الرياض – الناس نيوز ::
في الوقت الذي واجهت فيه معظم الدول الصناعية تراجعا بنسب النمو مع أزمة الطاقة التي ضربت العالم في 2022 بسبب حرب أوكرانيا، حققت السعودية أكبر نسبة نمو بين دول مجموعة العشرين بنحو 8.7 بالمئة، وهي النسبة الأعلى منذ 2011.
فالمملكة التي تعد أكبر مُصدر للبترول في العالم استفادت من ارتفاع أسعار النفط فوق 100 دولار للبرميل كمعدل سنوي في 2022، محققة عائدات ضخمة من صادرات النفط بلغت 326 مليار دولار، بنسبة نمو بلغت 61.4 بالمئة، وفقا للأناضول.
لكن زيادة إنتاج السعودية للبترول بمستوى غير مسبوق كان أحد أسباب ارتفاع عائداتها النفطية، حيث بلغ متوسط إنتاجها 10.531 ملايين برميل يوميًا في 2022، ارتفاعا من 9.114 ملايين برميل يوميًا في 2021، بحسب منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك”.
ولم يقتصر النمو فقط على قطاع النفط، بل حققت الصادرات خارج المحروقات أكثر من 70 مليار دولار من العائدات، وفق بيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودي.
أول فائض في الميزانية
وبعد أن سجلت الميزانية السعودية عجزا منذ 2014، حققت أول فائض لها في 2022، ولم يكن ذلك نتيجة ارتفاع أسعار النفط فقط، بل ساهم خفض البلاد من حجم انخراطها في الحرب اليمنية في تراجع إنفاقها العسكري.
إذ تضمنت موازنة 2022، خفض الإنفاق العسكري بنحو 10 بالمئة من تقديراتها لعام 2021، وفق موقع “بي بي سي” عربي.
وتزامن دخول الجيش السعودي حرب اليمن لدعم الشرعية في 2015 مع تراجع أسعار النفط ما بين 2014 و2021، وأيضا مع انتشار وباء كورونا بين 2019 و2021، وما خلفه من تراجع الطلب على النفط بسبب الإغلاقات، ما ضغط على ميزانية الدولة.
واضطرت السعودية لتغطية العجز عبر السحب من احتياطات النقد الأجنبي التي تراجعت من نحو 733 مليار دولار في 2014، إلى نحو 440 مليار دولار في مايو/أيار 2021، بحسب إحصائيات رسمية.
ومع تحقيق الميزان التجاري فائضا بأكثر من 222 مليار دولار في 2022، من المرتقب أن ينتعش احتياطي النقد الأجنبي ويحقق أرقاما أعلى.
إذ أن فائض الميزان التجاري حقق قفزة في العام الماضي مقارنة بعام 2021، الذي تم تسجيل فيه 123.3 مليار دولار فائض، أي بزيادة تقدر بأكثر من 80 بالمئة.
ولعب ارتفاع الصادرات الدور الأبرز في تحقيق هذا الفائض التجاري، بعدما بلغت في 2022، أكثر من 410 مليار دولار، بارتفاع نسبته 48.6 بالمئة على أساس سنوي.
كما سجلت قيمة الواردات ارتفاع هي الأخرى، ولكن بنسبة أقل من الصادرات، بلغت 23.2 بالمئة، أو ما يعادل 188.3 مليار دولار.
70 مليار دولار صادرات غير نفطية
رغم أن السعودية معروفة كبلد نفطي، إلا أن حجم صادراتها غير النفطية بلغت رقما مذهلا، يعادل أكثر من ضعف عائدات ليبيا من النفط، والتي تملك أكبر احتياطي نفطي في إفريقيا، وثالث أكبر مُصدر للنفط في القارة السمراء، بقيمة 22 مليار دولار في عام 2022.
بينما الصادرات السعودية غير النفطية بلغت 70.88 مليار دولار في 2022، مقابل 61.73 مليار دولار في 2021، أي بزيادة 9.15 مليارات دولار خلال عام واحد فقط، وهو ما يعادل نسبة نمو 14.8 بالمئة على أساس سنوي.
وهذا ما يعني أن السعودية متجهة بخطوات متسارعة نحو تنويع اقتصادها وفق رؤية 2030، للتخلص من التبعية النفطية وتقلبات أسعار البترول.
ولكن رغم هذه الزيادة إلا أن حصة الصادرات النفطية من إجمالي الصادرات ارتفعت من 71.9 بالمئة في ديسمبر/كانون الأول 2021 إلى 79 بالمئة في ديسمبر 2022، وفق الهيئة العامة للإحصاء.
بينما تراجعت الصادرات غير النفطية من 28.1 بالمئة في ديسمبر 2021 إلى 21 بالمئة في ديسمبر 2022، أي أنها خسرت أكثر من 7 نقاط.
ويرجع ذلك إلى ارتفاع نسبة الصادرات النفطية (61.4 بالمئة) أكثر من نسبة نمو الصادرات غير النفطية (14.8 بالمئة).
لكن طفرة أسعار النفط التي تحققت بين مارس/آذار وأكتوبر/تشرين الأول 2022، بعد تجاوزها 100 دولار للبرميل، بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية عادت لتستقر ما بين 80 و90 دولار للبرميل.
وتحتاج السعودية لسعر يبلغ نحو 80 دولارا للبرميل لموازنة ميزانيتها، وفق خبراء، وهذا ما يفسر مقاومتها للضغوط الأمريكية ورفضها زيادة إنتاج النفط، وتمسكها باتفاق “أوبك+”.
وتشير تقديرات رسمية إلى أن الناتج الإجمالي الخام للبلاد سيتجاوز 820 مليار دولار.
بل إن الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية أمين الناصر، كان أكثر تفاؤلا عندما توقع أن يتخطى الناتج الإجمالي الخام حاجز تريليون دولار لأول مرة “قريبا”.