اسطنبول – الناس نيوز ::
تواصل سفن الشحن وحاملات النفط حركتها عبر مضيق البوسفور في قلب إسطنبول، متجهة إلى الموانئ الروسية والأوكرانية، في تجاهل تام للحرب الروسية في أوكرانيا.
ووفقا لـ”الفرنسية”، تستمر الحركة التجارية بنشاط عند أبواب البحر الأسود مرورا عبر تركيا. ومع بدء الحرب الروسية في أوكرانيا في 24 شباط (فبراير) وعلى وقع العقوبات المتتالية التي فرضها الغرب على موسكو، سحبت الشركات الدولية سفن الشحن الضخمة تدريجيا لمصلحة سفن أقل حجما نشطت بأعداد كبيرة بقيت مستقرة عند نحو 40 ألفا كما قبل الحرب، وفق ما أوضح مراقبون.
ويتعقب المتخصص يوروك إيسيك هذه السفن من شرفته المطلة على البوسفور، الممر الوحيد للحركة التجارية بين البحر الأسود والبحر المتوسط.
ويوضح “أحصينا في أيار (مايو) وحده ما لا يقل عن عشر حركات عبور من بينها رحلتان ذهابا وإيابا لثلاث سفن ترفع العلم الروسي، عدا التحركات التي قد نكون أغفلناها جميعا”، مضيفا أنه رصد “عبورين إضافيين هذا الصباح”.
وعلى الرغم من تنديدها السريع بالحرب اعتمدت تركيا موقفا محايدا بين الدولتين ولم تنضم إلى العقوبات الغربية على موسكو. وحظرت منذ أواخر شباط (فبراير) عبور السفن العسكرية من البوسفور والدردنيل بموجب اتفاقية مونترو التي تحكم حركة عبور المضيقين. غير أن الاتفاقية الموقعة 1936 لا تجيز لها اعتراض وتفتيش السفن التجارية، وفق ما أوضح مصدر دبلوماسي في أنقرة.
وأكد المصدر – طالبا عدم كشف اسمه – “لا نراقب طريقها إلا على مسافة عشرة كيلومترات قبل دخولها وبعد خروجها”.
في المقابل، من المستغرب في ظل الحظر الأوروبي المفروض على الواردات من روسيا، رؤية ناقلات نفط ترفع العلم اليوناني أو المالطي تبحر في البوسفور ثم البحر الأسود وصولا إلى الموانئ الروسية.
ويستند يوروك إيسيك إلى عدد من تطبيقات التعقب المفتوحة المصدر وشبكة متينة من المراسلين من ناشطين روس وأوكرانيين ومنظمات غير حكومية وصور عبر الأقمار الاصطناعية، فيشير إلى أنه “يتابع السفن من بداية إبحارها إلى نهايته، من التحميل حتى الوصول”.
ويؤكد أن بعض سفن الشحن تحمل بالقمح في مرافئ أوكرانيا الخاضعة لحصار روسي، مثل: أوديسا وتشورنومورسك وماريوبول، ثم تسلك البوسفور متجهة إلى سورية، حيث تقيم روسيا قاعدة للعمليات، ثم لبنان أو مصر.
كذلك رصد إيسيك أسطولا صغيرا من السفن التركية القديمة “لم يسبق أن شوهدت في المنطقة من قبل”، تظهر فجأة رافعة “علم مواءمة” لدولة غير الدولة المملوكة له في مرفأ نوفوريسيسك الروسي، وهو يشتبه في أنها تنشط لمصلحة جهات روسية.
بهذه الطريقة ودون انتظار قيام “ممرات بحرية” محتملة تبدي موسكو استعدادا للموافقة عليها وسيبحثها سيرجي لافروف وزير خارجيتها الأربعاء خلال زيارة لتركيا، يتم شحن قمح أوكراني رغم الحظر تحت إشراف موسكو.
وقال المصدر الدبلوماسي “لدينا هذه المعلومات، لكننا لا نملك الحق في اعتراض السفن التجارية أو تفتيشها، ما لم تشكل خطرا على تركيا”، من غير أن ينفي هذه الاتهامات.
وأكد يوسيل أسير أستاذ القانون الدولي في جامعة أنقرة “إذا لم تقم روسيا بتصدير منتجات أوكرانية، لا شيء يسمح لتركيا باعتراض السفن.. ما لم يصدر قرار عن الأمم المتحدة”، وهي فرضية مستبعدة تماما بفعل عضوية روسيا الدائمة في مجلس الأمن الدولي. وأوضح السفير الأوكراني أن بلاده “طلبت مساعدة تركيا” لوقف تهريب الحبوب.
ودون الإقرار بالأمر صراحة، أشارت المفوضية الأوروبية بدورها إلى ثغرات في تطبيق الحظر، وقال مصدر في بروكسل “إنها تستعد لتشديد تدابيرها مع إصدار مجموعة جديدة من العقوبات على موسكو ستحرم الشركات الأوروبية من تأمينها إذا ضبطت سفنها تنتهك الحظر”.
وأوضح المصدر – طالبا عدم كشف اسمه – أن “معظم هذه السفن تحظى بعقود تأمين أوروبية وبريطانية، ومع هذه الرزمة الجديدة (من العقوبات) لن يعود بإمكانها استخدامها” متوقعا أن يكون للجهاز مفعول كبير.
وقالت إليزابيث أونينا “إن بإمكان أنقرة بذل مزيد من الجهود”، مشيرة إلى أنه “بعد ضم القرم حظرت تركيا السفن القادمة من القرم في موانئها، ويمكنها حتما القيام بالأمر نفسه”.
وأضافت “لكنها اختارت تفسيرا بدهيا لاتفاقية مونترو، حتى لا تضطر إلى الضلوع في النزاع”.