موسكو عواصم ووكالات – الناس نيوز ::
تتوعد الأسرة الدولية بجعل فلاديمير بوتين “منبوذا” على الساحة الدولية ردا على الغزو الروسي لأوكرانيا، لكن خبراء يرون أن الرئيس الروسي لا يخشى العزلة ولا مجابهة النظام الدولي، بل إن مثل هذا الوضع يزيده تصميما.
وتتوارد الإدانات منذ دخول القوات البرية الروسية أوكرانيا صباح الخميس مع الشروع في فرض عقوبات على موسكو وترقب عقد اجتماعات طارئة في عدة بلدان غربية ولا سيما في الاتحاد الأوروبي.
وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن الخميس معلقا على سلسلة عقوبات أقرتها لولايات المتحدة وحلفاؤها على روسيا، أنها “تتخطى كل ما تم حتى الآن إطلاقا”، مؤكدا أنها ستجعل بوتين “منبوذا على الساحة الدولية”.
وأوضح المحلل تيموثي آش من شركة “بلو باي أسيت” أن “بوتين بات يُعتبر بمثابة التهديد الأكثر آنية لنظام الديموقراطية الغربية الليبرالية”.
ورأى في مذكرة تلقتها وكالة فرانس برس “من المثير للاهتمام أن نسمع القادة الغربيين اليوم (…) إنهم يشعرون أن بوتين خذلهم ويهددهم” ما جعله “المنبوذ الأول” لدى الغربيين.
وكتبت رئيسة مجموعة الأزمات الدولية كومفورت إيرو على تويتر أن “روسيا قد تجد نفسها في عزلة سياسية واقتصادية غير مسبوقة ولفترة طويلة” مع شروع العواصم الأوروبية وواشنطن بفرض عقوبات بالغة الشدة عليها.
والرئيس الروسي مستهدف بالأساس بعقوبات أقرت بعد ضم موسكو شبه جزيرة القرم من أوكرانيا عام 2014 وتسميم المعارض أليكسي نافالني، غير أن كل هذه التدابير لم يكن لها على ما يظهر أي تأثير عليه، لا بل زادته تصلبا، ومن غير المرجح أن يكون لأي عقوبات جديدة مفعول مختلف.
وقالت المحللة تاتيانا ستانوفايا مؤسسة “آر بوليتيك” الذي يقدَُّم على أنه مركز تحليل سياسي مستقل، لوكالة فرانس برس إن “الكرملين يستعد بشكل نشط منذ عام ونصف لواقع أن الغرب سيفرض أشد العقوبات الممكنة”.
وأضافت أن بوتين “يعتبر أن هذه العقوبات لا تهدف إلى منع عدوان روسي بل إلى كبح تطور روسيا”.
– “احتياطات وفيرة” –
وحذرت ستانوفايا من أن روسيا تتوقع نزاعا “طويل الأمد مع الغرب”.
وتحسبا لهذا الاحتمال باشرت موسكو منذ وقت طويل بناء احتياطات كبيرة ولا سيما من العملات الأجنبية.
وأوضح أوليغ إيغناتوف المحلل لدى مجموعة الأزمات الدولية على تويتر أن “احتياطات موسكو الوفيرة من العملات الأجنبية (حوالى 640 مليار دولار)، وارتفاع أسعار النفط (روسيا من كبار منتجي النفط) والنسبة المتدنية لدينها إلى إجمالي ناتجها الداخلي، كل هذا سيساعد روسيا على موازنة التاثير المباشر للعقوبات حتى لو واجهت على المدى البعيد انكماشا اقتصاديا”.
لكن تيموثي آش لفت رغم ذلك إلى أن العقوبات قد تجعل من روسيا سوقا “منبوذة مستحيلة على المستثمرين”.
وهي نكسة يؤكد الكرملين أنه “توقعها”، وقال المتحدث باسم الرئاسة دميتري بيسكوف للصحافيين “تم اتخاذ كل التدابير الضرورية حتى تكون هذه المرحلة الانفعالية عابرة قدر الإمكان”.
وقلل الكرملين من عواقب الغزو الروسي على الصعيد الدبلوماسي وقال بيسكوف بهذا الشأن “بالطبع، قد نواجه مشكلات مع بعض الدول. لكن كان لدينا مشكلات مع هذه الدول قبل ذلك حتى”.
– تلاشي الروابط –
غير أن كومفورت إيرو شددت على أن غزو أوكرانيا “ليس أزمة تقتصر على الأمن الأوروبي” بل إن “عواقب هذه الحرب على الأمن العالمي ستكون خطيرة ومستديمة”.
واعتبر ألكسندر باونوف المحلل لدى مجموعة كارنيغي الأميركية للدراسات في موسكو أن “روسيا ستصبح بالطبع منبوذة لبعض الوقت، وكلما طالت هذه العملية، تلاشت الروابط الاقتصادية والالتزامات أكثر بين روسيا ودول أخرى”.
وبمواجه عزلته الدبلوماسية والاقتصادية عن الغرب، قد يعمد بوتين إلى التقرب من بلدان أخرى مثا الصين وإيران اللتين تمنعتا حتى الآن عن التنديد بالهجوم الروسي على أوكرانيا، فيما زار رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان موسكو الخميس.
وأعلنت بكين الخميس أنها “تتفهم مخاوف” موسكو فيما عزت طهران نشوب النزاع بين روسيا وأوكرانيا إلى “استفزازات” الحلف الأطلسي.
ولفت آش إلى أن الكرملين قد يعول يوما ما على الصين للقيام بدور وساطة.