جدل حول برنامج الحكومة اليمنية واجتماع البرلمان وتقرير الخبراء الدوليين

د. خالد عبد الكريم – الناس نيوز :

اليمنيون يطلقون مصطلحات غير تقليدية كلما ظهرت ملامح مرحلة سياسية جديدة، اليوم تسود مصطلحات مثل كفاءات سياسية بدلا عن محاصصة وتعافي عوضا عن إصلاحات وحلت كلمة شراكة محل مناصفة .
ويبدأ الوزراء في استلهام المسميات، وزير الشباب يعلن أن العام الجديد 2021م هو عام الشباب ليتدخل رئيس الحكومة ويعلن اليوم التالي أن العام هو عام التعافي .

لايقتصر الأمر على ذلك وإنما تعتمل معارك إعلامية وسياسية خفية بسبب تعدد الولاءات الحزبية واختلاف الاستراتيجيات في السلطة التنفيذية حيث لم يكد محافظ محافظة شبوة يعلن عن مشروع طموح لإنشاء ميناء على بحر العرب في منطقة قنا ، حتى اعترض وزير النقل معتبرا ذلك تعديا على صلاحياته ، وعندما تمكن محافظ شبوة من إضاءة شوارع عاصمة المحافظة مدينة (عتق) هناك من أرسل مسلحين لإطلاق النار على مولدات الكهرباء .

هذه الإشكاليات استدعت تدخل فخامة رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي الذي أصدر توجيهات تدعم محافظ شبوة بحزمة خدمية لاستكمال البنى التحتية لميناء ( قنا ) لأهميته الاقتصادية لشبوة وحضرموت ، وتضمن الدعم الرئاسي إنشاء جامعة شبوة وهيئة عامة لمستشفى عتق .

تتعلق الآمال على برنامج الحكومة المنتظر لتجاوز هذه الإشكاليات ولتحدد معالم المرحلة المقبلة. يقال إن مسودة برنامج الحكومة اليمنية أصبحت جاهزة هكذا أعلنت اللجنة الوزارية التي تعد البرنامج والتي يترأسها الدكتور أحمد عوض بن مبارك وزير الخارجية وشؤون المغتربين .

الأهداف الأساسية الكبرى لبرنامج الحكومة استعادة الدولة ، وتحقيق التعافي الاقتصادي ، والاهتمام بالخدمات وتلبية احتياجات المواطنين .

حكومة الكفاءات السياسية اليمنية تنتظر أن يجتمع البرلمان اليمني ليصادق على برنامجها وما زالت الأنباء متضاربة بشأن مكان اجتماع البرلمان وموعده حيث يتوزع البرلمانيون اليمنيون بين الرياض والقاهرة وإسطنبول فيما يرجح المراقبون أن الاجتماع البرلماني سيعقد في مدينة سيئون في حضرموت .

المصادقة على برنامج الحكومة اليمنية ستكون إشارة البدء في إصلاحات اقتصادية ومالية ونقدية واتخاذ تدابير وإجراءات لاستقرار سعر العملة الوطنية ( الريال اليمني ) ، وتحقيق الاستقرار التمويني والمعيشي للمواطنين .

إعلان الحكومة لجهوزية برنامجها يأتي متوازيا مع نشر تقرير فريق الخبراء المعني باليمن الموجه إلى مجلس الأمن الدولي جرى تسريبه عبر رويترز أواخر يناير / كانون الثاني 2021م .

مجموعة الخبراء الدوليين والإقليميين يترأسهم التونسي كمال الجندوبي ، هذا الفريق يقدم تقارير دورية إلى مجلس الأمن منذ سبتمبر/ أيلول 2017م .

أثار تقرير فريق الخبراء الأخير انقساما في الوسط المجتمعي والإعلامي في اليمن خاصة مايتعلق بما أطلق عليه التلاعب بأموال الوديعة السعودية في البنك المركزي اليمني . كشف التقرير أن السعودية أودعت ملياري دولار لدى البنك المركزي اليمني على أن يمول هذا المبلغ خط ائتمان لتعزيز الأمن الغذائي ومن أجل استقرار أسعار المواد الغذائية محليا.
وكشف التقرير آن البنك المركزي اليمني خالف قواعد تغيير العملات وتلاعب في سوق العملة بمخطط معقد لغسل الأموال وهو ما أدر على تجار مكاسب بلغت قيمتها نحو 423 مليون دولار.

وزع التقرير الاتهامات على بيوت مالية يمنية عريقة ، وشكك بنزاهة الحكومة اليمنية ومحافظ البنك المركزي وبعض شركات الصرافة، نفت تلك المؤسسات كل ماجاء في تقرير الخبراء الدوليين واعتبرت أنه من المؤسف أن تعتمد لجنة خبراء أممية على معلومات سطحية وكيدية تنافي إجراءات التدقيق المالي والقانوني وترمي جزافا باتهامات باطلة تم إرسالها إلى اللجنة التي أعدت بموجبها التقرير.

الجدل الذي أثاره التقرير الدولي ، دفع البرلمان اليمني من منفاه إلى تشكيل لجنة لتقصي الحقائق مع جميع المعنيين وفحص ومراجعة كل أعمال البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن .
على الرغم من التشكيك بمصداقية مصادره يحسب للتقرير أنه أصبح حافزا لتطوير آليات الرقابة الداخلية في المؤسسات المالية وتفعيل نشاط المنظومة الوطنية للنزاهة في اليمن .

صحيح أن اليمن يعاني الكثير من المصاعب التي تتصدرها حالة الحرب المستمرة منذ 2015م التي أشعلتها الميليشيات الحوثية المدعومة إيرانيا، إضافة إلى حالة إنسانية هي الأسوأ في العالم ، ووضع اقتصادي بالغ السوء، يؤججه أحوال الفساد المستشري . لكن ، مع هذا، تبقى حكومة الكفاءات السياسية واستكمال تنفيذ بنود اتفاق الرياض هي الفرصة الوحيدة التي لا تزال متاحة للحفاظ على اليمن و وحدته .
فهل تنجح الحكومة ، وينجح اتفاق الرياض، رغم كل شيء، في بناء اليمن الاتحادي الذي تحدثت عنه وثائق مؤتمر الحوار الوطني الشامل ومسودة الدستور اليمني الجديد التي اختطفت في يناير/ كانون الثاني 2015 .

* شروحات: 17 يناير /كانون الثاني2015م كان يوم إجتماع إقرار الدستور الجديد ، وصبيحة ذلك اليوم تم إختطاف د.أحمد بن مبارك الذي كان مدير مكتب رئاسة الجمهورية حينها. فلم يتم الإجتماع.