رام الله وكالات – الناس نيوز ::
عقد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأربعاء اجتماعا مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الضفة الغربية المحتلة التي وصلها قادما من إسرائيل حيث نبّه الى الكلفة “الباهظة” التي يتكبّدها المدنيون جراء الحرب التي تخوضها الدولة العبرية ضد حماس في قطاع غزة حيث يستمر القصف والمعارك والأزمة الإنسانية الحادة.
وتأتي زيارة بلينكن ضمن جولة جديدة هي الرابعة له في المنطقة منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من تشرين الأول/أكتوبر. وتمحورت الجولة حول تفادي اتساع الحرب الى جبهات أخرى، والبحث في “اليوم التالي” لما بعد انتهائها، والدعوة الى حماية المدنيين وزيادة المساعدات للقطاع الذي يواجه أزمة إنسانية متعاظمة. وفق فرانس برس .
واستقبل عباس بلينكن صباح الأربعاء في مقرّ السلطة الفلسطينية بمدينة رام الله، وفق الوفد الصحافي المرافق للوزير. وتصافح المسؤولان قبل أن يُطلب من الصحافيين مغادرة القاعة.
وتجمع زهاء 30 شخصا في الساحة الرئيسية لرام الله احتجاجا على زيارة بلينكن والدعم الذي تقدّمه بلاده لإسرائيل منذ اندلاع الحرب. ورفع البعض لافتات بالانكليزية كتب في بعضها “بلينكن ليس مرحبا بك هنا”.
وفي وقت لاحق اليوم، سيلتقي عباس في العقبة في الأردن، العاهل الأردني عيدالله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، “لبحث التطورات الخطيرة في غزة”، وفق ما جاء الثلاثاء في بيان للديوان الملكي الأردني.
وأشار البيان الى أن “القمة الثلاثية” ستتناول “تنسيق المواقف العربية للضغط للوقف الفوري لإطلاق النار في غزة وإيصال المساعدات الإنسانية بدون انقطاع”.
وكان بلينكن التقى الثلاثاء في تل أبيب مسؤولين إسرائيليين بينهم رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت.
واعتبر أن على إسرائيل أن “تكون شريكا للقادة الفلسطينيين الذين يريدون قيادة شعبهم”، و”أن تكفّ عن اتخاذ خطوات تقوّض قدرة الفلسطينيين على حكم أنفسهم في شكل فعال”.
وسبق زيارة بلينكن عرض وزير الدفاع الإسرائيلي غالانت خطته “لما بعد الحرب” التي تقوم على ألا يكون في القطاع “لا حماس” ولا “إدارة مدنية إسرائيلية”، وأن تديره “كيانات فلسطينية” بشرط “ألا يكون هناك أيّ عمل عدائي أو تهديد ضدّ دولة إسرائيل”.
ومن السيناريوهات المحتملة، وفق محللين، أن تتولى السلطة الفلسطينية حُكم القطاع رغم تدني شعبيتها فيه.
واعتبر بلينكن أن على “السلطة الفلسطينية مسؤولية إصلاح نفسها وتحسين حوكمتها. هذه هي التحديات التي سأطرحها مع الرئيس عباس”.
– توصيل “الأساسيات” –
وشملت جولة بلينكن الإقليمية تركيا وقطر والإمارات والسعودية، ومن المقرر أن يزور مصر الخميس. والأربعاء، أكد مسؤول أميركي أنه سيتوجه الى البحرين في محطة غير معلنة مسبقا.
ودعا وزير الخارجية الأميركي الثلاثاء إسرائيل الى محاولة تجنب سقوط هذا العدد الكبير من المدنيين خلال عملياتها العسكرية في غزة.
وقال “ندرك أن مواجهة عدو يتخفّى بين السكان المدنيين ويحتمي في المدارس والمستشفيات لإطلاق النار، يجعل الأمور بالغة الصعوبة. لكن الثمن الذي يدفعه المدنيون يوميا (في قطاع غزة)، لا سيما الأطفال، باهظ جدا”.
وتوعدت إسرائيل بـ”القضاء” على حماس بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنّته الحركة على جنوب الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر. وأدى الهجوم الى مقتل نحو 1140 شخصا غالبيتهم من المدنيين، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند الى أرقام رسمية إسرائيلية.
كما تمّ أخذ نحو 250 رهينة خلال الهجوم، لا يزال 132 منهم محتجزين في القطاع، بحسب الجيش الإسرائيلي.
وتردّ إسرائيل بقصف جوي ومدفعي عنيف، وعمليات برية اعتبارا من 27 تشرين الأول/أكتوبر، على قطاع غزة المحاصر ما أدى الى مقتل 23210 أشخاص غالبيتهم من النساء والأطفال، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحماس.
وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس أن الغارات الإسرائيلية أدت إلى سقوط “أكثر من 70 شهيدا” ليل الثلاثاء الأربعاء.
وأعلن الجيش الإسرائيلي الأربعاء مواصلة عملياته في مخيم المغازي في وسط القطاع ومدينة خان يونس بجنوبه، مؤكدا ضرب “أكثر من 150 هدفا”. كما أعلن كشف 15 فتحة نفق في مخيم المغازي، إضافة الى قاذفات صواريخ ومسيّرات وعبوات ناسفة.
وكان الجيش أعلن هذا الأسبوع الانتقال إلى مرحلة جديدة تشمل تنفيذ عمليات أكثر استهدافا في وسط قطاع غزة وجنوبه حيث يحتشد مئات الآلاف من النازحين، بعدما تركّز العمليات مطلع الحرب على شمال القطاع خصوصا مدينة غزة والمناطق المحيطة بها.
