الناس نيوز – اروى غسان
بملامح باهتة وشخصية فاقدة للروح والجذب، أطل الفنان السوري بسام كوسا على جمهوره في الموسم الدرامي الرمضاني عبر المسلسل الشامي “سوق الحرير”، بدور تاجر كبير متزوج من أربع نساء تموت إحداهن، لتبدأ قصة عشق جديدة يعيش تفاصيلها الركيكة مع طبيبة مصرية يحارب لأجلها الجميع، في العمل الذي كتبت نصه حنان المهرجي، وتشارك في إخراجه الأخوان بسام ومؤمن الملا.
بطل الأدوار الصعبة الذي اعتاد على تقديم أداء تمثيلي احترافي يشدّك إلى عمق الحكاية ويعلّق قلبك بالكاركتر، لم يستطع هذه المرة الإمساك بخيوط الشخصية وتحريكها على هواه، فبدت شخصية عمران -وهي الشخصية الرئيسية في العمل- غير مقنعة بأدائها وردّات فعلها، فتعاملها مع بقية الشخصيات بقي ساكناً جامداً لاعيون تحرّكه ولا كلام، حيث إن التمثيل الباهت لكوسا جعل الشخصية تبدو حيادية الملامح فلا تستطيع أن تحبها أو تكرهها، تتعاطف معها أو تنبذها. من شاهد مسلسل “الخوالي” الذي عرض عام 2000 وينتمي أيضاَ لنفس التصنيف كأعمال بيئة شامية، لايمكن أن ينسى الدور الذي أداه كوسا عبر شخصية “نصار ابن عريبي”، عندما جسدها بروح ذاك الثائر الشامي الشهم، الذي أبكى الجمهور خلال مشهد تنفيذ حكم الإعدام فيه من قبل العسكر.
وضمن أعمال البيئة الشامية وفي الجزء الأول من مسلسل “باب الحارة” الذي عُرض عام 2006، قدم كوسا شخصية “الإدعشري”، الرجل المنبوذ من قبل أهل حارته الذي اعتاد على السرقة منذ صغره، صنع الفنان وقتها بأدائه الاحترافي وبتلك النظرة الخائفة القلقة التي رافقت الشخصية بثيابها البالية كاركتراً مميزاً لم يحصل له مثيل في أعمال الدراما، هذا الاقتدار بالأداء جعله محط جذب في المسلسل متفوقاً ، ربما على شخصيات أخرى، مثل شخصية أبو عصام وشخصية العقيد أبو شهاب.
شخصيتا نصار ابن عريبي والإدعشري ليستا سوى نماذج قليلة جداً عن الأدوار التي قدمها كوسا خلال مسيرته على صعيد الأعمال الشامية، ناهيك عن أدواره الصعبة في الدراما الاجتماعية لاسيما عندما تلبّس شخصية الرجل الفقير المدمن في “عصر الجنون”، و الرجل المصاب بمرض التوحد في “وراء الشمس”، وغيرها الكثير من المسلسلات التي شهدت شخصيات استثنائية أداها كوسا، وأصبحت أسماؤها وتفاصيلها رموزاً محفورة في أذهان مشاهدي دراما الزمن الجميل. الفنان الذي يعتبر الأول ضمن كثير من تصنيفات النقّاد والجمهور، أضاع البوصلة هذا العام وفقد السيطرة على أبسط الأدوات التمثيلية الأساسية، فظهرت شخصية عمران غير مقنعة بالمرّة، وبدا دور الرجل المزواج فضفاضاً عليه، ولذلك احتمالان لا ثالث لهما، فإما أنه قد ارتدى ثوباً بالياً لايليق به، وهو الاحتمال الأضعف لفنان يعرف كيف ينحت شخصياته على هواه حتى لوكان النص المكتوب على الورق ضعيفاً، وإما أنه قد مثّل الدور من باب أداء الوظيفة لا أكثر ولا أقل.
حرير البيئة الشامية هذا العام بدا مزيفاً أيضاً، ورغم أجواء الجاه والمال والنساء التي أحاطت بشخصية “عمران” العاشق الولهان فقد بدا هَرِم الروح مُتصنّع الودّ، ليظهر الكاركتر مغسولاً من ألوانه وعفويته وحضوره، في سابقة وسقطة تكاد تكون الأولى من نوعها خلال مسيرة كوسا الفنية الحافلة . ويرى أحد النقاد أن النظام ، من خلال سيطرته على شركات الانتاج ، يحاول ان يقدم بيئة الشام السنية الراقية بطريقة مشوهة من خلال دراما يمولها لإيصال رسالة اجتماعية وسياسية عبر قنوات الفن …