ميديا – الناس نيوز ::
إبراهيم حميدي – المجلة : مع اشتداد الحملة الأميركية على العراق وحشد القوات في المنطقة وعجز الولايات المتحدة الأميركية في إقناع مجلس الأمن باتخاذ قرار يغطي الحرب على العراق، أصبح واضحا أن الحرب باتت وشيكة خلال أيام، ما أثار القلق في دمشق من امتداد الحرب و”الدومينو” لا سيما أن موقفها كان داعما لصدام.
في ضوء ذلك الواقع توجه الرئيس السوري بشار الأسد ونائبه عبدالحليم خدام ووزير الخارجية فاروق الشرع ووفد أمني برئاسة المستشار الأمني اللواء محمد ناصيف، إلى طهران في 16 مارس 2003 لمناقشة الوضع مع القيادة الإيرانية و”العمل على توحيد الموقف في مواجهة التطورات الجديدة المقلقة والمقبلة في المنطقة”.
وفور وصول الأسد التقى خاتمي، وحسب محضر الاجتماع الذي حصلت “المجلة” على نسخة منه، قال الأسد: “ماذا نستطيع أن نفعل قبل الحرب بوقت قصير؟ وماذا سنفعل في حال حصول الحرب، والتي سـتدوم لفترة طويلة، وربما لسنوات، ولا أقصد أنها ستستقر وإن استقرت الولايات المتحدة الأميركية وحققت الأمن فستنتقل إلى إيران وسوريا؟”.
أجاب خاتمي: “هذه أسئلة صحيحة وفي وقتها. نحن في إيران نفكر دوما في هذه النقاط، ودائما مبعوثي، وخاصة (وزير الخارجية كمال) خرازي، خلال اتصالاته مع الأصدقاء، وخاصة السـيد خدام، يأتي على ذكر ذلك. اسمحوا لي أن أشرح لكم، حول الموضوعين كان لي نشاطان:
الأول: مع (وزير خارجية روسيا إيغور) إيفانوف. والثاني: اتصال مع (الرئيس الفرنسي جاك) شـيراك. الملاحظ من كِلا الرجلين أن لديهما قلقا بأن يتم الاعتداء على العراق، ولكن قلقهما كان أكبر من ذلك، وكِلا الرجلين كان يشير إلى أن الحرب واقعة قريبا”.
وقال شيراك لخاتمي، حسب المحضر: “علينا أن نسعى لكي لا ينتشر الاعتداء إلى ما وراء العراق. أنا قلق بأن مهاجمة العراق هي الخطوة الأولى”. وهو كان “حاسما بحصول الحرب” وقال إن فرنسا “مستعدة لاسـتخدام الفيتو، ولكن أميركـا اسـتعدت للحرب، وموقفهم (الفرنسيين) أن هذا الاتجاه المعارض لأميركـا يجعل الحرب إذا حصلت أن يكون الاعتداء غير مشروع ولنا الحق في التصرف بعد ذلك”. ويقول خاتمي إنه قال لشيراك: “الغارات الجوية قد تكبد العراق وشعبه خسائر جسيمة، ولكن لا تؤدي إلى سـقوط صدام، لذلك سيكونون مرغمين على خوض حرب ذرية، وأنا أخمن وأقدر أن الجيش العراقي والحرس سـيقومان بالدفاع في المدن. الانتصار الحاسم الذي تحصل عليه أميركـا: تقصر فترة الحرب وتصل للانتصار بفترة قصيرة، وإذا طالت المدة ستخسر أميركـا، يكفي أن يعود إلى أميركا الجنود الأميركيون وينقلب الرأي العام الأميركي ضد (الرئيس جورج) بوش وسياسته، لذلك أنا لا أعتقد أن هذه الحرب ستتمكن من إنهائها، لكن هناك نقطة غموض: لا أعرف مدى استعداد العراقيين للمقاومة والصمود. أنا لا أريد أن نسمح بوقوع الحرب، لكن إن وقعت الحرب لا بد أن لا تكون أميركا منتصرة بسهولة. النقطة الثالثة إن وقعت الحرب ماذا يجب علينا أن نفعل؟”.
