ريما فليحان – الناس نيوز ::
جئنا من بلدان يخاف مواطنوها من تداول النكتة السياسية، ومن الحديث بالسياسة فيخفضون صوتهم حتى لو كانوا داخل منازلهم حين يتكلمون” فيما يشبه” السياسة، لم يكن لدينا حرية رأي منذ ولدنا، ولم نعرف الا رئيساً واحد لم يكن أصلاً لدينا أي دور في اختياره .
كان واجبنا ينحصر في التصفيق والخَرس، رئيس حكمنا حتى مات “بالصدفة”، فورثه ابنه بالقوة واغتصاب القانون، بعد أن مات أخوه الأكبر بطريقة ما في بلد نظامها المُعلن “جمهوري”، الرئيس الذي لاحقتنا صوره في كل مكان حتى في كوابيسنا منذ الطفولة، ثم صور ابنه لاحقاً، ومن تجرأ منا بالمطالبة بالحرية يا أعزائي في بلداننا لوحق واعتقل، عذب وقتل، قهر وشرد ومات، لذلك أتساءل هل كان بإمكانكم أن تدعوا الناجين منا يعيشون بسلام في منافيهم .
اتركونا مثلاً نتنفس ولو لبرهة دون أن نسمع ونرى نعيقكم وتطبيلكم في أبعد بقعة على كوكب الأرض لأنظمة منتهكة لحقوق الانسان ومرتكبة لجرائم الحرب، ودون أن نرى وجوهكم في صوركم مع القتلة وأنتم تقطعون آلاف الكيلومترات والساعات لتزوروا الطغاة، ثم تعودوا إلينا تحملون شروركم وتعليماتكم، لتمارسوا من خلالها تضليلهم وقمعهم عبركم، وتذكروا وأنتم تتدعون ممارسة حرية الرأي عبر مواقفكم الداعمة للطغاة أنكم تمارسون بذات اللحظة القمع للصوت الآخر الخائف من تقاريركم المخابراتية العابرة للقارات، ومن أذاكم، ومن قلة ضميركم، وهو برأيي ما يجعلكم بعيدين أشد البعد عن ممارسة حرية الرأي .
الراقع أن رأيكم هو تضليل وتخويف وإساءة استخدام للمساحة الحرة التي منحت لكم في وطنكم وبلدكم الجديد أستراليا من أجل تعزير هوياتكم الثقافية والإنسانية المعولمة ، وليس من أجل أن تكونوا أدوات لأنظمة إجرامية.
تتمتع طبيعة المجتمع الأسترالي بتعددية متنوعة وغنية ثقافياً، وهي قائمة بجزء كبير منها إضافة إلى السكان الأصليين أصحاب الأرض، على الهجرة بالإضافة إلى اللجوء من مختلف دول العالم، وتستقدم أستراليا الآلاف سنوياً من اللاجئين من مختلف بلدان العالم بما فيها بلدان عربية ومنها سوريا .
المواطنة حقوق وواجبات .
تتيح القوانين الأسترالية العظيمة لتلك المجتمعات أن تحتفل بثقافتها وتنوعها، كما يسمح قانونها بإنشاء الجمعيات كمنظمات مجتمع مدني من أجل إتاحة المجال للمكونات تلك أن تحتفل بثقافتها وتمارس معتقداتها الدينية وطقوسها الفلكلورية والمجتمعية بكل حرية، كما انها أيضاً تدعم التناغم المجتمعي وتحرص على أن تصبح تلك المكونات جزء من المجتمع الأسترالي بحيث تحترم القوانين الأسترالية والقيم الحقوقية والواجبات التي يحميها الدستور الأسترالي.
المخبرون المعلنون أو المخفيون ، المؤسسات والأفراد ، رجال الدين وغيرهم
لكن، وكعادة الأنظمة القمعية ومنها “النظام الأسدي في سوريا “، من خلال شبكة علاقاتها وقنصلياتها وأتباعها لا يمكنها إلا أن تصدر شرورها عبر استخدام تلك الأدوات من أجل اختراق المجتمعات اللاجئة الوافدة، أو محاولة التأثير على السياسة المحلية لخدمة تلك الأنظمة، وأحياناً يكون ذلك عبر بعض منظمات المجتمع المدني، من أجل استغلال بعض نشاطاتها بهدف تمرير البربوغندا السياسية والقمعية لتلك الأنظمة، والتي تسببت هي بذاتها بموجات لجوء كبيرة، وصل بعضها أستراليا، كما تنشئ تلك الأنظمة عبر سفاراتها وقنصلياتها دوائر أمنية لتتبع أخبار المعارضين لتلك الأنظمة ممن وصلوا لأستراليا كلاجئين، وتحاول إجبار المجتمعات اللاجئة على إعلان الولاء والطاعة لتلك الأنظمة حتى في أستراليا، أو باقي الأوطان الجديدة وأحياناً تحت تهديدات بإرسال تقارير أمنية عنهم للبلد الأم وهو ما يجعل هؤلاء يخشون من حرمانهم من فرصة الزيارة لبلدهم الأم إن لم يكونوا مطلوبين، أو عبر التهديد بتعرض أقاربهم للأذى، أو عبر عزل الرافضين للخضوع اجتماعياً من خلال استخدام بعض المنابر الدينية والجمعيات لتكريس تلك العزلة، حيث يأزم ذلك السلوك الصدمات النفسية التي تعرض لها اللاجئون في بلدهم نتيجة الحرب أو الاضطهاد والعنف، ويجعل فرصة شفائهم أصعب، فيعيش هؤلاء خوفاً مستمراً كان من المفترض أن يتخلصوا منه بعد وصولوهم الى أستراليا.
