فواز خيو
كل شيء له وجهان ، وجه جميل ووجه بشع .
وهذا يتوقف على طريقة التعاطي معه ،
الخشب مثلا : يصنع منه الأثاث والورق الذي يطبع عليه الشعر والروايات الجميلة ، وتصنع منه الآلات الموسيقية وكل هذا يفتح آفاقا جديدة أمام الإنسان ، ويجعل الحياة جميلة ، وفي نفس الوقت يصنع منه مقبض المسدس والسيف اللذين يقتلان الناس ويجعلان الحياة بشعة .
أريد هنا أن أسلط العتمة وليس الضوء على قضيتين ، كل واحدة منهما تشكل كابوسا ، فكيف لو تحالفتا ؟ وهما اللحية والبسطار .
اللحية حين تكون طيبة وخيرة ؛ تشعر بأن الورد يتفتح من شعرها ، لأنها تكون رمزا للخير وتنشر المحبة وقيم التسامح ، وتجعل الناس قريبين من بعضهم ومن الله ،
لأن الكراهية بذرة الموت لأي مجتمع ،
لكنها حين تفهم الدين بشكل تعسفي وحين توظف في مشاريع سياسية ؛ فإنها تزرع الويلات وتصبح رمزا للخراب والموت ، كما حصل في أوروبا في القرون الوسطى على يد محاكم التفتيش ، حيث ارتكبت المذابح ضد العقول النيرة من كتاب ومفكرين وغيرهم ممن تتهمهم بالإلحاد ،
وحيم تم فصل الدين عن الدولة ؛ استطاع الغرب أن يقطع قيوده وينطلق نحو فتوحات هائلة في العلم والمعرفة ، وسبل الحياة المشرقة .
والبسطار حين يأخذ مكانه الحقيقي في حراسة الحدود والدفاع عن الوطن فإنه يصبح رمزا للأمان والاستقرار .
لكن حين يأخذ دور السياسي فإنه يزرع المكان بالخراب ، لأنه لا يعرف التفكير ، ولا يتقن إلا الرفس .
ومع الأسف وعبر التاريخ فإن البسطار واللحية كانا يتحالفان ، وهما يقبلان بعضهما ولا يقبلان أحدا معهما .
اللحية تفتي للبسطار في ممارساته ، والبسطار يحميها ويغدق عليها خيراته ، وهي تبادله الحماية حيث تشكل لممارساته غطاء دينيا وأخلاقيا أمام البسطاء من الناس .
ومحاكم التفتيش في الغرب لا تختلف عن المحاكم الشرعية في الشرق .
كلاهما يدعي أن معه تفويضا خطيا وممهورا بتوقيع الله للنيابة عنه في تكفير ومحاسبة الناس .
الغرب ارتاح حين أبعد الاثنين عن التدخل في شؤون الدولة ، لكن في هذا الشرق فقد نجح تحالف البسطار واللحية في إبعاد الدولة والمجتمع عن الحياة .
عشقهما لبعض جعلني أعتقد أن البسطار مصنوع من الشعر ، واللحية مصنوعة من الجلد ..