أنور عمران – الناس نيوز ::
تركوا الذهبَ والعنبرَ تحتَ الوسائد
وصلَ الأعداءُ قبلَ قليل…
رأينا جسورَهم
مثل غِزلانٍ خائفةٍ تقفزُ خلفَهم،
ورأيناهم
يومضونَ كشُهُبٍ تائهةٍ..
من طُرُقٍ غامضةٍ جاؤوا،
ربطوا جيادَهم بالسياجِ البعيدِ،
ارتدوا أزياءَنا،
ونَظَّفوا بواريدَهم حتى تلمعَ أكثرَ تحتَ الليل،
وكانوا على عجلٍ…
….
ورأيناهم
من وراءِ ستائرِنا التي بَقَّعوها بالحزنِ،
وكانوا تحتَ أشجارِنا.. يدفنونَ كنوزَهم /
غَطّوها بدمعِهم
.. كي يدخلوا إلى أحلامِنا
خفيفينَ،
ووسمينَ،
وسالمينَ…
ظنَّوا مثلما ظننّا .. أنهم يشبهوننا،
وأنهم انعكاسُ خطايانا في المرايا..
فأخذوا نصفَ أسمائنا،
وعَلّقوا مفاتيحَنا كالقلائدِ حولَ رقابِهم..
وخمّنَا مثلما خمّنوا
أنهم رسائلُ النبوءاتِ إلينا،
فانتزعنا الأشواكَ العالقةَ بأقدامهم،
وضَمَّدنا قلوبَهم بال ” مرحبا”،
عانقناهم كما يتعانقُ الأُلَّافُ…
ولكنهم
كانوا على عجلٍ
وكنا انتظرناهم
أوّلَ الصيفِ عند السياجِ البعيدِ،
ومِلْنا عليهم
مثلما تميلُ العرائشُ على شرفاتِ البيوت…
ومن وقتِها،
وجَدّاتُنا تحكي للصغارِ العالقين في مداخلِ العمرِ
عن أنهم .. وصلوا فجأةً،
وفجأةً
مثلما ترحلُ الصواعقُ رحلوا..
….
وصلوا قبلَ قليل..
وكانوا يركضونَ حفاةً،
ويُغطّونَ عواطفَهم بالمظلاتِ،
بينما ظلتْ مُبلَّلةً ثيابُهم…
تكسَّرتْ اساورهم
وهم يقرعون شبابيكَ نومنا
تَرَّكوا الذهبَ والعنبرَ تحت الوسائدِ،
وأما الخيامُ التي نسوها في الوديانِ
فقد ظلتْ مفتوحةً
وفارغةً مثل الصحارى،
….
….
والآنَ
بعد أن نفضْنا الغبارَ عن ثيابنا
والأزيزَ عن حلوقِنا
نسألُ:
ماذا سنفعلُ بعد أن انتهتِ الحرب؟؟
كيف سنتدبرُ أمورنا،
وقد نسينا الحِرفَ القديمةَ، وأمسينا جنوداً؟؟؟
لا أحد منا يستطيعُ أن يُعلِّمَ الأطفالَ القراءة،
ولا أحد يتذكرُ طريقةَ العزفِ على المزمار… … …
والآنَ
بعدَ أن رمَّمَ الروائيون الحكايا،
وكتبوا أسماء موتانا في السِيَرِ اللامعةِ….
نتذكرُ الأعداءَ، ونسألُ:
هل يُفكِّرونّ بنا
مثلما نفعلُ ونحن نطحنُ البُنَّ؟،
مثلما نفعلُ ونحنُ نتأملُ الغروب؟!!
…..