إدارة – الناس نيوز :
هل حدث وأرسلتم رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى زميلكم أو زميلتكم في العمل أو عميلكم أو عمليتكم أو مديركم أو مديرتكم، وكانت رسالتك تتضمن ثلاثة أو أربعة استفسارات، لكنكم فوجئتم به أو بها يرسل لكم رداً يجيب فيه عن سؤال واحد أو اثنين من أسئلتكم ، ثم اضطررتم إلى إعادة الرد على البريد الإلكتروني تسألوا: “وماذا عن الاستفسارين الآخرين؟”، وتأخذ المسألة عدة ساعات أو ربما أيام لاستكمال الجواب بسبب ضغط العمل وسرعته وعدم تفرّغ الشخص الآخر؟
وهل صادفت الحالة المعاكسة؟ أي أن يصلك بريد إلكتروني فيه عدة نقاط، فترد على زميلتك أو زميلك مجاوباً عن بعض النقاط دون أن تنتبه إلى أنه يتضمن أسئلة أخرى لم تجب عنها؟
إذا كنت تقول الآن: “يا إلهي، نعم، هذا ما يحصل معي على الدوام”، فمرحباً بك معنا في هذ المشكلة التي يقع فيها كثير من الناس.
لماذا بالفعل، نتجاهل بعض العبارات التي قد تكون مفتاحية في مساعدتنا بفهم ما يريده الطرف الآخر الذي يرسل الإيميل؛ وبدلاً من ذلك نفهم الرسالة خطأ أو نجيب على نحو خاطئ؟ عن ذلك، تقول أخصائية اللغويات نايومي بارون: “إن المشكلة في التواصل بواسطة المراسلات المكتوبة تتمثل في أن ما نفهمه من قراءة النص على الشاشة هو أقل مما نفهمه من قراءة نص مطبوع على الورق، إذ إننا نخصص وقتاً أقل لقراءة النص كاملاً، ونميل إلى اتباع أساليب القراءة السريعة، والبحث عن النقاط المهمة الأساسية في النص. وعند الحاجة إلى الرد على رسالة ما؛ نجد عدداً هائلاً من الرسائل الإلكترونية الأخرى التي تنتظر منا كتابة ردود عليها، فتثقل المهمة كاهلنا ويفضي بنا الأمر إلى إرسال ردود سيئة ومختصرة ومربكة”.
أحد أوضح أسباب تراجع مهارات القراءة لدينا في العمل، هو أننا نتحرك بسرعة كبيرة غالباً، ما يزيد من سهولة إغفال التفاصيل. المشكلة هي أن معظمنا ليس مشغولاً حقاً بالقدر الذي يظنه، وذلك يحمّلنا تكاليف باهظة. فنحن نعمل بسرعة كبيرة تسبب لنا التوتر والقلق، وتؤدي إلى تقويض التزامنا بالدقة والوضوح والاحترام في تواصلنا مع الآخرين.
وبحسب الخبيرة والكاتبة إيريكا داوان صاحبة كتاب “لغة الجسد الرقمية” (Digital Body Language)، فقد أوردت في مقال مهم نشر في هارفارد بزنس ريفيو العربية، بعنوان: “تمهّل، واكتب رسائل إلكترونية أفضل”، أن القراءة بتمعّن هي الشكل الجديد للاستماع إلى الآخرين، والكتابة بوضوح هي الشكل الجديد للتعاطف. لذا، قبل أن ترسل رسالتك الإلكترونية التالية، تذكّر أنه علينا أن نتمهل، ونحرص دوماً على ذكر التفاصيل فيما نقوله للآخرين. فإذا أرسل إليك شخص ما رسالة إلكترونية مطوّلة لإعلامك بمجريات اجتماع افتراضي؛ فاكتب ردوداً على بنود معينة من الرسالة بدلاً من كتابة ردّ شامل. سيوضح ذلك أنك أخذت الوقت الكافي لقراءة ما بذله المرسل من وقت وأفكار في رسالته.
وتذكّر أنك عندما ترد بسرعة في رسالة تتميز بجملها الركيكة وأخطائها اللغوية والإملائية الفادحة؛ ستجعل المتلقي يشعر وكأنك تقول له: “لا أملك الوقت الكافي للاهتمام بما أرسلته”. قد يجعلك الإيجاز تبدو مهماً، لكنه يضر بفريقك وشركتك. فإرسال رسالة إلكترونية متسرّعة ومكتوبة دون عناية؛ يعني أن من يتلقاها سيقضي وقتاً في محاولة فهم المقصود منها، ما يسبب التأخير، وربما يؤدي إلى ارتكاب أخطاء مكلفة.
وأخيراً، دعوني أروي لكم هذه الطرفة؛ في إحدى المؤسسات الاستثمارية، انتشرت دعابة تقول إنه كلما كبر الإنسان، قلّ عدد الأحرف التي يحتاجها للتعبير عن امتنانه في رسالة نصية أو بريد إلكتروني. فقد بدأت حياتك المهنية بعبارة “شكراً جزيلاً لك”، وبعد حصولك على ترقية أو اثنتين اختصرتها لتصبح “شكراً” فحسب.