fbpx

الناس نيوز

جريدة إلكترونية أسترالية مستقلة

رئيس التحرير - جوني عبو

Edit Content
Generic selectors
Exact matches only
Search in title
Search in content
Post Type Selectors
Filter by Categories
آراء
أخبار
أستراليا
إدارة وتكنولوجيا
إعلان
اقتصاد
اقتصاد أستراليا
اقتصاد عالمي
اقتصاد عربي
تقارير وتحقيقات
ثقافة وفنون
حكايا
خبر رئيس
رياضة
رياضة أستراليا
رياضة عالمية
رياضة عربية
سياحة وسفر
سياسة أسترالية
سياسة عالمية
سياسة عربية
صحة
صور
عدسة
فن الناس
في الوطن الجديد
فيديو
كاريكاتير
لايف ستايل
متفرقات
مجتمع
مجتمع الناس
موضه
Generic selectors
Exact matches only
Search in title
Search in content
Post Type Selectors
Filter by Categories
آراء
أخبار
أستراليا
إدارة وتكنولوجيا
إعلان
اقتصاد
اقتصاد أستراليا
اقتصاد عالمي
اقتصاد عربي
تقارير وتحقيقات
ثقافة وفنون
حكايا
خبر رئيس
رياضة
رياضة أستراليا
رياضة عالمية
رياضة عربية
سياحة وسفر
سياسة أسترالية
سياسة عالمية
سياسة عربية
صحة
صور
عدسة
فن الناس
في الوطن الجديد
فيديو
كاريكاتير
لايف ستايل
متفرقات
مجتمع
مجتمع الناس
موضه
Edit Content
Generic selectors
Exact matches only
Search in title
Search in content
Post Type Selectors
Filter by Categories
آراء
أخبار
أستراليا
إدارة وتكنولوجيا
إعلان
اقتصاد
اقتصاد أستراليا
اقتصاد عالمي
اقتصاد عربي
تقارير وتحقيقات
ثقافة وفنون
حكايا
خبر رئيس
رياضة
رياضة أستراليا
رياضة عالمية
رياضة عربية
سياحة وسفر
سياسة أسترالية
سياسة عالمية
سياسة عربية
صحة
صور
عدسة
فن الناس
في الوطن الجديد
فيديو
كاريكاتير
لايف ستايل
متفرقات
مجتمع
مجتمع الناس
موضه

جريدة إلكترونية أسترالية مستقلة

رئيس التحرير - جوني عبو

أنور عمران – الناس نيوز ::

عشتُ طفولتي كلها في مقبرة، وبكامل المعنى الحرفي لا المجازي لهذه الكلمة، فكنتُ حين أفتح نافذة غرفتي في الصباح، أطل مباشرةً على قبرين أبيضين كبيرين، يفوقان بحجمها كل القبور الأخرى، ولم أكن أتخيل الحياة ولو للحظة بمعزل عن الشاهدتين الطويلتين، والآس الأخضر الملتف على شكل تاجين، والطلاء القديم والمتعدد الألوان، مثل لحية مغموسة بالسحر، وكان على القبرين أسماء وتواريخ وآيات قرآنية لم يكتبها الخطّاطون، وإنما حُفرت بالأزاميل، فجاء بروزها وكأنه صرخة مبحوحة تحاول أن تجابه اندثار وصمت أصحابها.

وفي طفولتي كنت مع أبناء حارتي نقترح الحياة بين الموتى، حتى صرنا والموت أكثر من مجرد جيران أو أصدقاء، ألعابنا كلها ولدت وماتت في المقبرة، سباقات الجري، و”الاستغماية” وكرة القدم، وحتى لعبة “بيت بيوت” بكل انزياحاتها، لكن هذا التقارب المدهش لم يُخفّف من هيبة الموت عندي، ولم يبعدني عن التفكير به ولو للحظة واحدة، أنا الطفل الذي فقد أمه وهو في السابعة.

