فاديا دلّا – الناس نيوز:
صباح آخر حزين حدّ الوجع بفقدان المخرج السوري الكبير حاتم علي، في الوقت الذي يغادر فيه جثمانه مطار العاصمة المصرية القاهرة على متن الطيران السورية صباح الخميس برفقة ولديه عمرو وغالية اللذين كانا في مصر أصلاً ، متجها إلى دمشق ليوارى الثرى في مستقره الأخير في الأرض التي أحبها و منحها وقته وعقله وإبداعه وشكّل غيابه عنها قهراً وألماً كبيرين، ولابد أنهما ساهما بشكل أو بآخر بتوقف قلبه المفاجئ، لا تزال صرخات زوجته الكاتبة دلع الرحبي تملأ منزلهما في كندا نحيباً وعتاباً وشوقاً، دلع التي تمضي وقتاً عصيباً ولم تهدأ إلّا بالمساعدة الطبية، غادرت بدورها الأراضي الكندية متجهة إلى بيروت ومنها إلى دمشق لتستقبل جثمان زوجها وشريك أيامها وتحضر العزاء هناك.
في القاهرة كما أصبح معروف تواجد الفنانون السوريون النجوم جمال سليمان وسامر المصري وأصالة نصري في بهو الفندق فور سماعهم خبر الوفاة وعملوا على متابعة التفاصيل كاملة ، ولعلهم كانوا بذلك مثالاً للنبل والصدق والأخلاق العالية التي اعتدنا عليها منهم كما كان العديد من الفنانين المصريين والأصدقاء .
يقول سامر المصري في تصريح خاص لجريدة ” الناس نيوز ” الأسترالية الإلكترونية كان اتصالاً مؤلماً وخبراً صاعقاً ذاك الذي حمل نبأ موت حاتم علي، تواجدنا في بهو الفندق أنا وجمال وأصالة فور تلقينا الخبر وقد حاولنا مساعدة ابنه عمرو وابنته غالية بمتابعة كل التفاصيل وهنا لابد أن أشكر المنتج والصديق صلاح طعمة الذي تواجد معنا ولم يدّخر طريقة لتسهيل كلّ تفاصيل نقل الجثمان والأوراق الرسمية اللازمة لذلك، أيضاً الجهات المصرية الرسمية مشكورة ، بذلت جهودا هي موضع تقدير كبير للتأكد من حالة الوفاة وتفاصيلها ، حصلنا في النهاية على موافقة نقل الجثمان من غرفة الفندق إلى المستشفى، وعندما ألقيت عليه النظرة الأخيرة وقتها كان بكامل أناقته معطراً بابتسامة الرضا كالمعتاد، جميعاً رافقنا جثمانه إلى مشفى قصر العين في القاهرة برفقة ابنه عمرو حملنا نعشه على الأكتاف وفي القلب لوضعه في مقره المؤقت في المستشفى قبل السفر إلى دمشق، دخلنا معه لن أنسى جسارة أصالة
وأصالتها وحبها، أبت إلا أن تكشف وجهه الوقور لتبكيه وتودعه وتقول له إننا سنحبه دوما ولن ننساه، كما حرصت رنا سلمان زوجة الفنان جمال سليمان على الوقوف وقفة إنسانية ملفتة بجانب الجميع في هذا الموقف ودعمت أبناء الراحل وأصرّت على اصطحابهم إلى منزلها في القاهرة “
كما عبّر الفنان جمال سليمان أيضاً عن حزنه الشديد على هذا الفقد الكبير على الصعيد الشخصي و الصعيد الفني والإنساني وقال للناس نيوز :” سهرة رأس السنة التي كانت ستقام في منزلي هذا العام بحضور حاتم لن تضجّ بصمته الصارخ ولن تكون من دونه، سأقف طويلاً متأملاً هذا الوجع القاسي، ولن يكون من السهل عليّ التعامل مع كل هذا الحزن “
كما أكد الفنان جمال سليمان أنهم سيكونون جميعا برفقته وسيودعونه في مطار القاهرة إلى وجهته الأخيرة صباح اليوم الخميس في الساعة العاشرة صباحا.
