المنامة – الناس نيوز ::
يتوجّه البابا فرنسيس الخميس الى البحرين في زيارة تستمر أربعة أيام، هي الأولى لحبر أعظم الى المملكة الخليجية الصغيرة، تتركز حول تعزيز الحوار مع الإسلام، بينما تدعوه منظمات حقوقية لإثارة مسألة حقوق الانسان.
والزيارة التي تأتي في إطار منتدى حوار بين الشرق والغرب، هي الزيارة التاسعة والثلاثين التي يجريها بابا روما إلى الخارج، والثانية من نوعها الى شبه الجزيرة العربية بعد زيارته التاريخية إلى الإمارات العربية المتحدة عام 2019.
ومن المقرر أن يلقي البابا البالغ من العمر 85 عاماً، والذي يستخدم في الوقت الراهن كرسياً متحركاً للتنقّل، سبعة خطابات خلال زيارته الى البحرين، البالغ تعداد سكانها 1,4 مليون نسمة.
وأقامت البحرين، وهي من الدول التي تسمح بحرية العبادة بخلاف جارتها السعودية التي تحظر ممارسة أي ديانة على أراضيها غير الإسلام، علاقات دبلوماسية مع الفاتيكان في العام 2000. ويقطنها نحو ثمانين ألف مسيحي كاثوليكي، هم عمال من الهند والفليبين بشكل أساسي.
ويتوقع أن يضاعف البابا الذي يعد مدافعاً شرساً عن الحوار بين الأديان والتعايش السلمي بين المؤمنين، إشارات الانفتاح على الإسلام في البحرين، بعد ستة أسابيع من تحذيره من “استغلال” الدين خلال مؤتمر حوار عالمي بين الأديان في كازاخستان.
ويلقي البابا الذي يبدأ زيارته ظهر الخميس، كلمة أمام أعضاء “مجلس حكماء المسلمين” في جامع قصر الصخير الملكي ويلتقي شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب، الذي وقع معه في أبو ظبي وثيقة تاريخية حول الأخوة الإنسانية.
– “تهميش مستهدف” –
رغم إصرار الفاتيكان على “رسالة السلام والوحدة” التي تتسمّ بها الزيارة، إلا أنّها أثارت انتقاد منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان، دعت البابا الى التراجع عنها أو ممارسة الضغط على العائلة المالكة في المملكة التي شهدت اضطرايات في أعقاب تظاهرات مطالبة بتغيير نظام الحكم في 2011.
وأشارت منظمة هيومن رايتس ووتش في بيان الى “تهميش الحكومة المستهدَف” لشخصيات معارضة، معتبرة أنه “لا يمكنك القول إن البحرين ديموقراطية”.
وتحدّثت منظمة العفو الدولية من جهتها عن “انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان” من قبل السلطات، و”أعمال تعذيب”، فضلاً عن انتهاكات لحرية التعبير والتجمع.
في مقال نشرته صحيفة “لوموند” الفرنسية، أبدى المدير التنفيذي لمنظمة “أميركيون من أجل الديمقراطية وحقوق الانسان في البحرين” حسين عبدالله خشيته من أن تضفي زيارة البابا الى المملكة “شرعية على سياسة الملك حمد (بن عيسى آل خليفة) القائمة على التمييز”.
في المقابل، رفضت السلطات الانتقادات وقالت في بيان أرسلته لوكالة فرانس برس بأنّ “حرية الدين والعبادة حقوق مصونة بموجب الدستور، ولا تتسامح المملكة مع التمييز أو الاضطهاد أو الترويج للانقسام على أساس العرق أو الثقافة أو المعتقد”.
وتابعت “يخدم المواطنون من جميع الأديان والأعراق والأجناس في المناصب العامة ذات المسؤولية ، ويتم تعيينهم على أساس الجدارة”.
وشدّدت على أنّه “لم يتم القبض على أي فرد في البحرين أو اعتقاله بسبب معتقداته الدينية أو السياسية”، مضيفة “في الحالات التي يحرّض فيها الأفراد أو يشجعون أو يمجدون العنف أو الكراهية، هناك واجب للتحقيق، وعند الاقتضاء، مقاضاة هؤلاء الأفراد”.
وقبل أسبوعين من بدء كأس العالم 2022 في كرة القدم في قطر، يمكن للبابا فرنسيس أن يعرّج في خطاباته على حقوق العمال المهاجرين والدفاع عن البيئة، وهما قضيتان يوليهما أهمية خاصة.
– مسيحيو الخليج –
ويحظى البابا فرنسيس باستقبال رسمي في العوالي عند الساعة 16,45 بالتوقيت المحلي (13,45 ت غ)، ثم يلتقي ملك البحرين في قصر الصخير، حيث يلقي كلمته الأولى أمام السلطات وممثلين عن المجتمع المدني والسلك الدبلوماسي.
بعد اختتامه يوم الجمعة “منتدى البحرين للحوار: الشرق والغرب من أجل العيش الإنسانيّ معاً”، يترأس الحبر الأعظم لقاء مسكونياً وصلاة من أجل السلام في كاتدرائية سيدة العرب، الكنيسة الكاثوليكية الأكبر في منطقة الخليج العربي والتي جرى افتتاحها نهاية العام 2021.
صباح السبت، يترأس الحبر الأعظم القدّاس في ملعب البحرين الوطني. ومن المتوقع أن يحضره قرابة 28 ألف مسيحي، 20 ألفاً منهم من المقيمين في البحرين، وفق ما يقول كاهن الجالية العربية في البحرين الأب شربل فياض لوكالة فرانس برس.
ويُنتظر مشاركة مؤمنين مسيحيين مقيمين في دول الخليج المجاورة كالسعودية والإمارات والكويت وقطر وعُمان في القداس، بحسب فياض.
ويختتم البابا زيارته الأحد بصلاة مع رجال الدين الكاثوليك في كنيسة القلب الأقدس في المنامة.
منذ انتخابه على سدّة الكرسي الرسولي عام 2013، زار البابا فرنسيس الأرجنتيني الجنسية، أكثر من عشرة دول ذات غالبية مسلمة، بينها الأردن وتركيا والبوسنة والهرسك ومصر وبنغلاديش والمغرب والعراق.
ويعاني البابا من آلام في الركبة، تعيق حركته. وقال في منتصف أيلول/سبتمبر إنها لم تشف بعد. لكنه رغم ذلك، يواصل رحلاته الخارجية التي بلغ عددها أربع في العام 2022.