أنقرة – الناس نيوز ::
أعلنت السلطات التركية مصادرة أصول وأموال 17 فرداً و4 مؤسسات في عدة مدن بالبلاد، يعود معظمها لأشخاص سوريين بتهمة ارتباطهم بالإرهاب ودعمهم وتمويلهم لتنظيم داعش المصنّف على لائحة الإرهاب بتركيا.
وأعلنت وزارة الخزانة والمالية، تجميد أصول الأفراد والشركات المرتبطين بتنظيم داعش، في حين نُشر القرار في الجريدة الرسمية (RESMÎ GAZETE) الخميس، ممهوراً بتوقيع وزير الداخلية سليمان صويلو ووزير الخزانة والمالية نور الدين نباتي، ودخل حيّز التنفيذ لحظة صدوره.
ووفق الجريدة، فقد قرّرت وزارة الخزانة والمالية تجميد أصول بعض الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين في تركيا المرتبطين بتنظيم داعش، بناءً على وجود أسباب معقولة بأنهم قدّموا تمويلًا لمنظمات إرهابية.
وتضمّنت القائمة وفق الجريدة الرسمية تجميد أصول الأفراد التالين: ماهر دغيم، وحسان دغيم ، وبادية حكمي، ونجيب باليك، ومصطفى عرجة، ورضوان سكسوك، ومحمد علاء سكسوك، وحسن سكسوك، وخالد سكسوك، وحسين حسين، ومحمد راتب خطاب، وزهير سحلول، وأحمد أوبيسي، وماجد سكرية، وياسر شتات، وإحسان مهدي صالح صالح ، وعماد بن صالح (أبو عبد الله التونسي).
كما تضمّن القرار تجميد أصول 4 شركات مسجّلة في تركيا، كان لها دور في تمويل الإرهاب، وهي: “DXN Milano” للتجارة، و”Al Marai” للاستيراد والتصدير والصناعة والتجارة، و”RSaksouk Gold International” للصناعة والتجارة، و”Universal Logistic” للاستيراد والتصدير والتجارة.
وفي شهر حزيران الماضي، قرّرت السلطات التركية تجميد أموال وأصول دفعة جديدة من اللاجئين السوريين ومؤسسات تابعة لهم بحسب ما نشرته وزارة الخزانة والمالية التركية، وذلك تحت تهم تمويل داعش وتنظيم القاعدة الموضوعين على لائحة الإرهاب بتركيا.
وبحسب الصحيفة الرسمية (RESMÎ GAZETE) فإن قرار التجميد طال 29 فرداً ومؤسسة واحدة، بتهم تمويل التنظيمين الإرهابيين حيث دخل القرار حيّز التنفيذ لحظة صدوره.
وبيّنت الصحيفة الرسمية أن 27 شخصاً أُدينوا بتمويل داعش منهم 19 سورياً وواحد من روسيا، إضافة إلى شركة موجودة في أنقرة، في حين أُدين شخصان أحدهما سوري والآخر تركي بتهمة تمويل تنظيم القاعدة في أفغانستان.
وكانت السلطات التركية صادرت العام الماضي أصول وأموال 6 أشخاص و7 مؤسسات في عدة مدن بالبلاد، يعود بعضها لأشخاص ومؤسسات سورية بحجة ارتباطها بالإرهاب ودعمها وتمويلها له.
وفي قرار موقّع من الرئيس “رجب طيب أردوغان” نشرته الصحيفة الرسمية، أُعلِن تجميد أصول ستة أشخاص وسبع منظمات في مدن (إسطنبول وبورصة وغازي عنتاب وشانلي أورفا وهاتاي) على أساس أنهم قدّموا تمويلاً للمنظمات الإرهابية بحسب قولها.
تجمّد أصول “جيش الإسلام”
وفي مطلع العام الحالي أثار قرار الحكومة التركية تجميد أصول مالية تابعة لكيانات وشخصيات مقربة من فصائل المعارضة السورية المسلحة، المخاوف من توجه تركي للتضييق على موارد تمويل الفصائل في تركيا، وزيادة الضغوط عليها للانخراط في مسار التطبيع مع نظام الأسد.
وقررت وزارتا الخارجية والخزانة التركية حجز وتجميد أصول وأموال تعود لشخصيات وكيانات مرتبطة بجيش الإسلام، التابع للفيلق الثالث في الجيش الوطني، بينهم شاكر الحسيني، وشركة طيبة للتحويلات المالية التي يديرها في تركيا “لارتكابها أعمالاً تدخل في نطاق جريمة تمويل الإرهاب”.
تخوف من تجفيف الدعم
وبحسب مصادر مقربة من “جيش الإسلام”، فإن شاكر الحسيني، شقيق القيادي أبو محمود الزيبق، أحد مؤسسي جيش الإسلام، يُعتبر المسؤول عن الخزينة المالية وإدارة مصادر التمويل والمؤسسات الاقتصادية للفصيل، وبينها شركة طيبة التي أسسها ويديرها منذ سنوات في تركيا.
