أروى غسان – الناس نيوز:
يُشبّهها أهل مدينة عنتاب التركية بالحرير لمرونتها الشديدة وطراوة ملمسها، فللمصنوعات الجلدية هناك جودة لا تضاهى، وسُمعةٌ قديمة وصلت أصداؤها إلى كافة أنحاء العالم.
في المدينة الواقعة جنوب شرق تركيا، يتباهى الباعة بجودة بضاعتهم وتنوعها، حيث تتدلى مئات الأحذية والحقائب المصنوعة من الجلود الطبيعية، من الأسلاك الحديدية وتُعلّق على واجهات المحال، بنفس الطريقة التي كانت تُعرض فيها البضائع في العهود التركية القديمة ، فصناعة الجلديات تعتبر من التراث الهام الذي ما زال محافظاً على جودته وقيمته منذ مئات السنين.
وبحسب تقارير تركية محلية فإن جذور هذه الصناعة تعود إلى 700 عام مضت، كواحدة من أقدم المهن في عنتاب، وما كان من كل تلك السنوات إلا أن زادت الأيدي الماهرة حرفيّةً، لتبقى هذه المهنة على قيد الحياة مع تطويرها وإدخال العديد من التحسينات عليها، وإلى اليوم تُصنع المنتجات الجلدية في عنتاب يدوياً، ويتم جلب جلود الماعز، والبقر من عدة محافظات خاصة من شرق وجنوب شرق الأناضول.
في القديم كانت تُصنع الجلديات في الغالب من اللونين الأحمر أو الأسود فقط، أما اليوم فهناك أكثر من خمسين لوناً، ومئات الموديلات، كما يمكن صنع الأحذية حسب رغبة الزبون وتقديم العديد من البدائل والخيارات له، لاسيما أن عدد مصانع الجلديات في عنتاب يصل اليوم إلى 800 مصنع، وبحسب رئيس مجلس إدارة قطاع الجلود مصطفى شينوكاك تعد المدينة ذات أهمية كبيرة في تصدير الأحذية الجلدية التي يذهب أكثر من نصفها إلى دول الشرق الأوسط.
وتعد تركيا من الدول الرائدة في قطاع صناعة الجلديات، وبحسب نائب وزير التجارة التركي رضا تونا تورغاي، فإن البلاد صدرت عام 2019 منتجات جلدية بأكثر من 1.7 مليار دولار، ويظهر الاهتمام التركي بهذه الصناعة عبر كثرة المعارض والأسواق المعنية بمنتجات الجلود، حيث تستضيف تركيا معرضا دولياً تشارك فيه المصانع المحلية وعدد كبير من الشركات الأجنبية.
وفيما يخص صناعة الأحذية التي تعدّ الأكثر طلباً من بين المنتجات الجلدية الأخرى، فيتم معالجة الجلود الطبيعية دون أن تفقد خصائصها الأصلية، لتضمن أقصى راحة للقدم وتقيها من الأمراض المحتملة، ويتم إضافة الفرو للمنتجات الشتوية لتدفئة القدمين في الطقس البارد، أما بالنسبة للأحذية الصيفية فيتم اختيار الجلود الرقيقة وإحداث بعض الثقوب الناعمة فيها لتقي من الحر.
تتسم المنتجات الجلدية التركية، بجودة مواصفاتها وتنوعها بين الملابس والأحذية والحقائب، الأمر الذي جعلها تنفرد باهتمام كبير من قبل السياح والزوار وكبرى الشركات العالمية، وبدأ قطاع الجلديات في تركيا بالازدهار منذ عام 1970، فيما تصاعد في السنوات العشرين الأخيرة، مع تعدد الأسواق والمنتجات وانفتاح تركيا على العالم الخارجي.