سيدني – الناس نيوز ::
تسعى أستراليا إلى التخلص التدريجي من جزء كبير من محطات الفحم التي تولّد الكهرباء خلال العقد المقبل، في إطار سعي البلاد للتحول نحو الوقود النظيف.
ويخشى المحللون مواجهة أستراليا عقبات في تقديم الوقود بأسعار ملائمة إلى المستهلكين خلال المدة الانتقالية للتحول الأخضر، مع ارتفاع أسعار الطاقة العالمية.
وتُعَد أستراليا واحدة من أكثر دول العالم إنتاجًا للفحم، إذ يمثّل المصدر الرئيس لتوليد الكهرباء هناك، وفق ما رصدته منصّة الطاقة المتخصصة.
ويعتقد المحللون أنه في ظل عدم وجود مصادر بديلة لتوليد الكهرباء، فإن إغلاق محطات الفحم سيؤدي إلى تضخم فواتير الطاقة، بحسب منصّة إس بي غلوبال (spglobal).
وتتوقع شركات الطاقة الكبرى أن يتسبّب إغلاق محطات الفحم زيادة في أسعار الفواتير للمستهلك بنسبة تتراوح بين 35% و38%.
إغلاق محطات الفحم
أعلنت ولاية كوينزلاند، أكثر الولايات إنتاجًا للفحم في أستراليا، خلال سبتمبر/أيلول (2022)، أنها ستنهي اعتمادها على محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم بحلول عام 2035، وتلبية 80% من احتياجاتها من مصادر الطاقة المتجددة بحلول ذلك الوقت.
وخلال العام الماضي (2021)، اعتمدت كوينزلاند على الفحم الحراري لتلبية 65% من احتياجاتها من الكهرباء.
وأعلنت شركة (إيه جي إل إنرجي) المُنتجة للطاقة، أنها ستتخلص من محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم في عام 2035.
وقالت الشركة إنها ستغلق محطة الطاقة “لونغ يانغ” بحلول عام 2035، التي توفر 30% من الكهرباء في ولاية “فيكتوريا” التي تعتمد على محطات الفحم في توليد 63% من احتياجاتها.
وبينما تهدف الحكومة الأسترالية إلى توليد نحو 80% من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، يقول الخبراء إن بناء المزيد من قدرات توليد الطاقة المتجددة أمر ضروري لضمان حدوث انتقال سلس.
وإذا أُغلقت محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم قبل بناء أصول جديدة وتشغيلها، فسوف تشهد أسعار الطاقة مزيدًا من الارتفاع.
وتتجه كبرى شركات إنتاج الفحم في أستراليا إلى إغلاق محطات توليد الكهرباء به، لكونه أكبر مُنتج لانبعاثات غاز الاحتباس الحراري في العالم.
استثمارات الطاقة المتجددة
أدى تغيُّر المناخ والانتقال إلى مصادر طاقة أنظف دورًا رئيسًا في اختيار الحكومة الجديدة للبلاد في الانتخابات التي جرت في مايو/أيار (2022)، وزاد التركيز على إغلاق محطات الطاقة التي تعمل بالفحم لاحقًا.
وتخطط الشركات الأسترالية للاستثمار في طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة المائية لتحل محل الفحم، لكن المشاركين في السوق غير متأكدين من كيفية استيعاب شركات الطاقة والمستهلكين لتكلفة هذا التحول والاستثمار.
وضمن خطة (إيه جي إل)، تعتزم الشركة ضخ استثمارات بقيمة 20 مليار دولار أسترالي (13 مليار دولار أميركي)، في الطاقة المتجددة بحلول عام 2036.
وتتضمّن خطة الاستثمار هدفًا مؤقتًا للحصول على ما يصل إلى 5 غيغاواط من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.
وكان إعلان “كوينزلاند” إغلاق محطات الفحم جزءًا من خطة الولاية للطاقة والوظائف البالغة 62 مليار دولار.
وستشهد الولاية “شبكة عملاقة” جديدة تربط مولدات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والبطارية والهيدروجين في جميع أنحاء الولاية، ما يسمح بتوليد 22 غيغاواط من سعة الطاقة المتجددة، أي 8 أضعاف مستويات الإنتاج الحالية.
محطات الفحم
ومع التحول العالمي نحو مصادر الطاقة المتجددة، وانخفاض الاستثمار في طاقة الفحم الجديدة، ترتفع الأسعار بصورة مستمرة مع عجز منتجي الفحم على ضخ إمدادات إضافية.
وتأتي مخططات أستراليا للاستغناء عن الفحم في وقت زاد فيه الطلب على الوقود من الدول الأوروبية، بما في ذلك ألمانيا والمملكة المتحدة وهولندا والنمسا وفرنسا، بعد أن فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على الفحم الروسي بعد غزو أوكرانيا.
ومن المتوقع أن تزداد حصة الفحم الأسترالي في دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية، إذ تحاول هذه الدول استبدال الوقود الروسي، مع اضطرار الدول المستوردة للخام الجاف إلى دفع أسعار مرتفعة للحفاظ على أمن الطاقة.
الطاقة النظيفة
أعلنت أستراليا أمس الأربعاء 19 أكتوبر/تشرين الأول (2022) خططًا لبناء مناطق طاقة متجددة، ومشروعات رياح، ووصلات كهربائية تحت الماء، في الوقت الذي تتطلّع فيه إلى بناء قدراتها في مجال الطاقة المتجددة وجلب المزيد من الطاقة النظيفة إلى شبكتها الوطنية.
وستحصل ولاية فيكتوريا -التي تشهد انتخابات في شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل (2022)- على 1.5 مليار دولار أسترالي (947.85 مليون دولار) بمثابة تمويل ميسر، لتمويل مناطق الطاقة المتجددة (آر إي زد) ومشروعات طاقة الرياح البحرية.
وقال البيان، إن فيكتوريا ستحصل -أيضًا- على قرض ميسّر بقيمة 750 مليون دولار أسترالي، لضمان اكتمال خط الربط الكهربائي تحت الماء بين ولايتي “فيكتوريا” و”نيو ساوث ويلز”، والمتوقع انتهاؤه بحلول عام 2028.
وواجهت أستراليا أزمة كهرباء هذا العام، وتجنّبت بصعوبة انقطاع التيار الكهربائي، إذ عانت العديد من المحطات العاملة بالفحم انقطاعًا غير متوقع، وخفّضت أخرى الإنتاج بسبب نقص الخام الجاف، في حين تعاملت المولدات التي تعمل بالغاز مع ارتفاع الأسعار الناجم عن الاضطرابات العالمية.
وأعلنت الحكومة الأسترالية قرضًا بقيمة مليار دولار لإعادة تطوير محطة “تاراليا” للكهرباء في تسمانيا ومشروع بحيرة “سيثانا” للطاقة الكهرومائية.