بيروت – هاني موعد – الناس نيوز :
شَيّع أهالي الفقيد شهيد الحرية ولبنان لقمان سليم جثمانه في دارة عائلته في حارة حريك في الضاحية الجنوبية بالعاصمة اللبنانية بيروت وسط تعزيزات أمنية وحضور شخصيات دبلوماسية غربية ابرزها السفيرة الاميركية دورثي شيا ، والعديد من النخب الثقافية والاجتماعية وحراك 17 تشرين الأول أكتوبر …
ووضعت العائلة لوحة رخامية وسط الحديقة تخليداً لذكرى سليم مرفقة ببيت شعر للمتنبي جاء فيه “وقفت وما في الموت شك لواقف كأنك في جفن الردى وهو نائم”. فيما غاب التمثيل الرسمي للحكومة اللبنانية، وطالب سفراء الدول الذين حضروا مراسم التشييع بوضع حد “لثقافة الإفلات من العقاب”.
وقالت سفيرة الولايات المتحدة الأميركية في لبنان دوروثي شيا ، التي تصنف بلادها حزب الله كمنظمة ارهابية ، إن قتل الناشط اللبناني لقمان سليم “كان عملا همجياً لا يمكن غفرانه أو قبوله”.
وأضافت في كلمة ألقتها خلال المراسم، في زيارة نادرة لمسؤول أميركي للضاحية الجنوبية معقل حزب الله اداة العسكرية والسياسية “كان شخصاً لا يكل في مساعيه من أجل مصالحة الشعب اللبناني وتعزيز الحرية” مشددة على أن هذه الجهود “لن تُقمع بالخوف والعنف”.
وأكدت السفيرة على دعم بلادها في المطالبة بالمحاسبة عن هذه الجريمة المروعة. وفي كلمة مقتضبة دعت والدة لقمان سليم الباحثة والصحفية المصرية سلمى مرشاق رفاق ابنها والشباب إلى “بناء بلد يليق بكم وبلقمان”، مضيفة “الحمل ثقيل عليكم جداً”. وقالت “لا تستخدموا إلا العقل والمنطق، فالسلاح لا يفيد البلد ولم يفدني أنا كأم، لقد ضيع ابني”. وكان سليم قد اغتيل الخميس الماضي بـ 5 رصاصات، وعُثر على جثته في منطقة العدوسية جنوب البلاد.
وتعالت الأصوات خلال مراسم التأبين بضرورة المحاسبة ورثاء شخصه، إذ وصف رئيس جبهة السيادة اللبنانية بهجت سلامه نهج لقمان سليم بثقافة الحياة وقال لجريدة “الناس نيوز” الأسترالية الإلكترونية :” ثقافة الموت هي من قتلت لقمان سليم، من ينتهج تلك الثقافة هو من قتل لقمان”.
وتُطرح تساؤلات كثيرة حول مستقبل الحراك المدني في لبنان بعد عملية الاغتيال، وخاصة مستقبل المعارضة الشيعية ضد الثنائية الشيعية “حزب الله- حركة أمل”، إذ إن الكثير من الناشطين وجهوا أصابع الاتهام فور مقتل لقمان إلى حزب الله، كون سليم كان من أشد المعارضين لسياسات هذا الحزب .
ويقول رئيس جبهة السيادة الوطنية حول بروز مخاوف من انكفاء الحراك المدني وخاصة المعارضين الشيعة: “عملية الاغتيال أعطت دفعة قوية للحراك، لقد ارتفع السقف، هذا لا يعني أننا سوف نشهد أعدادا كبيرة من المتظاهرين في الشارع إنما الخطابات أصبحت نوعية أكثر”.
وأضاف أن لقمان على الرغم من أنه كان شيعيا إلا أنه حارب “الاحتلال الإيراني في لبنان” وقال “لا نستطيع التغلب على خصمنا إلا بالعيش المشترك والوحدة الوطنية”.
من جهتها قالت الناشطة السياسية يمنى فواز لجريدة “الناس نيوز” الأسترالية الإلكترونية “في الوهلة الأولى اعتبرنا أن عملية الاغتيال موجهة لإسكات المعارضة الشيعية، فعلاً تشكلت اليوم مخاوف حقيقية لدى جميع أطياف المعارضة وليس فقط المعارضة الشيعية، ومع هذا الحراك عاد بقوة وسيتحرك من جديد، لأنه لم يعد لدينا ما نخسره”.
وأشارت إلى أن المعارضة الشيعية ليست موجهة فقط ضد الثنائية الشيعية إنما “ضد كل المنظومة الحاكمة في لبنان”.
أما الكاتب السياسي قاسم قصير فاعتبر أن مشكلة المعارضة الشيعية اليوم أنه “ليس لديها مشروع موحد وواضح ومنقسمة” وقال ل “الناس نيوز” الكثير من الشخصيات الشيعية مشاركة وموجودة في كل الأحزاب السياسية اللبنانية، هناك تنوع في البيئة الشيعية، ولا أحد يستطيع إلغاء المعارضة الشيعية”.
وأشار قصير إلى أن الحياة السياسية للشيعة موجودة قبل تشكيل “حزب الله”، ونفى أن يكون هناك قدرة لأي توجه لإسكات الصوت الشيعي المعارض.
وقال سلامه أن هناك نية لدى الحراك المدني بتدويل التحقيق حول عملية اغتيال لقمان “نحاول بشكل علمي البحث عن سبل تدويل هذا التحقيق، وهذه هي الخطوة الأولى لنا”.
وكان “حزب الله” ندد باغتيال سليم، وطالب في بيان له “الأجهزة القضائية والأمنية المختصة بالعمل سريعا على كشف المرتكبين ومعاقبتهم”، واعتبر قصير تلك الاتهامات بأنها “اتهام سياسي”، وقال: “أتخوف من هناك جهات أخرى تقف وراء اغتيال لقمان من أجل الشحن ضد حزب الله”.
من جانبه قال الخبير القانوني أنطونيو فرحات لجريدة “الناس نيوز” الأسترالية الإلكترونية إنه ليس من السهل الذهاب إلى تحقيق دولي لأنه يجب أن يمر عبر مجلس الأمن وبطلب من الحكومة اللبنانية، كون لبنان غير موقع على اتفاقية روما وليس عضوا في المحكمة الجنائية الدولية.
وأضاف فرحات أن المحكمة الجنائية لا تحاكم جماعات إنما تحاكم أفرادا، وعملها يتكامل مع عمل القضاء المحلي وتتدخل إذا القضاء المحلي “غير قادر وغير راغب” على تحقيق العدالة.
وفيما يخص جريمة اغتيال لقمان سليم فهي تندرج تحت بند “القتل العمد” من المادة السابعة في اتفاقية روما وضمن فعل “جريمة ضد الإنسانية” إن ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي وفقاً لفرحات.
وأشار الخبير القانوني إلى أن كافة الاغتيالات السياسية في لبنان لم يتم الكشف عن مرتكبيها وذلك بسبب أن “المنظومة الحاكمة متجذرة في داخل القضاء اللبناني”.