الناس نيوز – زينة شهلا
“جريء”. “مختلف”. “مبدع”. “مزيج غريب لم نسمعه من قبل”. هي بعض التعليقات على مشروع موسيقي جديد أطلقه الفنانان والموسيقيان لين أديب وزيد حمدان من بيروت مطلع الشهر الفائت وعبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي، تحت عنوان “Bedouin Burger” أو كما يمكننا ترجمته إلى العربية “برغر بدوي”.
وفي الأغنية الأولى من المشروع، وعنوانها “تحت الورد”، نسمع لين وهي مغنية سورية تعمل منذ سنوات على موسيقاها الخاصة التي تدمج أنماطاً منها الجاز والموسيقا العربية الحديثة، مع زيد وهو موسيقي ومنتج لبناني مستقل يركز على موسيقا الالكترو بوب العربية. تقول كلمات الأغنية التي كتبتها ولحنتها لين ووزعها وأنتجها زيد: “تحت الورد نيّم، نيّمنا العريس وودعناه، ثوب العرس لبّس لبّسنا، وقلنالو وينك يا وينك يا بو الوج الحلو، والغالي على قليبي، وحدك عالصخر مهدي”.
وخلال دقيقتين ونصف تقريباً، تُدخلنا هذه الكلمات الملحّنة بنمط قريب جداً للموسيقا البدوية التي تبرع لين بأدائها، والممزوجة مع موسيقا الالكترو بوب، في رحلة جريئة ومليئة بالديناميكية والطاقة، حيث ننتقل بين إيقاعات متفاوتة السرعة، ونشعر وكأنها احتفاء بالحب والحياة وإن كان ذلك عبر مناداة الحبيب الغائب.
وانطلق هذا المشروع، وهو أول إنتاج خاص للين وزيد معاً، بعد أشهر من التعاون والتجارب الموسيقية بينهما، كما يتحدثان في لقاء مع جريدة ” الناس نيوز” الأسترالية الالكترونية .
“التقينا منذ أكثر من عام في منزل أصدقاء مشتركين في بيروت، وكنتُ حينها مقيمة في باريس وأرغب بالانتقال إلى سوريا أو لبنان بهدف الخروج بثمرة فنية أحلم بها منذ زمن، وهو ما حدث في أيلول الماضي عندما استقريت في لبنان وبدأ التعاون بطريقة عضوية وبسيطة مبنية على الصداقة التي تجمعنا”، تقول لين التي درست موسيقا الجاز في باريس.
ومع انفتاح زيد -الذي يلقبه البعض “بالأب الروحي لموسيقا الأندرغراوند العربية”- ورغبته الدائمة بالتعاون مع أشخاص جدد، وانبهار لين بالتراث البدوي ليس فقط موسيقياً وإنما أيضاً كحالة إنسانية مبنية على فكرة الترحال الدائم والحرية والانتماء إلى كل مكان في العالم، خرج مزيج يشبه الفنانَين وأفكارهما والموسيقا التي بداخل كل منهما، خاصة وأن لين كتبت كلمات الأغنية بناء على تجربة شخصية عاشتها عندما كانت تزور قبر زوجها المتوفى، فشعرت به وكأنه يمضي أيامه وحيداً تحت الورد والصخر.
لذلك كان من الطبيعي أن ينطلق اسم المشروع من فكرة “البدوية” التي تركّز عليها لين وتبدو واضحة في كثير من أعمالها الخاصة، وأضاف زيد إليها كلمة “برغر” خلال حوار عفوي بينهما، ما أتاح أيضاً الخروج من الإطار البدوي التقليدي نحو آخر أكثر حداثة.
إضافة لذلك، تعكس صورة غلاف أغنية تحت الورد هذه الروح البدوية المعاصرة، وقد صممتها لين –ولها تجارب متنوعة بمجال الرسم منذ سنوات طويلة-، وتظهر فيها هي بنفسها ضمن إطلالة جريئة، و تقصدت تكرار الشكل بطريقة مشابهة لتكرار كلمات ولحن الأغنية، وإدخال الألوان التي تعكس الجانب المسلي والطفولي الذي يميز المشروع ككل، وفق حديثها “للناس نيوز “.
ويخطط الموسيقيان لاستكمال مشروعهما بشكل تدريجي، حيث سيطلقان أغنية جديدة كل شهر تقريباً، بهدف جمعها ضمن ألبوم واحد “قد يكون ختاماً للمشروع أو ربما بداية له” كما يقولان. وستكون معظم هذه الأغنيات المرتقبة –وأولها بعد أيام قليلة- من تأليف لين وزيد، مع إعادة توزيع بعض القطع القديمة القريبة لذكرياتهما مثل الموشحات والأغاني التراثية، وسيسمح ذلك ببلورة النمط الخاص بهما ونضوجه مع مرور الوقت.
ويشير زيد ولين إلى أن فكرة تطوير نمط تراثي ليست بجديدة، لكنهما يعتقدان بأنهما ربما من أوائل الموسيقيين الذين يسعون لكتابة شيء جديد شبيه بالتراث البدوي ضمن إطار الالكترو بوب العربي، دون اللجوء لأغنيات قديمة في معظم الأحيان.
ويرى المتحدثان بأن هناك تحديات عديدة يواجهها الموسيقيون في المنطقة العربية والراغبون بخوض هذا النمط الفني الجديد والقريب من روح المنطقة في الوقت ذاته، وأهمها ندرة الأشخاص الذين يتمتعون بثقافة فنية منفتحة أو بعيدة عن التقليد، ما قد يجعل هذه الموسيقا نخبوية نوعاً ما، رغم أنها تبقى ضمن إطار موسيقى البوب المعروفة والمألوفة لدى شريحة واسعة.
مع ذلك، يتفاءل زيد ولين بالجيل الجديد خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط، فهو وفق تعبيرهما “جيل مناضل ويسعى للخروج أكثر فأكثر من المعتاد والمعروف، ويتمتع بروح خلاقة على أصعدة عديدة”.