يمارس هذا الدور عادة من خلال القنصليات الفخرية والتي كان يجب أن يكون دورها ثقافياً وليس سياسياً ولا مخابراتياً، وهي لا تكتفي فقط بالترويج السياسي لتلك الأنظمة لكنها أيضاً تحاول زج رجال الدين وشخصيات محلية في ترويج المعلومات المضللة وتكريس البربوغندا السياسية لتلك الأنظمة المجرمة دولياً وعلى نطاق واسع، دون أي مراعاة لمشاعر اللاجـئين ولا احترام لإقامتهم ومواطنتهم في بلد اتخذت حكومتها وبرلمانها موقفاً واضحاً ضد جرائم تلك الأنظمة كموقف الحكومة الأسترالية ضد النظام الأسدي على سبيل المثال .
تلك السلوكيات بدورها تؤثر على أندماج المواطنين في الوطن والمجتمع الجديد، كما وتحرمهم فرصة أن يعيشوا تجربة ممارسة حرية الرأي دون خوف، والتمتع بالمواطنة وتجربة الديموقراطية الحقيقية، سلوكيات تلك الأدوات تكرس انشقاقات مجتمعية داخل تلك المكونات المجتمعية وتكرس خطاب كراهية متبادل، وتتسبب بعزلة لبعض أفراد المجتمع من المعارضين لتلك الأنظمة، بسبب الخوف من العقاب الذي تهدد به سفارات وقنصليات فخرية وشخصيات، وأحياناً منظمات تم ترخيصها على أنها ثقافية مجتمعية لكنها أعلنت منذ ولادتها أنها تتبع لحكومات وأنظمة خارجية، وهو ما يشكل خطراً علـى التناغم والسلام الاجتماعي في تلك المجتمعات، خاصة أن تلك الأنظمة عبر قنصلياتها وشخصياتها تستخدم بعض المنابر الدينية في ترويجها لتلك الأجندات ، وفي دعم مجرمي حرب وطغاة .
يُنتج تداخل الدين، “أي دين” و “كل دين” بالسياسة حالة سامة قاتلة للشعوب ، وتشكل تلك الأنظمة القمعية من خلال أدواتها تأثيراً على التناغم المجتمعي وتبني قيم المجتمع الأسترالي وتلك جريمة يُعاقب عليها القانون الأسترالي ، والحال من بعضه في معظم البلدان المتقدمة كأميركا وأوروبا .
قد يحاول البعض من تلك الأدوات أن يقول أنهم يمارسون حرية الرأي عبر دعم تلك الأنظمة، وهم يتجاهلون حين يقولون ذلك أن تلك الأنظمة مصنفة دولياً في خانة الإجرام ، يحاكم معظمها أمام محكمة العدل الدولية، أو الجنايات الدولية، وبأحسن الأحوال صدرت ضدها مئات من التقارير الأممية للجان تقصي الحقائق الأممية، ومنظمات حقوقية من أعرق منظمات حقوق الإنسان العالمية، و ينسون أنه، أساساً، في بعض بلداننا العربية لم نصل إلى مرحلة فيها أصلاً حكومة ومعارضة، فالمعارضة ممنوعة في تلك البلدان القمعية، وحين يكون هناك أراء معارضة سيتم سحق أصحابها، اعتقالهم، تعذيبهم، قتلهم بعد ترويج وتلفيق أبشع التهم الجاهزة والمعلبة لهم: عملاء، خونة، وهنوا نفسية الأمة، إرهابين حتى لو كانوا نشطاء سلميين، والقائمة تطول، ولذلك أعتقد أن تلك الممارسات يجب أن تقابل وتواجه باللجوء للقضاء الأسترالي، والجهات المختصة الأسترالية من أجل وضع حد لذلك الاستغلال والتضليل والقمع وتدخل تلك الأنظمة في المجتمع المحلي في أستراليا، فنحن نريد أن نشعر بالسلام في وطننا الجديد.