باريس وكالات – الناس نيوز ::
يُتوقع أن تتركز المنافسة على جائزة غونكور الأدبية التي يُعلن الفائز بها اليوم الاثنين ، بين الكاتب الفرنسي من أصل جزائري كمال داود والفرنسي من أصل رواندي غاييل فاي اللذين يعاينان في روايتيهما الجروح الحديثة لبلديهما، ما لم تُحقق المرشحتان الأخريان ساندرين كوليت وإيلين غودي أية مفاجأة.
ويصوّت أعضاء أكاديمية غونكور ظهر الاثنين لاختيار الفائز بالجائزة الفرنكوفونية الأبرز من بين الكتّاب الأربعة عندما يلتئمون في مطعم “دروان” الباريسي الذي درجوا على الاجتماع فيه لهذا الغرض منذ عام 1914.
ويتوقَع أن تكون المنافسة شديدة على أصوات أعضاء لجنة التحكيم العشرة بين روايتين هما “الحوريات” (Houris) الصادر عن دار “غاليمار” عن الحرب الأهلية في الجزائر بين 1992 و2002 وعُرفت بـ”العشرية السوداء”، و”جاكراندا” الصادر عن دار “غراسيه” ويتناول مرحلة ما بعد الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994.
ورأى ستة صحافيين أدبيين استصرحهم الموقع الإلكتروني لمجلة “ليفر إيبدو” أن كمال داود هو الأوفر حظا في الفوز، إذ رجّح خمسة منهم تتويجه، كشفت إحداهم أن اثنين من المحلّفين “غيّرا موقفيهما أخيرا”، لصالح المؤلف الفرنسي الجزائري.
وتتردد التوقعات إياها كثيرا في أوساط النشر الباريسية.
وقال ناشر لوكالة فرانس برس طالبا عدم نشر اسمه إن “كمال داود سيحصل على الجائزة لأسباب ليست أدبية بل سياسية”. ولربما كان من بين العوامل التي صبّت في مصلحة داود قرار السلطات الجزائرية منع مشاركة دار “غاليمار” في معرض الجزائر الدولي للكتاب من 6 إلى 16 تشرين الثاني/نوفمبر.
– إذا تعذّر الاتفاق” –
ورأى ناشر آخر أن لدى غاييل فاي “المواصفات المثالية” لنيل جائزة غونكور. فهو يحظى بشعبية كبيرة، وكانت روايته الثانية “جاكراندا” كما الأولى “بوتي بايي” Petit pays عام 2016 من بين الكتب الأكثر مبيعا، واقتُبس منها فيلم سينمائي، وهو ايضا موسيقيّ ومغنٍّ، ما سيشكّل، في حال نيله الجائزة، سابقة في سجلّ من الفائزين بها يطغى عليه الكتّاب البرجوازيون الكبار السنّ.
وعلى الضفة النسائية من المتأهلين الأربعة إلى المرحلة النهائية من السباق إلى جائزة غونكور، كلّ من ساندرين كوليت عن رواية “مادلين افان لوب” Madelaine avant l’aube (دار “جي سي لاتيس”) وإيلين غودي عن “أرشيبيل” Archipels (دار “لوليفييه”)، لكنّ فرصهما في الفوز أقل.
ولم تستبعد ناشرة تحدثت إلى وكالة فرانس برس أن تكون الكاتبتان، وخصوصا ساندرين كوليت، “بمثابة خيار بديل إذا لم تتمكن هيئة المحلفين من التوصل إلى اتفاق”.
وفضّلت صحيفة “لو باريزيان” الرواية التي كتبتها كوليت عن الطفل البري الذي هز وصوله القرية.
وفي المرحلة النهائية من النسختين الأخيرتين من جائزة غونكور، وصل عدد دورات التصويت لاختيار الفائز إلى الحد الأقصى وهو 14 جولة، بقي فيها المتنافسان الرئيسيان متعادلين بخمسة أصوات لكل منهما. وفي هذه الحالة، يكون صوت رئيس لجنة التحكيم مرجّحا، إذ يُحتسب صوتين، وهو ما حصل في ظل رئاسة ديدييه دوكوان عامي 2022 و2023.
لكن هذا الرئيس تغيّر، وخلَفه في المنصب فيليب كلوديل الذي انتُخب في أيار/مايو الفائت. ولمّح كلوديل في مجالسه الخاصة إلى أنه سيبذل قصاراه لتجنب هذا السيناريو.
وفي استطاعة الرئيس أن يدفع باتجاه حل تفاوضي إذا أفضَت الجولة الأولى إلى تعادل متنافسَين بخمسة أصوات لكل منهما.
وثمة معطى آخر ينبغي أخذه في الاعتبار، وهو أن دار “غاليمار” خسرت في هاتين النسختين اللتين شهدتها 14 دورة تصويت.
– بين دارَين –
في عام 2022، دفع جوليانو دا إمبولي ثمن فوزه قبل غونكور بالجائزة الكبرى للرواية التي تمنحها “الأكاديمية الفرنسية”، في حين نالت بريجيت جيرو تأييد خمسة من المحلفين المخلصين عن روايتها “فيفر فيت” Vivre vite الصادرة عن دار “فلاماريون”.
وفي عام 2023، أدى منح جائزة “فيمينا” إلى نيج سينّو التي كانت بين المتأهلين إلى نهائيات غونكور، إلى إعادة خلط الأوراق عشية التصويت، ما فتح الطرق أمام فوز جان باتيست أندريا عن روايته “فييه سور إيل” Veiller sur elle الصادرة عن دار “ليكونوكلاست” للنشر.
لمنّ المعادلة ستكون مختلفة بعض الشيء سنة 2024 إذ أن مجموعة “مادريغال” التي تضمّ دار “غاليمار”، راهنت بكل شيء على غونكور ولم تنل أية جائزة أخرى قبل نهائي الاثنين.
وستكون مَوقعَة الاثنين الأدبية بمنزلة تنافس على القمة بين اثنين من الأشهر والاقوى نفوذا بين رؤساء دور النشر الباريسية، من ذوي الخبرة في الجوائز الأدبية، هما أنطوان غاليمار، وريث الدار التي أسسها جده غاستون، وأوليفييه نورا الذي يدير “غراسيه” منذ عام 2000.
ويعود آخر فوز لدار “غاليمار” بجائزة غونكور إلى عام 2020، في حين أن آخر جائزة لـ”غراسيه” كانت عام 2005، وهي أطول فترة تشهدها هذه الدار منذ الستينيات من دون نيلها هذه المكافأة.