوروبا.
وقال بايدن في وقت لاحق أثناء عملية صرف أموال سياسية، “أنا مقتنع بأن (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين يعتقد أنه بإمكانه تحطيم حلف شمال الأطلسي، وأنه بإمكانه تحطيم الاتحاد الأوروبي”.
من جانبه، رأى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن تبني هذا القانون يشكّل “مرحلة تاريخية”. وكتب في تغريدة “أنا مقتنع بأننا سنربح معًا من جديد. وسندافع عن الديموقراطية في أوكرانيا وفي أوروبا، كما حصل منذ 77 عامًا”.
– “إنكار” –
وجاء إصدار القانون في التاسع من أيار/مايو، بالتزامن مع إقامة روسيا عرضًا عسكريًا كبيرًا في الساحة الحمراء في موسكو بمناسبة الذكرى السابعة والسبعين للانتصار على ألمانيا النازية، كرر خلاله بوتين حججه لتبرير غزوه لأوكرانيا الذي بدأ في 24 شباط/فبراير.
وقال إن كييف كانت تستعد لمهاجمة الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق البلاد وسعت للحصول على القنبلة الذرية وتتلقى الدعم من حلف شمال الأطلسي (ناتو).
أضاف “كان يتشكّل تهديد غير مقبول على الإطلاق، مباشرة على حدودنا”.
بعد خطابه، مرّ 11 ألف جندي وعشرات المركبات، بما في ذلك قاذفات صواريخ استراتيجية ودبابات، في الساحة الحمراء، ومن بينها وحدات عائدة من الجبهة الأوكرانية. وأُلغي العرض الجوي بسبب سوء الأحوال الجوية، بحسب الكرملين.
يرفض الغربيون حجج بوتين. وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان على قناة بي إف إم تي في التلفزيونية (BFMTV) إن الرئيس الروسي “يقوم بتبرير تحريفي كامل لدوافع الحرب. لديه خطاب مليء بالإنكار وقلب المسؤوليات”.
وفي مقطع فيديو نُشر قبل ساعة من خطاب الرئيس الروسي قال زيلينسكي “لن ندع أحداً يستأثر بهذا الانتصار، ويستولي عليه”.
وأضاف زيلينسكي في رسالة فيديو ظهر فيها وهو يسير في الجادة المركزية في العاصمة كييف “في يوم النصر، نحن نقاتل من أجل نصر آخر، والطريق إلى النصر طويل ولكن ليس لدينا شك في انتصارنا”. وأضاف “انتصرنا آنذاك وسننتصر الآن”.
لكنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعا الاثنين إلى عدم “إذلال” روسيا لأن “غدًا سيكون هناك سلام يجب أن نبنيه”.
بدلًا من انضمام كييف إلى الاتحاد الأوروبي وهي عملية تستغرق “عقودًا”، اقترح ماكرون إنشاء “منظمة سياسية أوروبية” لضمّ أوكرانيا خصوصًا إضافة إلى “الأمم الأوروبية الديموقراطية التي تؤمن بقيمنا الأساسية”.
– جلسات في الأمم المتحدة –
تراقب واشنطن أيضًا قطاع صناعة الأسلحة الروسي، الذي بدأ بحسب البنتاغون، يعاني من العقوبات الدولية ويواجه صعوبات في الحصول على إمدادات من الصواريخ الموجّهة المستخدمة في أوكرانيا بسبب الحظر المفروض ولا سيما على المكوّنات الإلكترونية، وفق مسؤول طلب عدم الكشف عن اسمه.
وأعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية جون كيربي أن “هناك أوكرانيين يتم إرسالهم رغمًا عنهم إلى روسيا”، بدون أن يتمكن من تحديد عددهم، فيما تقول كييف إن 1,2 مليون شخص أُرسلوا إلى روسيا ووُضعوا في مخيمات.
يعقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الخميس جلسة استثنائية بطلب من كييف وبتأييد عشرات الدول، للنظر في “تدهور أوضاع حقوق الإنسان في أوكرانيا من جراء العدوان الروسي”.
في اليوم نفسه، يعقد مجلس الأمن الدولي بطلب من فرنسا والمكسيك جلسة علنية جديدة هي السادسة عشرة منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا. ويأتي هذا الاجتماع بعد تعرّض مدرسة في شرق أوكرانيا في نهاية الأسبوع الماضي إلى قصف روسي ما أدى إلى مقتل 60 مدنيًا على الأقلّ بحسب كييف.
في مدينة ماريوبول الساحلية في جنوب شرق أوكرانيا التي سيطر عليها الروس بشكل شبه كامل، استبعد العسكريون الأوكرانيون الذين يستمرون بالمقاومة في مصنع آزوفستال الضخم للصلب، الاستسلام.
ونظم الانفصاليون الموالون لروسيا عرضًا عسكريًا لمناسبة التاسع من أيار/مايو.
في بلغراد وصوفيا وفيينا، تظاهر مئات الأشخاص حاملين الأعلام الروسية.
في وارسو، تعرّض السفير الروسي لدى بولندا لهجوم من متظاهرين موالين لأوكرانيا رموا عليه مادة حمراء ترمز إلى الدماء لطّخت قميصه ورأسه، في وقت كان يستعدّ لوضع إكليل من الزهور على مقبرة في وارسو حيث يرقد جنود سوفيات قُتلوا أثناء الحرب العالمية الثانية.