شادية أتاسي – الناس نيوز :
حين حملت إليّ اليمامةُ البيضاءُ هديل قصائدكَ
كان الصباح مايزال يغفو، والمدينة لم تستيقظ بعد
لم أنتظر..
جلستُ على الرصيف
أرقب اليمامة تحلّق نشوانة في سماء حرة
بعد أن أدت مهمتها الصعبة
وفي حين كان قلبي يرتجف شوقاً..
كان الصباح قد ملأ المكان كله
فبين يديّ الآن..
أضمومةُ حلم وعشق عمر
بين يديَّ..
طفل اللغة
طفلنا..
الذي أحببناه معاً
قلتَ لي مرة هامساً
هل أعترف لك بسر خطير، أنت ربحتيني باللغة
وقلت لي..
اللغة تأخذ حجم عشقنا
تضيق إذا ضاق الحب
تنكسر إذا انكسر الحب
وتكبر إذا كبر الحب
حسناً إذاً…
يا عاشق اللغة العنيد..
هل نعترف
فاللغة كانت دائماً
تتمرجح ما بيننا
بين..
نأي وجذب ورفض
وقبول..
وهوى ونار وجمر
ويقين..
ونحن نقرأ معاً..
إليكِ حلوتي..
إليكِ أهدي عمراً مُثخناً بالجراح
وجنوناً يهزأ بالمحال
حماقاتٌ طوقتُ بها خصر نسائي العاشقات
وقصائد تشتعل ببروق الكلمات
أشاكس بها الزمن والأقدار
جبتُ البلاد شرقاً وغرباً، أكتب ُالقصائد، أشعل الحرائق
أناجي الوطن المنهوب
أرسم مدنا ثم اهدمها، أتحين فرصا ثم أنسفها
أذوب عشقا ثم أنكره..
إلا حبك..
ِحكاية عمرِ عصية، كتبتها فصولاً، ونثرتها شعراً
ونشرتها في طول البلاد وعرضها
أثخنتها بالرموز، أثقلتها بالغموض، أجهضتها بالدلالات
كي لا تدل عليكِ
فأنتِ تخافين العيون
وأنت ترتعدين لنبوءات العرافين
لكنها..
كانت جميعها تدل عليك
مدججة بوجودك العذب، مثخنة بشوقي والهيام
فأنا لم أعشق بعد
إلا أنتِ
ساكنة في قلبي والروح
عصية على جنوني
امرأة الحلم المشتهاة
ولأنكِ يا من أنتِ
أنتِ..
امرأة الحب وكل النساء
هل تعرفين؟
أن مفرداتي تولد في ذات اللحظة
حين يهاجمني حبك
كما البرق والرعد
لا أعرف أيهما أسبق ولا أيهما أقوى
وهل تدركين؟
أن قبلتك لغة
وضحتك لغة
واستدارة نهديك لغة
تداعبني
تحاصرني
في صحوي ومطري وانتشائي
تضج حروفاً وأنفاساً ودموعاً وبوحاً ولحوناً وعصفاً وغناء
تأج حنيناً
المشكلة..
يا توأم روحي..
أني لا أستطيع لها هجراً
وأني لا أقوى أن أقول لها
ابتعدي..
فمن غير ضجيجها
سيغدو العالم حقلاً من التفاهة
وأنا من دونها
لا أستطيع..
أن أعيش..
وأن أنجو..