برج غلاطة.. رمز إسطنبول الأشهر ومنبع الأساطير

أروى غسان – الناس نيوز:

وأنتم تتجولون بين أزقة شارع الاستقلال الشهير في إسطنبول، لاتنسوا أن تكملوا المسير لآخره، هناك حيث يقع برج غلاطة، أحد أهم وأعرق المعالم التاريخية والسياحية في المدينة القديمة. لا توجد معلومات دقيقة حول سنة تشييده، لكن بعض المصادر تقول إنه بني عام 507م.

يوفر البرج مشاهدة بانورامية شيّقة لمدينة إسطنبول، بمعالمها وبيوتها القرميدية وجسورها، ويمكن لكل من يصعد أعلى قمته، أن يشاهد جسر إسطنبول الواصل بين القسمين الآسيوي والأوروبي، وكذلك جسر الخليج، ومسجد السلطان أحمد وآيا صوفيا والسوق المصري ومنطقة السليمانية وغيرها الكثير من الأحياء، حيث يصل ارتفاعه إلى 69.90 متر، وتبلغ سماكة جداره 3.75 ملم، ويتبع البرج لحي غلاطة القديم، ومن هنا جاءت تسميته.

يتكون البرج من 9 طوابق، بحيث يتم صعود الطوابق السبعة الأولى من خلال المصعد الكهربائي، وبقية الطوابق يكملها الزائر صعوداًعلى الأقدام، وفي الطابق التاسع يوجد مطعم للزائرين، بالإضافة إلى شرفة دائرية، وتبلغ رسوم دخول البرج للسائح الأجنبي مايعادل 7 دولارات أمريكية.

لا يهدأ البرج لا صباحاً ولا مساءً، ولعل أبرز ما يلفت الانتباه الطابور الطويل الذي يقف فيه الناس في انتظار دورهم للدخول، حيث يعد من أنشط الأماكن السياحية، لعدة أسباب اجتمعت سوية تتمثّل بتاريخه العريق وشكله الهندسي المتفرّد، وموقعه الاستراتيجي.

في المساء تعمر المسامرات الليلية حوله وتمتلئ كؤوس الشاي، فلطالما جذب المكان المارةّ، فتراهم يلتفّون في حلقات شبابية ويجلسون على الأرصفة المقابلة له، أو في المقاهي الكثيرة المنتشرة حوله، لايملّون تأمّل روعة هندسته المعمارية، ولايستطيعون مقاومة إضاءته الليلية وجمالها.

أساطير وحكايات كثيرة تلف المكان، أبرزها تلك الحكاية التي تقول إن برج غلاطة هو المكان الذي انتقاه العالم التركي “هزفران أحمد شلبي” في القرن السابع عشر، ليجرّب أول محاولة للطيران، من خلال الأجنحة الاصطناعية التي فصّلها، ليتمكن حينها من الطيران من برج غلاطة إلى حي أسكودار الآسيوي، قاطعا مسافة 3358 مترا، ويكون بذلك واحداً من أبرز الشخصيات التركية التي حاولت الطيران.

تعرّض البرج للزلازل والحرائق أكثر من مرة، وتم ترميمه في زمن الولاية العثمانية عام 1509، من قبل المعماري التركي المعروف “خير الدين”، أحد تلاميذ المعمار الشهير “سنان”، ويقال إن برج غلاطة استخدم قديماً كسجن ثم كمرصد فلكي.

وكأنّ البرج موجود في كل حيّ من أحياء إسطنبول، فأينما ولّيت وجهك في المدينة القديمة، ستراه شامخاً من بعيد، ويتمتع برج غلاطة بشعبية كبيرة في تركيا وبين محبي السياحة والاكتشاف حول العالم، حتى بات يرمز لمدينة إسطنبول، فلطالما حملت الملصقات السياحية وبطاقات المعايدة، واللوحات، صورته، كذلك تزخر شوارع إسطنبول ومطاراتها بمجسمات صغيرة منه، وهدايا تذكارية، وقد دخل البرج في قائمة التراث العالمي المؤقت عام 2013.