المنامة – الناس نيوز ::
في بهو مصنع فريد من نوعه في الشرق الأوسط قرب حلبة الصّخير لسباقات السيارات في جنوب البحرين، تُعرض خوذ داخل علب بلاستيكية شفافة، أنتجها المصنع واستخدمها سائقو سيارات فورمولا واحد في السباقات.
لم تكتفِ البحرين، المملكة الصغيرة في منطقة الخليج، باستضافة إحدى جولات بطولة العالم للفورمولا واحد منذ 2004، بل استقطبت كذلك في 2015 صناعة خوذ السائقين.
ويقول عارف يزبك المدير العام لمجموعة “ريسينغ فورس” ومقرّها الرئيسي إيطاليا، إنه في سباق البحرين في الخامس من آذار/مارس الماضي، الجولة الأولى من موسم 2023، استخدم “خوذات بيل هلمتس Bell Helmets التي ننتجها، 14 سائقًا من جميع الفرق تقريبًا من أصل العشرين” المشاركين في بطولة العالم.
ومن بينهم بطل العالم السابق البريطاني لويس هاميلتون وشارل لوكلير من موناكو والإسباني كارلوس ساينس، إضافة إلى أفراد طواقم الصيانة التابعة لفرق فيراري وماكلارين وألفا روميو وغيرها، بحسب يزبك.
يستغرق إنتاج خوذة واحدة 14 يومًا، علمًا أنه عمل يدوي في أغلبه رغم استخدام معدّات وماكينات مختلفة.
داخل المصنع، ينهمك عمّال يرتدون قمصانًا رماديّة كُتب عليها بالإنكليزية “فريق المصنع” في تليين أطراف الخوذ، في حين يقوم آخرون بإضفاء طابع فنّي على الخوذ من خلال طلائها بحسب طراز كل سائق بألوان وتصاميم مختلفة.
ويشير يزبك إلى أن جميع أعضاء فريق وليامس لاسيما السائق التايلندي ألكسندر ألبون والسائق الأميركي لوغن سارجنت، يرتدون كافة منتجات “ريسينغ فورس” من خوذ وأحذية وبزات السباق.
“تحت سقف واحد”
تملك المجموعة المتخصّصة في صناعة معدات السباق ورياضة السيارات، علامات تجارية مختلفة إحداها “بيل” التي تأسّست عام 1954 في الولايات المتحدة، مع إنتاج أول خوذة في العالم التي اعتُبرت آنذاك اختراعًا وتُعرض حاليًا في متحف الفنّ الحديث في نيويورك.
في تسعينات القرن الماضي، انتقل الإنتاج إلى الصين ثم توزّع بين الصين وإيطاليا وبلجيكا مطلع سنوات 2000.
غير أن يزبك (41 عامًا) وهو لبناني الأصل، يشير إلى “أننا أردنا إعادة جمع كل شيء تحت سقف واحد”.
ويوضح أنّ “من بين أسباب انتقالنا إلى البحرين وجود اتفاقية للتجارة الحرّة بين البحرين والولايات المتحدة ومع دول أخرى مثل سويسرا”، معتبرًا ذلك “أمرًا مهمًا جدًا بالنسبة لنا لأن أكثر من 55% من منتجاتنا يتمّ شحنها إلى الولايات المتحدة، إحدى أكبر أسواقنا في العالم”.
وكانت البحرين، الحليف الاستراتيجي لواشنطن في المنطقة، أوّل دولة خليجية توقع اتفاقية للتجارة الحرّة مع الولايات المتحدة التي دخلت حيّز التنفيذ عام 2005.
داخل ممرّات المصنع، تُكدّس مئات الخوذ على رفوف حديدية جنبًا إلى جنب، تمهيدًا للمرحلة الأخيرة من التصنيع التي يقوم خلالها العمّال بوضع على كلّ خوذة ملصقات تحمل عادةً أسماء الجهات الراعية.
وعلى جدار مطلي باللون الأحمر عند مدخل إحدى قاعات التصنيع، كُتب أنّ عدد الموظفين يتجاوز الـ500 وهم متحدّرون من 35 جنسية مختلفة و”يعملون من أجل الهدف نفسه”.
ويعتبر يزبك “أنه أمر لطيف للغاية لأنه يمكنك أن ترى حقًا مجتمعًا لطيفًا من مواطنين مختلفين تحت سقف واحد”.
في بهو مقرّ الشركة، تعرض خوذة كان الفرنسي رومان غروجان يرتديها أثناء تعرّضه لحادث مروّع في جائزة البحرين الكبرى عام 2020، وقد نجا منه بأعجوبة.
وتعتزم المجموعة زيادة مستوى التصنيع هذا العام من خلال توسيع منشآتها من سبعة آلاف متر مربع إلى حوالى 12 ألفًا بحلول نهاية العام.
توضع اللمسات الأخيرة على الخوذ مع تركيب القطع التي تحمي وجوه السائقين، ثمّ توضّب في علب مع قطع الغيار الخاصّة بها تمهيدًا لتصديرها إلى أكثر من ثمانين دولة حول العالم.
والبحرين من بين أولى الدول الخليجيّة التي استثمرت في الرياضة كجزءٍ من استراتيجية القوة الناعمة، لتنويع مصادر دخل اقتصاداتها المعتمدة إلى حدّ بعيد على النفط.
وقد أصبحت المملكة عام 2004 أول بلد عربي ينظم سباقاً للفورمولا واحد، قبل أن تلحق بها الإمارات مع جائزة أبوظبي اعتباراً من 2009، وصولاً الى انضمام السعودية وقطر للروزنامة بدءًا من موسم 2021.