أ ف بالرئيس الإيراني محمد خاتمي (إلى اليمين) يستقبل نائب الرئيس السوري عبدالحليم خدام قبل لقائهما في طهران في 29 سبتمبر 2003
علق الأسد: “لو كان من يحارب غير الأميركيين لكان سقوط صدام أسـرع، لكن تحكم الأميركيين الحماقة، قالوا إنهم سيحسمون الحرب خلال أيام أو أسابيع، لقد حصروا أنفسهم بهذا الزمن دون داع. إذا سـألنا العراقي من تكره أميركـا أم صـدام؟ هناك من يقول صدام ولكن الإحساس أن الشعب العراقي سـيقاتل مع صدام، لذلك أعتقد أن مجموعة من العراقيين يهتمون بجانب وآخرين في جانب آخر.
شيء آخر: سـيقتل الأميركيون أعدادا كبيرة من العراقيين، عندها سينسى الشعب أن هناك صدام حسين (…) بعد أيام سـيكون الجميع ضد أميركـا. نحن أكثر دولة نقف مع صدام، وهو أقل دولة تنسق معنا، وهو نظام غريب يعيش في عالم آخر (…) صدام قسم العراق بالأمس إلى أربع مناطق وأنا أعرف منهم علي حسن المجيد الملقب بالكيماوي لقد سلمه إحدى المناطق، وهذا سيقلب الصورة ضد صدام، نحن كسوريين وإيرانيين كيف نتعامل مع المعارضة؟ من الضروري استيعاب المعارضة في الخارج، ولكن لا تستطيع أن يكون لها دور، نحن بحاجة لعلاقات أوسـع داخل العراق، بالنسبة لنا في سـوريا العلاقة ضعيفة بسبب عدم وجود الثقة بين نظامينـا ولكن هناك (علاقات مع) المعارضة”.
علق خاتمي: “نحن أيضا لا نعرف ماذا يجري داخل العراق، أنا أقتنع بمثل هذا الشـعور المتناقض تجاه صدام وأميركـا، وأعتقد إن طالت الحرب ورأى الشعب الخسائر واستطاع الجيش والحرس الجمهوري المقاومة سـيكون الزمن على حساب الجانب الأميركي”. وزاد: “يجب علينا أن نكون حذرين من قيام دولة كردية ولا بد من تكريس الفكرة القائلة بأن أكراد إيران هم إيرانيون، وأكراد العراق عراقيون، وأكراد تركيا أتراك، وفي هذا المجال لا بد من طمأنة الأتراك وتبديد مخاوفهم. على كل حال يجب التنسـيق بيننا وبينكم وبين المعارضة العراقية في هذه العناصـر”.
معارضتان
من جهته قال الأسد: “في المعارضة حالتان: الأولى وصلت لمرحلة النضج ولن تتعامل مع أميركا، والثانية هرولت باتجاه أميركا عندما أشـارت لها. هؤلاء إن وصلوا إلى الحكم لن يعملوا مع سـوريا وإيران، بل سـيكونون في الجانب الأميركي، لذلك لا بد من توسـيع العلاقات وخلق عناصر أخرى للتنسيق.
العنصر الأكبر هو الأكراد، يوجد خوف ووطن يفكرون في إقامته، هذه النقطة هي الأهم، لقد بحثت هذا الأمر مع (الرئيس التركي) عبد الله غول، ومنذ أيام ذهب وفد أمني سـوري إلى تركيـا. المحور الأساسي للتعاون بين سـوريا وتركيـا الآن هو موضوع الدولة الكردية، وهذا يجمع كل التيارات في تركيا، العسكر وغيرهم، لأن هذا يقلق تركيا وسوريا وإيران والعراق، ويجب التنسيق بيننا في هذا الموضوع”.
