بيروت وكالات – الناس نيوز ::
انتُخب قائد الجيش اللبناني جوزيف عون رئيسا للجمهورية اللبنانية الخميس لينهي شغورا في المنصب استمر أكثر من سنتين وساهم في تعميق أزمات أمنية واقتصادية وسياسية.
ووصل عون الذي ارتدى بزة مدنية رسمية سوداء بعد وقت قصير من إعلان النتيجة الى مقر البرلمان في وسط بيروت حيث أدّى القسم السدتوري متعهدا الحفاظ على “الدستور وسيادة لبنان وسلامة أراضيه”.
وكان عون نال في الدورة الأولى من الاقتراع تأييد 71 نائبا من إجمالي عدد النواب البالغ 128 الذين شاركوا في العملية الانتخابية، فيما يفترض أن يحصل المرشح على أكثرية الثلثين أي 86 صوتا، ليصبح رئيسا.
ورُفعت الجلسة لساعتين التقى خلالها ممثلان من حزب الله وأمل جوزيف عون في البرلمان.
بعد ذلك، جرت دورة ثانية من الاقتراع نال خلالها عون 99 صوتا، وأعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري فوزه بالرئاسة.
وكان حزب الله وحلفاؤه يعارضون بشدة ترشيح عون. لكن جلسة الانتخاب تأتي بعد حرب مدمّرة أضعفت الحزب الذي كان يعتبر أبرز قوة عسكرية وسياسية في لبنان، وبعد سقوط حليفه حكم بشار الأسد في سوريا المجاورة.
واعتبرت عشرون ورقة اقتراع ملغاة. وقد حملت تعابير منها “السيادة والدستور”، والوصاية”، و”الدستور ليس وجهة نظر”، و”جوزيف آموس بن فرحان”، في إشارة الى اسمي الموفد الأميركي آموس هوكستين والسعودي يزيد بن محمّد بن فهد آل فرحان اللذين التقيا هذا الأسبوع العديد من النواب والشخصيات السياسية لإبلاغها بتأييد بلديهما لقائد الجيش، وفق ما نقل سياسيون عنهما.
وكان عدد من النواب تحدّثوا في مستهل الجلسة الأولى عن سبب معارضتهم لانتخاب عون، مشيرين الى أنهم لا يعترضون على شخصه، إنما على خرق الدستور الذي يحظّر انتخاب أي موظف من الفئة الأولى للرئاسة وهو في الخدمة. كما انتقدوا “إملاء” اسم عون من جانب دول أجنبية، وفق قولهم.
ورأت النائبة المستقلة حليمة قعقور أنه “لا يمكن أن نبرّر تعديل الدستور”. وأضافت “لا أحد يملي علينا، لا ننتقل من وصاية الى وصاية، لا سورية ولا إيرانية ولا أميركية…”.
ووصف النائب المستقل الياس الجرادي الجلسة بأنها “جلسة تجرّع الكأس الدستورية المرّة”، معتبرا أن التصويت لعون سيكون “على حطام الدستور”، لكنه ضروري لحماية لبنان والعودة لبناء الدولة.
وأعلنت كتل نيابية عدة دعمها لعون خلال الساعات الماضية، فيما أعلنت كتلة التيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل، صهر الرئيس السابق، رفضها التصويت له.
– توافق؟ –
وحضر الجلسة دبلوماسيون بينهم الموفد الفرنسي جان إيف لودريان والموفد السعودي وسفراء اللجنة الخماسية المتابعة للملف الرئاسي، بينهم السفيرة الأميركية ليزا جونسون.
وبدا واضحا خلال الساعات الماضية أنّ قائد الجيش سيكون على الأرجح الرئيس المنتخب، وهو يحظى بدعم من عدد من الدول الإقليمية والدولية، على رأسها الولايات المتحدة والسعودية، وفق ما رشح من تصريحات عدد كبير من السياسيين اللبنانيين.
وكتبت صحيفة “الأخبار” المقربة من حزب الله الخميس على صفحتها الأولى “الخارج يأمر: القائد رئيسكم” مع صورة لجوزيف عون.
وفي الصفحة الثانية، عنونت مقالها “أمر سعودي – أميركي: انتخبوا جوزاف عون”.
ويرى متابعون ومحلّلون أنّ الدور المطلوب من الجيش في المرحلة المقبلة لتنفيذ وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله شكّل عنصرا حاسما في ترجيح كفّة قائد الجيش.
وتشرف الولايات المتحدة مع فرنسا والأمم المتحدة على آلية تطبيق وقف إطلاق النار.
وينصّ الاتفاق على انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي دخل اليها في جنوب لبنان خلال الحرب، على أن ينتشر الجيش اللبناني مكانه.
ويتعيّن على حزب الله أن يسحب قواته إلى شمال نهر الليطاني الواقع على بُعد قرابة ثلاثين كيلومترا من الحدود، وأن يفكّك أيّ بنية تحتية عسكرية فيها. ويفترض أن يتأكد الجيش اللبناني من تفكيك هذه المواقع.
– تحديات –
ومنذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في تشرين الأول/أكتوبر 2022، فشل البرلمان اللبناني خلال 12 جلسة في انتخاب رئيس، في ظل تمسّك حزب الله، أبرز قوة سياسية وعسكرية آنذاك، بمحاولة فرض مرشّحه سليمان فرنجية.
لكنّ حزب الله تلقّى ضربة قاسية في مواجهته مع إسرائيل التي دمّرت جزءا كبيرا من ترسانته وقتلت عددا من قياداته على رأسهم أمينه العام حسن نصرالله، ما أجبره على القبول باتفاق وقف لإطلاق النار.
وأمل البابا فرنسيس الخميس في أن يتمكن لبنان “من تحقيق الاستقرار المؤسساتي اللازم لمواجهة الوضع الاقتصادي والاجتماعي الخطير وإعادة إعمار جنوب البلد المنكوب بالحرب”، داعيا اللبنانيين للعمل “حتى لا يشوه الانقسام وجه بلاد الأرز”.
وتنتظر تحديات كبرى الرئيس المقبل والحكومة التي سيشكلها، أبرزها الإعمار بعد الحرب الأخيرة التي دمّرت أجزاء في جنوب وشرق البلاد وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، وتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار الذي يشمل ايضا الالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي 1701 الصادر في العام 2006 والذي من بنوده ابتعاد حزب الله عن الحدود، ونزع سلاح كل المجموعات المسلحة في لبنان غير القوى الشرعية.
ومن التحديات أيضا القيام بإصلاحات ملحّة للدفع بعجلة الاقتصاد بعد أكثر من خمس سنوات من انهيار غير مسبوق.