مختار إبراهيم- الناس نيوز:
مرفأ بيروت الذي كان ينافس مرافئ الساحل الشرقي للبحر المتوسط بات اليوم أثراً بعد عين، المرفأ الذي طورته قوات الانتداب الفرنسي ليكون عصب تجارة مدينة دمشق ولينافس بذلك ميناء حيفا التابع للإنكليز آنذاك، تحول اليوم بتفجير غامض هز صداه قبرص، تحول إلى أطلال.
يتعامل مرفأ بيروت مع 300 مرفأ عالمي، ويقدر عدد السفن التي ترسو فيه نحو 3100 سفينة سنوياً، ومن خلاله تتم معظم عمليات الاستيراد والتصدير اللبنانية وتمثل البضائع التي تدخل إليه 70% من حجم البضائع التي تدخل لبنان.
يدخل منها نحو 500 ألف طن إلى مخازن المرفأ في بيروت ونحو 100 ألف طن إلى مرفأ طرابلس.
انفجار هائل يهز المرفأ، ويخلف أضرارا جسيمة ونحو 4 آلاف جريح وأكثر من 120 تعداد الضحايا في احصاءات أولية ، ورعبا لم يشهده اللبنانيون ، على مدار تاريخهم المعاصر، لعل هذا الانفجار ذكرهم بأنفجار أغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ، رغم ما مر على المدينة من زلازل وكوارث، ووصفها محافظ المدينة بـ”النكبة الحقيقية”.
وقالت مصادر في الجمارك اللبنانية: “إن الانفجار طال عدة عنابر في مرفأ بيروت، من بينها عنبر إهراءات القمح، البناء الضخم المحصن ، لكنه تحول الى ركام ، وبذلك يفقد لبنان أكثر من نصف مخزون القمح بدمار صوامع القمح في المرفأ.
من جھته قال وزیر الاقتصاد راؤول نعمة: “إن القمح الموجود في الإھراء لا یمكن استخدامه وسنقوم باستیراد الطحین وھناك قمح في المطاحن یكفي إلى حین استیراد الطحین” حیث إن الانفجار أصاب بشكل كبیر إھراءات القمح في المرفأ.
ويستورد لبنان ما يقارب 80% من احتياجاته للقمح، ويتم تخزينها بالمرفأ، وبذلك بات لبنان أمام أزمة خبز جديدة، خاصة بعدما أوقفت روسيا وأوكرانيا تصدير القمح في نيسان ابريل المنصرم، وارتفع سعر ربطة الخبز بعد الأزمة الاقتصادية مؤخرا من 1500 إلى 2000 ليرة.
وفي نيسان الماضي قررت روسيا التي تتصدر قائمة الدول المصدرة للقمح في العالم، تعليق تصدير عدد من أنواع الحبوب بينها القمح والذرة، حتى الأول من تموز، في حين أن أوكرانيا، وهي أيضا مصدّر رئيسي للقمح، تدرس قرار وقف التصدير للسنة التسويقية 2020-2021، وذلك بعد تحليل المحصول لديها في تموز يوليو المقبل.
الأزمة الاقتصادية الراهنة أفقدت الليرة اللبنانية نحو 80% من قيمتها منذ تشرين الأول، تجعل استيراد القمح من جديد مسألة غاية في الصعوبة, والمعضلة الأكبر أين سيتم تخزين هذه الكميات من الأقماح.
تشير أرقام المخازن في بيروت إلى أنه في عام 2018 استورد لبنان من روسيا 44% من حاجته، و42% من أوكرانيا و14% من دول أخرى (نحو 485 ألف طن). وفي عام 2019 استورد لبنان من روسيا 24% من حاجته، و66% من أوكرانيا و10% من دول أخرى (نحو 460 ألف طن).
وحتى نيسان 2020، استورد لبنان من روسيا 17% من حاجته، و80% من أوكرانيا و3% من دول أخرى (نحو 226 ألف طن).ولكن بالمقارنة مع آخر سنتين، فلبنان حتى نهاية أيار الماضي استورد نحو نصف حاجته من القمح. وتسبب الانفجار بتضرر باخرة لقوات الأمم المتحدة العاملة في لبنان وجرح عدد من عناصر هذه القوات، وفق ما جاء في بيان قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل).
وأشار عدد كبير من المغردين إلى أن الانفجار حدث بفعل فاعل، وقال بعضهم إن ما حدث هو تفجير تم بطائرات إسرائيلية على مستودع أسلحة لحزب الله ، ذراع ايران العسكري في المرفأ. لكن هذه الفرضية تبقى في إطار مسؤولية حزب الله بأعتباره المتحكم الأقوى في إدارة الحكومة وعموم الوضع اللبناني.
واعتبر الناشطون أن ما حدث هو أمر مفتعل لتعطيل المرفأ وزيادة الحصار الاقتصادي على لبنان.
من زاوية أخرى، تساءل الباحث بجامعة حمد بن خليفة، مارك أوين جونز، والمختص في شؤون الشرق الأوسط والدعاية الرقمية المزيفة بوسائل التواصل الاجتماعي حول حدوث الحريق بجوار صومعة حبوب يمكن أن تكون شديدة الانفجار وساهمت في الانفجار أيضًا وتوقع أن يكون ذلك جزءاً من التحقيق. تبقى الإشارة الى ان حجم الخيائر والاضرار المادية قدرت بشكل أولي بعشرات المليارات من الدولارات في بلد يعاني من الإفلاس .