وعندما اشتكى الأسد أن “العراقيين لا يُنسـقون معنا في أي شيء آخر، وعندما نتحدث معهم عن المعارضة، يقولون نحن لا نخاف من أحد”، قال خاتمي: “المعارضة لا تروق لأحـد”، فعلق الأسد: “نستطيع إعطاءها وعودا وهمية على الطريقة الأميركيـة ومع ذلك يمكن طرح الموضوع مع وزير الخارجية العراقي. المشكلة الأولى في الحرب هي صدام نفسـه”. ثم دار هذا الحوار:
خاتمي: بالنسبة للحرب أميركا تتعامل بقوة، وربما لديها مشاريع وخطط، هل أنتم مطمئنون من إمكانية قيام الجيش بعمل ما في الداخل؟ إن انتصرت أميركا بسرعة سـيكون الأمر صعبا”.
الأسد: الحل في المقاومة.
خاتمي: إذا وقعت الحرب؟
الأسد: يجب الإعداد للمقاومة قبل الحرب.
خاتمي: لا بد من وجود عدة أهداف: أولا، لا نريد وقوع الحرب، وثانيا إن قامت لا نريد أن تنتهي بسرعة، وثالثا مستقبل العراق، يجب العمل والتنسيق لتحقيق هذه الأهداف، ولا بد من التباحث حول كيفية التعامل مع المعارضة. النقطة الأخرى هي أنه يجب معرفة ما يجري داخل العراق وكيفية التأثير فيه، وكذلك الأمر بالنسبة لمستقبل العراق، يجب أن تنصب جهودنا لتجنب الطائفية، ويجب أن يكون شرطُنا للعمل مع المعارضة هو التزامهـا بعدم إثارة المشـاكل، نحـن لا نفرق بين سُـني وشـيعي، إن حدث أمر كهذا، وهذا ما يقلقني، فإن المعارضة ستسقط وهذا يسـبب خسارة.
الأسد: للطرح الطائفي في العراق نتائج سـلبية. قبل طرح أي أمر يجب أن يكون له هدف، التركيز على المعارضة يخيف الأميركان، لكن هذا يتطلب بحث العلاقات مع العشائر، اليوم يوزع الأميركان الأموال والهواتف على رؤساء العشائر، لا أعرف إن كان هؤلاء سـيلتزمون مع أميركا ولكنهم في الوقت الحالي سـعداء بالأموال. ما هي علاقتكم بالعشـائر؟
خاتمي: لا توجد علاقات بيننا، لكني أعتقد أن للمعارضة اتصالات مع العشائر ولها ارتباطات أخرى.
الأسد: سـيكون التعامل صعبا إلى حد مـا.
وهنا تدخل خدام: لدي اقتراح: إن وجهتَي نظر سوريا وإيران متطابقتان، لا بد من إيجاد منهجية للعمل، هناك عدة أطراف للمعارضة مخترَقة من قِبل الأميركان، أقترح تشكيل مجموعة عمل تدرس المعارضة العراقية، هناك الكثير من أطراف المعارضة رفضت العمل تحت المظلة الأميركية وهناك من يعتقد أن الحرب فرصة مناسبة للانقضاض على النظام”.
الأسد- خامنئي: الاتفاق
بعد ذلك توجه الأسد وخدام وخاتمي للقاء “المرشد” علي خامنئي الذي بدأ الحديث مُرحبا بنا متمنيا أن “تكون الزيارة مفيدة لكِلا البلدين”. وحسب المحضر السري للاجتماع قال الأسد: “التنسيق بين بلدينا عال وبكل تأكيد سـتحقق الزيارة النجاح، وسـوف تضفي هذه الزيارة بعض “الرتوش” على التنسيق بين بلدينـا، عكَس نقاشـنا (مع خاتمي) اليوم تطابق وجهات النظر بين بلدينـا. لقد ناقشـنا موضوع العراق بشكل موسع، يوجد تحليلات كثيرة حول هذا الموضوع. الرؤية سوداوية حول هذا الموضوع، والنقاط البيضاء فيه هي تحالفنا ومواقفنـا وتاريخنـا، لقد سـقطت الأقنعة وكل شيء اتضح، أميركا عبرت عن موقفها وقالت إنها تريد احتلال العراق وتنصيب حاكم عسكري، وقالت إنها سـتحارب بعد ذلك سـوريا وإيران وأي دولة لا تعجبها، نحن ندرك قوة أميركا العسكرية وإمكانات سـوريا وإيران. ولكن نحن أصحاب الأرض”.