وأوضحت المصادر أن عملية التجميد جاءت بناءً على اعترافات قدمها متهمون بتحويل كتل نقدية إلى تنظيم داعش في سوريا والعراق، تم القبض عليهم مطلع 2023، وقاموا بذكر الشركة كواحدة من المكاتب التي تم استخدامها في عمليات التحويل خلال السنوات الماضية.
قرار تجميد أصول مالية لجيش الإسلام
وأضافت المصادر أن “شركة طيبة للحوالات المالية المدرجة على قائمة العقوبات الجديدة تمثل بيت المال بالنسبة إلى جيش الإسلام ومصدر التمويل الرئيسي، وبالتالي فإن تجميد عملها والحجز على أصولها المالية يعني تجفيف أحد أهم مصادر التمويل المباشر بالنسبة إلى الفصيل”، مؤكدة أن مثل هذه الاعترافات التي بنيت عليها قرارات الحجز والتجميد، إن صحت، فهي كيدية ومتعمدة من قبل التنظيم الذي يعتبر جيش الاسلام أحد ألدّ خصومه في سوريا.
وتشير المصادر إلى أن الشركة مرخصة منذ سنوات وتعمل وفق القوانين والأنظمة التركية، ما يجعل من اتهامها بالارتباط بتنظيم داعش وتمويل الإرهاب بعيدة عن الواقع، نظراً لطبيعة علاقة الجيش بالتنظيم من جهة، وأيضاً لمعرفة القائمين عليها بعواقب التعامل مع التنظيم.
قرار بأبعاد سياسية
ويشكك سياسيون ومراقبون سوريون في توقيت الإجراءات التركية الأخيرة، والأسباب التي دعت لاتخاذها، في ظل الانفتاح التركي على نظام الأسد ومحاولات التقارب بين الطرفين، فضلاً عن العلاقة المتوترة بين الحكومة التركية والفيلق الثالث الذي يضم جيش الإسلام والجبهة الشامية ومجموعات أخرى.
ويعتقد الناشط السوري عمار جلو أن التصرف المستجد مبني على ترتيبات تركية تهدف إلى وضع جيش الإسلام تحت سلطتها المطلقة، باعتباره أحد الفصائل التي تتمتع بهامش استقلالية لا تملكه كثير من فصائل ريف حلب.
ويقول: “الواقع أن جلّ تمويل الفصائل المسلحة يأتي من عمليات التهريب عبر المعابر الداخلية والخارجية، ومن الأتاوات ومن تبرعات شخصيات أيديولوجية لا تزال ترتبط بهذه الفصائل مع استثمارات داخلية كالنصرة في إدلب، وبالتالي فإن تأثير التجميد يظل ضعيفاً”.
ويضيف أن “ولاء جميع الفصائل الأيديولوجية و المتباينة في ما بينها لتركيا، وقد يكون الاستثناء هو جيش الإسلام، لاسيما في بدايته”، معتبراً أن الهدف من التصرف التركي الحالي قد يكون جلب هذا الفصيل إلى الخيمة التركية والسيطرة على قراره، بعد التضييق على استثماراته التي توفر تمويلاً معقولاً له.
إجراء أمني فقط
لكن الباحث السياسي في مركز جسور للدراسات وائل علوان يرى أن الحكومة التركية تمتلك وسائل ضغط مباشرة وأكثر تأثيراً على فصائل المعارضة من عمليات تجميد الأصول والتضييق الاقتصادي، التي ترتبط بشكل رئيسي بالملف الأمني ومحاربة الإرهاب.
ويوضح ل”المدن”، أن القضية مرتبطة بملاحقة الأموال التي تصل إلى التنظيمات الإرهابية، وبالتالي فإن طبيعة عمل الشركة المختصة بالتحويلات المالية معرضة دائماً لتحويل الأموال لجهات مشبوهة تضع هذه الشركة والقائمين عليها أمام المساءلة القانونية.
ويقول علوان: “لا يوجد أي تطورات ملموسة تدفع للتضييق على المعارضة على مستوى فرض تعليمات وتوجيهات تثير القلق، فالهم الأكبر للسلطة الحاكمة في تركيا يتمثل اليوم بالانتخابات والبيت الداخلي التركي”.
ويتابع أن “إن هذا النوع من الإجراءات يأتي بناءً على عملية تتبع الأصول والحوالات النقدية إلى جماعات مدرجة على قوائم الإرهاب، أو جماعات ضبابية غير معروفة تثير الشكوك وتتطلب من الجهات الأمنية تتبعها وإيقاف طرق إيصال الأموال إليها”.
رغم تباين التقديرات حول دوافع وأسباب الإجراءات التركية التي استهدفت ولأول مرة كيانات وشركات مقربة من المعارضة، إلا أن القرار يفتح الباب على كثير من التساؤلات حول مصير هذه الشركات واستثمارات فصائل المعارضة في تركيا، في حال قررت أنقرة تجفيفها أو التضييق عليها، خاصة في هذا التوقيت.