القاهرة – الناس نيوز ::
سلط مقتل 41 شخصا إثر اندلاع حريق بكنيسة تقع في منطقة مكتظة بالسكان غرب القاهرة، الضوء على مشكلة مزمنة بالنسبة الى المسيحيين الأقباط تتمثل في صعوبة صيانة وتجديد دور عبادتهم.
فقد الأب يوحنا من كنيسة الأنبا أنطونيوس العظيم بحي شبرا وسط القاهرة، ستة أشخاص من أقاربه في الحريق، بينهم طفلتان توأم في سن الخامسة وشقيقهما البالغ من العمر أربع سنوات.
وقال لوكالة فرانس برس، خلال عزاء اليوم الثالث لضحايا حريق كنيسة الشهيد أبي سيفين بحي امبابة بمحافظة الجيزة، إن دور العبادة في البلاد تستحق خدمات تفتيش على الصيانة ورعاية أفضل لتجنب وقوع مثل هذه المأساة.
ومع ذلك يرى رجل الدين القبطي أن بناء وترميم الكنائس أصبح “سلسا”، مقارنة بالسابق وخصوصا منذ إصدار قانون بناء الكنائس في 2016 الذي هدف إلى تقنين هذا الأمر.
وبحسب إحصاءات الحكومة المصرية الرسمية، فقد تم تقنين أوضاع 1077 كنيسة تحت شعار “ترسيخ مبادئ المواطنة والوحدة الوطنية”.
ومع ذلك، رأى خبراء بأن دور هذا الشعار كان فقط ليدحض أي حديث عن التمييز باعتباره “مخططًا غير وطني لتقسيم البلاد”، مثلما أشارت المؤرخة إيمي فالاس في تحليل لها نشره معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط.
– “عملية مرهقة” –
وبينما ترى الحكومة المصرية أنها تسير على طريق “المساواة” بتطبيق قانون بناء الكنائس، اتهمت جماعات حقوقية القانون بأنه قد “يعيد إنتاج ظواهر العنف الطائفي”.
وفي تقرير للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، المنظمة الحقوقية غير الحكومية، بعد عام من إصدار قانون بناء الكنائس، كتبت أن القانون “لم يتجاوز تشريع الأمر الواقع القائم على التمييز الصريح بين المواطنين المصريين من حيث الحق في ممارسة شعائرهم الدينية، عن طريق ترتيب شروط شديدة التعقيد لإقرار بناء كنائس جديدة، وإسناد مهمة تنظيم بناء دور العبادة عمليا وبشكل شبه حصري إلى الأجهزة الأمنية، بما يُعدُّ وصفة جاهزة لإعادة إنتاج ظواهر العنف الطائفي مرة أخرى”.
وبحسب المبادرة، فقد وافقت السلطات بشكل مشروط على أقل من 40 % من طلبات بناء الكنائس أو ترميمها منذ دخول القانون حيز التنفيذ، مع 20 % فقط حصلت على الموافقة النهائية.
وكانت كنيسة الشهيد أبي سيفين استقبلت نحو 200 شخص لحضور قداس الأحد الصباحي، قبل أن ينفجر مولد كهربائي داخل مبناها ويتسبب في اشتعال حريق في أحد أجهزة تكييف الهواء واندلاع النيران.
والكنيسة عبارة عن مبنى متعدد الطوابق أقرب إلى مبنى سكني وتخصص بعض طوابقه للخدمات والرعاية، وتقع في شارع ضيق بالكاد اتسع لعربات الإطفاء عند وصولها للتعامل مع الحريق.
وفي تصريحات الثلاثاء على إحدى القنوات الفضائية المصرية، قال بابا الأقباط في مصر تواضروس الثاني، الذي يرأس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية منذ عام 2012، إن مساحة الكنيسة صغيرة، “فقط 120 مترا والكثافة القبطية في المنطقة كبيرة”.
وأوضح أنه منذ أكثر من عقد “كانت عملية إنشاء كنيسة عملية مرهقة جدا، ما أدى إلى بناء كنائس صغيرة لا تفي باحتياجات المسيحيين”، داعيا السلطات إلى نقلها إلى أماكن أكثر اتساعا.
فيما شدد الأب يوحنا على أن “دور العبادة يجب أن تكون قريبة من المناطق السكنية”، وأن الحلول التي تشمل نقل الكنيسة من العاصمة إلى مناطق جديدة نائية “غير عملية”.
يشكّل الأقباط بين 10 و15% من مئة مليون مصري، وهم أكبر أقلّية دينيّة في الشرق الأوسط، وفق تقديرات متباينة للسلطات والكنيسة. ولا توجد إحصاءات رسميّة لتعداد الأقباط في مصر.
– كنائس مؤقتة –
أدى التعقيد في مسألة بناء الكنائس في مصر سابقا إلى لجوء الأقباط لحلول بسيطة مرتجلة مثل تحويل البنايات السكنية في المدن أو المنازل في القرى إلى دور عبادة مؤقتة.
مثلما هي الحال مع كنيسة الشهيد أبي سيفين، غالبا ما يتعذر تمييز الكنائس في الأحياء الشعبية عن العقارات السكنية المحيطة، إلا برؤية الصلبان فوق النوافذ.
وكما هي الحال في المناطق الشعبية، لا ينشر استخدام أجهزة كشف الدخان وأجهزة الإنذار ومنافذ الحريق.
على مدار اليومين الماضيين وبعد حريق الأحد، شهدت كنيستان أخريان حرائق محدودة، ألقي فيها باللوم على أحمال الكهرباء.
وقالت فالاس لفرانس برس “كما رأينا، هذه مسائل تتعلق بالحياة والموت وتؤثر بشكل غير متناسب على الكنائس في المناطق الفقيرة”.
في كانون الثاني/يناير، تم توقيف تسعة أقباط لمدة ثلاثة أشهر في محافظة المنيا جنوب مصر، بعد تظاهرة صغيرة قاموا بها احتجاجا على رفض السلطات اعادة بناء الكنيسة الوحيدة في قريتهم التي احترقت في العام 2016..
وبعد هدم الكنيسة المحترقة العام الماضي، تم تقديم طلب رسمي لإعادة بنائها، ولكن السلطات المحلية لم ترد على هذا الطلب رغم أن القانون يلزمها بالرد في غضون أربعة أشهر.