وقال بلينكن الثلاثاء إن إسرائيل وافقت على مبدأ ارسال “بعثة تقييم” أممية لدراسة الوضع في شمال القطاع تمهيدا لعودة الفلسطينيين النازحين.
ودخلت الحرب هذا الأسبوع شهرها الرابع وسط تحذيرات متزايدة من الأمم المتحدة ومنظمات وأطراف دولية من الاوضاع الكارثية مع تواصل الحصار والقصف الإسرائيليين والمعارك البرية.
وتؤكد منظمات دولية أن المساعدات المحدودة التي تدخل القطاع بموافقة إسرائيلية، لا تكفي لسدّ حاجات سكان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة.
وأكد بلينكن الحاجة إلى توصيل مزيد من المواد الغذائية والمياه والدواء.
وقال “يتعيّن توصيل مزيد من الأغذية ومزيد من المياه ومزيد من الأدوية وغيرها من الأساسيات إلى غزة. وفور دخولها إلى غزة، ينبغي أن تصل في شكل أكثر فعالية لمن يحتاجون إليها”.
هجوم حوثي هو “الأكبر”
وتثير الحرب مخاوف من اتساع النزاع الى جبهات إقليمية، في ظل تبادل القصف اليومي بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، واستهداف الحوثيين في اليمن سفنا في البحر الأحمر، وهجمات فصائل مسلحة ضد قواعد تضمّ قوات أميركية في العراق وسوريا.
وأعلن البنتاغون الأربعاء أنّ القوات الأميركية والبريطانية أسقطت 18 طائرة مسيّرة مفخّخة وصاروخين مجنّحين وصاروخاً بالستياً أطلقها الحوثيون مساء الثلاثاء باتّجاه مسارات شحن دولية في جنوب البحر الأحمر.
وقالت القيادة العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم) إنّ “الحوثيين المدعومين من إيران شنّوا هجوماً معقّداً”، مؤكدة إسقاط القوات الأميركية والبريطانية ما مجموعه 18 مسيّرة وصاروخي كروز وصاروخاً بالستياً، دون وقوع أضرار أو إصابات.
وأكد وزير الدفاع البريطاني غرانت شابس أنه كان “أكبر هجوم حتى الآن من الحوثيين المدعومين من إيران” مذ بدأ المتمردون شنّ هجمات بحرية “دعما” للفلسطينيين في غزة.
وعلى الجبهة بين لبنان وإسرائيل، قال الجيش الإسرائيلي الثلاثاء إنه قام “بتصفية” علي برجي، موضحا أنه “قائد منطقة جنوب لبنان الجوية لحزب الله” ومسؤول عن عمليات استهدفت مواقع للجيش في شمال الدولة العبرية.
الا أن الحزب الذي نعى أربعة من عناصره الثلاثاء، نفى في بيان “نفياً قاطعاً هذا الادّعاء الكاذب الذي لا صحة له على الإطلاق”، مؤكدا “أنّ الاخ المجاهد مسؤول وحدة المسيّرات في حزب الله لم يتعرّض بتاتًا الى أي محاولة اغتيال كما ادّعى العدو”.
“كل أحلامنا راحت”
في غضون ذلك، تحذّر المنظمات الدولية من كارثة صحية في غزة مع عدم تلقي القطاع سوى مساعدات نادرة رغم صدور قرار عن مجلس الأمن الدولي في هذا الصدد.
وحذّرت منظمة الصحة العالمية الثلاثاء من أن قدرتها على تقديم المساعدات ودعم المستشفيات في قطاع “تتقلص”.
ووصف عاملون في المنظمة مشاهد يائسة لمصابين بجروح خطرة بينهم اطفال، وهم يتوسلون للحصول على طعام في المستشفيات التي غادرها معظم الطواقم الصحية حفاظا على سلامتهم.
وصرح شون كيسي منسق فرق الطوارئ الطبية في منظمة الصحة للصحافيين في جنيف عبر رابط فيديو من قطاع غزة “نرى هذه الكارثة الإنسانية تتكشف أمام أعيننا”، محذّرا “نشهد انهيار النظام الصحي بوتيرة متسارعة”.
وأعلنت منظمة “أطباء بلا حدود” مقتل ابنة أحد العاملين معها بضربة طالت مأوى تابعا لها في خان يونس، مدينة ذلك “بشدة”.
وكانت المنظمة أفادت أن قذيفة اخترقت الإثنين “جدارَ مأوى تابع لمنظمة أطباء بلا حدود يضم أكثر من 100 موظف وعائلاتهم في خان يونس”، مشيرة الى إصابة أربعة أشخاص “من ضمنهم ابنة أحد موظفي أطباء بلا حدود تبلغ من العمر 5 سنوات وهي في حالة حرجة”.
وأشارت الى أنها كانت “قد أبلغت القوات الإسرائيلية أن هذا كان مأوى لمنظمة أطباء بلا حدود. ولم تتلق أطباء بلا حدود أوامر إخلاء”.
ويعكس سكان القطاع صعوبة الأوضاع في ظل حرب طويلة انعكست عليهم نزوحا وتشردا ونقصا في أبسط مقومات العيش.
وقالت هديل شحاتة التي باتت تقيم في خيمة موقتة بمدينة رفح في جنوب القطاع لفرانس برس “كل أحلامنا راحت… سنين راحت من عمرنا”.
من جهته، قال إبراهيم سعدات “فقدنا الأمل… لا أمل في الوضع الذي نراه، خصوصا أن لا ماء ولا كهرباء”.
وأضاف “من قلّة المياه بتنا نستحم مرة واحدة في الشهر وحالتنا النفسية تعبت وانتشرت الأمراض في كل مكان”.