 

في العاشرة بدأتُ أستمتع بلعبة قراءة شواهد القبور، واستحضار قصص الموت التي سمعتها من الكبار، أما الأسماء التي لا أعرف قصص أصحابها، فقد كنت أخترع لها قصصاً تناسب تاريخ الولادة والوفاة، وأقصّها على أصدقاء اللعب، وأظن أن علاقتي بالأدب بدأت من تلك الكذبات الصغيرة، لكن الحقيقة تدهش دائماً أكثر من الخيال، فمن الحقائق التي كنت أعرفها ولا ابتدعها، حكاية قبر “هاجر” الأخضر الغامق، والذي تسكنه السيدة التي ماتت مصعوقةً بالكهرباء، وحكاية قبرٍ آخر لامرأةٍ عجوز جاءت من قرية بعيدة، عاشت وحيدة في بيت طيني، كما ماتت في قبر طيني لا يختلف كثيراً عن بيتها الضيق، و “سعيد” الأشقر الجميل الذي زارني في الحلم بعد موته، وكان على خلافٍ دائم مع أبيه لأنه يريد أن يتعلم العزف على العود، لكن أباه، ولأنه مات في العشرين من عمره، قال له أخيراً : ” ُد يا حبيبي إلى الحياة وسأشتري لك عوداً”… وكذلك المئات من القصص الأخرى… وما حدث منها وما تخيلته … كلها كانت وكأنها لم تحدث أبداً، عندما وصلتْ وهي تجرُّ خواتيمها إلى المقبرة.

عشت شبابي في دمشق بعيداً عن قريتي الحمصية، لكن المقبرة كانت حينها، ومازالت حتى الآن، ضيفي الدائم في أحلامي، والمفارقة التي تهدّني أنني مازلت رغم ابتعادي عن قريتي لأكثر من عشرين سنة أحفظ مواقع القبور وأشكالها وأسماء أصحابها، ماعدا قبر واحد ومُوجع لا أعرف شكله ولا موقعه، قبر كان من المفترض أن أبكي على ترابه وأسقيه، أن أزوره وأُربّي أزهاره كما يليق بولدٍ بار، وهذا القبر هو قبر أبي!

عندما مات أبي كنت بعيداً عنه وعن بيتي وقريتي وبلدي، فقد توفي في أبريل/نيسان 2014 بعد وصولي إلى السويد بشهرين فقط، وقبلها كنت قد عشت سنة كاملة في إسطنبول/تركيا، وكذلك سنة قبلها في دمشق، من دون أن أجرؤ على زيارته في حمص خوفاً من حواجز النظام، ومثل كل الأحياء الآخرين كنا نظن أنا وهو أن الموت بعيد جداً، وأننا نملك متسعاً من الوقت لنروي لبعضنا الأحاديث المؤجلة، وأيضاً مثلما يفعل الموت عادةً، غافل المطمئنين وأخذ أبي، فلا تحدثنا ولا عرفتُ أين يقيم، وما يتبعني حتى الآن مثل ظلي، قولي القديم:

“الذي لا يسقي قبر أبيه يعيش ظمآناً..

والذي لا يحرس بيته في الحرب يصير ذئباً وحيداً

والذي لا يغني من أغاني قريته يموت مسلولا…”

أكثر الأشياء التي تشغلني هي ذاتها أكثر الأشياء التي أتردد في الكتابة عنها، ربما هو الخوف من النقصان، فالشغف لا يحتمل الوقوف بارتياب على الحدود الفاصلة بين الحقيقة والخيال، أو ربما هي الأنانية التي تجعلني أحتفظ بالجميل والمُحيّر لي، ولكن، هل من فكرة يمكن أن تشغل بال البشري أجلُّ من فكرة الموت؟ فكيف إذا ما عاش أصلاً بين الرخام الأبيض والحجر الحامل لأسماء الموتى ودموع أقربائهم؟

 

المنشورات ذات الصلة