ميديا – الناس نيوز ::
سجلت سوريا في العقد الأخير، معدلات غير مسبوقة في عدد الولادات القيصرية، مدفوعة بالأوضاع الأمنية المضطربة منذ عام 2011، وما رافقها من تدهور في الاقتصاد وقطاع الخدمات الطبية والرعاية.
ويكشف تحقيق أنجزه مشروع سيريا أنديكيتور المستقل للصحافة الاستقصائية (Syria Indicator)، عبر مقارنات إحصائية موثوقة المصادر، شملت المحافظات الخاضعة لسلطة الحكومة السورية، خلال سنوات ما بعد 2011، أن الاضطراب الأمني وضعف الرقابة، وطمع أفراد وجهات في القطاع الطبي، كانت عوامل ملائمة لتتحول النساء الحوامل، بصورة ممنهجة، إلى مصدر ربح عبر جراحات قيصرية دون استطبابات.
وبينما تحدثت مؤسسات البحث والإحصاء، عام 2019، عن نسبة استثنائية عالميًا سجلتها تركيا، بمعدل 54.4 بالمئة (544 طفل من كل 1000)، كانت سوريا حينها، وهي الغارقة في الحرب منذ ثماني سنوات، تسجل معدّلًا يفوق ذلك بكثير، فمن بين كل 1000 طفل سوري، هناك 630 ولدوا عبر الجراحة القيصرية، بمعدل 63 بالمئة.
بالمقابل تشير دراسات وأرقام منظمة الصحة العالمية الأخيرة إلى أن طفلًا من بين كل خمسة أطفال في العالم يولدون عبر الجراحة القيصرية، محذرة من ضررها، خصوصًا مع احتمالات ارتفاع النسبة إلى نحو 29 بالمئة عام 2030، وهي نسب أقل بكثير من تلك المسجلة في سوريا.
وإضافة إلى الاستغلال والفساد في القطاع الطبي، أسهم تراجع دور مؤسسات الدولة في مهمة التوعية والرعاية، في تحول الحوامل وأطفالهن إلى ضحايا يدفعون الثمن صحيًا وماديًّا ونفسيًا، في ظاهرة ستترك آثارها على مستقبلهم من جهة، ومستقبل أجيال قادمة في البلاد من جهة ثانية.
وحصل تحقيق سيريا أنديكيتور على بيانات بأعداد المواليد، وطرق الولادات، في المستشفيات العامة والخاصة من هيئات رسمية في الدولة السورية، للفترة الممتدة بين عامي 2010 و2021، إضافة إلى بيانات النصف الأول من عام 2022.
يشير تحليل بيانات الولادات القيصرية في سوريا إلى ارتفاع متواتر، إذ قفزت نسبة الولادات القيصرية من 29% في عام 2010 إلى 57% في عام 2020.
وبلغت الولادات القيصرية في عام 2019، نسبة 63% من مجموع الولادات، وهي أعلى نسبة مسجلة طوال مدة التحليل، أي قرابة أربعة أضعاف المعدل المثالي العالمي الذي حددته منظمة الصحة العالمية، ويتراوح في نطاق بين 10-15% من مجموع الولادات.
البيانات الكلية التي حصل عليها التحقيق، تشمل جميع المستشفيات التابعة لوزارة الصحة، لكنها لا تشمل المستشفيات التابعة لوزارتي التعليم والدفاع، أو العيادات الخاصة والولادات المنزلية.
ويمكنكم قراءة التحقيق كاملا عبر الرابط
الجدير بالذكر أن “سيريا إنديكاتور” هو مشروع صحافة مساءلة مستقل، ينتج تحقيقات استقصائية خاصة حول قضايا الوضع السوري في الداخل والخارج، ويهتم بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. التحقيقات تتابع الظواهر التي نشأت نتيجة الحرب الدائرة في سوريا، وآثارها من مختلف الجوانب، وتلقي الضوء على ما يمكن أن يساهم في عملية إعادة بناء الدولة في المستقبل.