وعلى الرغم من شروط الإغلاق المكثفة في كندا ، بسبب جائحة كورونا ، اجتمع الأصدقاء في بيت دلع وحاتم وهم في حالة صدمة وحزن شديدين محاولين التخفيف عنها مصابها الأليم
تقول يارا صبري باكية :” حاتم فنان لن يتكرر ولن تداوي جراحنا الأيام القادمة، حاتم صديق درب طويل ربطتني به علاقة فنية وشخصية قوية، ولعل سنواتنا هنا في كندا وحدت وجعنا وقربت بيننا وبين عائلتينا أكثر ستمضي الكثير من الصباحات والسهرات الخالية من ضحكاته وسيؤلمنا ذلك كثيرا، كان لدينا مشاريع فنية مهمة لم يكتب لها أن تحمل بصمته الخاصة، سنحاول أن نكون بجانب عائلته ما استطعنا وسيبقى جرح فقده مفتوحاً “
تضيف يارا :” كان فقداً قاسياً على كافة المستويات صوت دلع المرتجف لن يفارق ذاكرتي وهي تنادي ” يا حاتم .. ليش إنت مو أنا ” ” يا حاتم إنت الحياة بتلبقلك والفرح بيلبقلك والموت مو إلك”
المنتج محمد سيجري وصديق حاتم المقرب هنا في كندا يقول:” لا أعلم كيف سأحتمل صباحاتي بدون صوته الهادئ كان حاتم يتصل يوميا، نلتقي نسير معاً لوقت طويل هنا في كندا في شوارع مدينتنا مونتريال بدأ يحب المكان ويشعر بالطمأنينة بين مجموعة أصدقاء اتفقوا على محبته ولعله كان يجد ضالته في هذه الجو البسيط والحميمي فلطالما وجدت حاتم كطفل كبير مليء بالتواضع والخجل والبراءة، ولعلي شعرت بقضاء الوقت معه بالسعادة الغامرة وأيقنت أن هذا ما كان يحتاجه، بالإضافة إلى أننا بدأنا نعمل على بعض المشاريع الفنية التي كانت ستكون مميزة جداً لو أُنجزت مع حاتم .
تولى المخرج السوري الليث حجو صديق وشريك الفقيد ترتيب العديد من تفاصيل العزاء في سوريا وقام يوم أمس بمرافقة غزل ابنة حاتم الكبرى من بيروت إلى دمشق حيث كانت متواجدة هناك ليطمئن على سلامتها بنفسه .
سيصل جثمان حاتم علي إلى مطار دمشق صباح الخميس ، ستكون في استقباله حمائم دمشق فاتحة جناحي الرحمة والشوق، كأني أرى أبواب الشام السبعة مفتوحة على مصراعيها، لابد أن كبار الفن السوري سيحضرون بحزنهم وحبهم الكبيرين وستصرخ منى واصف صرختها المشهورة ليتردد صداها طويلا على قمة قاسيون، ولن تستطيع نجمة الفن والجمال سلافة معمار منع دمعها من العويل فأنت قلم حمرتها وزين الشباب .
نعم سيجتمع الجميع سيلفونك بالحب الدمشقي الحنون وسيحملونك إلى مرقدك الأبدي على جناحي الحلم، كما اشتهيت .
جثمان الكبير حاتم علي سيوارى الثرى يوم الجمعة الأول من كانون الثاني ٢٠٢١ في الساعة ١٢ بتوقيت دمشق وفي ترابها، لتطوى قصة فنان مبدع لم يرضَ بغير الريح مطية، فنان بدرجة إنسان احترم عقل المشاهد واعتبره الحكم الأول والأخير ورفض بصمته كل مشروع لا يعبر عنه ولا يحترم ذائقة العقل،
سيروي الأبناء والأحفاد سيرة رجل عاش في حقبة الألم لكنه صنع منه تفاصيل أيام عشناها معه وهو يرسم سيرة الحياة بفرح لا يضاهى.