أ بصورة نشرتها وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، تظهر الرئيس السوري بشار الأسد وهو يصافح “المرشد” الإيراني علي خامنئي، قبل اجتماعهما في طهران في 25 فبراير 2019
وتابع الأسد: “قلنا في البداية إننا لا نريد حدوث الحرب لأنها ضارة للجميع، لكن من غير المعقول أن نجلس وننتظر مجيئها إلينا لاحقا، لا يوجد دولة جارة للعراق تملك قرارها سوى سوريا وإيران، لكن أعتقد أن أهم شيء يمكن أن يحدث في حال حصول الحرب هو امتدادها حتى تتعب أميركا، الشـعب العراقي لا يقبل الاحتلال الأميركي وبغض النظر عن صدام سـتبدأ المقاومة المسلحة، ولا بد من البدء بالتنسـيق قبل بدء الحرب، لأن نجاح أميركـا في العراق يعني انتقالها إلى فلسـطين والقضاء على المقاومة هناك، وهذا يعني أن إسرائيل هي التي سـتقرر مصير جميع دول المنطقة بما فيها إيران وسوريا. هذه هي الخطوط العامة، اتفقنـا على التنسـيق بين وزارتينـا، وسيُطلعنا موفدوكم على التفاصيل”.
من جهته قال خامنئي: “شـكرا جزيلا على هذا التحليل الجيد حول ما يجري في المنطقة، الحقيقة هي أن دولتينا شـقيقتان، تجمعنا أمور كثيرة ومخاطر مشتركة، وهذا بحد ذاته عامل تشجيع لزيادة التعاون بيننـا. تواجه المنطقة وضعا خطرا. تتميز القضية العراقية بأقصى درجات الأهمية، هذا بالإضافة إلى القضية الفلسطينية التي احتجبت للأسف أمام الرأي العام العالمي تحت الغبار الناتج عن المسألة العراقية، رغم أنها المسألة الأكثر أهمية.
ما يجري في فلسطين لم يسبق له مثيل في التاريخ، إن الهجمة الوحشية والهمجية ضد الشعب الفلسطيني والعمليات الاستشهادية تبعث على الحيرة والإعجاب. لا يملك الفلسطينيون سوى العمليات الاستشهادية، وتمارس عليهم ضغوط وهجمات دعائية وإعلامية من قِبل أميركـا والصهيونيـة وكثير من دول العالم بما فيها الدول الإسلامية. هناك بعض مراكز الفكر أصبحت تدين العمليات، وبعض الدول الجارة أيضا تدين هذه العمليات، وكما تفضلتم فإن سوريا وإيران هما الدولتان الوحيدتان اللتان أصدرتا قرارا مستقلا، وهذا القرار تمثل في دعمكم العمليات بوقت واضح وصريح، وكان هذا موقفا جيدا جدا وشجاعا، وكان له تأثير واضح في استمرار المقاومة والصمود، لأن المقاومة الفلسطينية والقوى الجهادية في لبنـان كونتا مكانة جيدة. متى كانت إسـرائيل تحارب دولة عربية وتطول هذه الحرب لمدة سـنتين دون أن تسجل نصرا، تحارب الفلسطينيين منذ سـنتين ونصف ولم تتمكن من احتوائهم، وإن لم يفقد هذا الشعب صموده فإن هذا سـيؤدي إلى سـقوط النظام الصهيوني. وطبعا هذا يأتي بشكل تدريجي خلال مراحل يمكن التنبؤ بها سياسيا”.
وتابع خامنئي موجها كلامه للأسد: “تأييدا لما تفضلتم به عندما قلتم: إن طالت الحرب سـتكون الهزيمة لأميركـا، لكن يجب إيجاد وسـيلة لذلك، أول ما يجب علينا القيام به والاجتهاد من أجله ومتابعته هو الحيلولة دون وقوع الحرب، وقد بذلتم جهودا كبيرة في هذا المجال، الرئيس خاتمي وحكومته بذلوا جهودا كبيرة في هذا المجال، ولا شك أنها لم تكن دون جدوى، لقد تأخرت الحرب وإن استمر التأخير لن تقع، الحرب تقع على عاتق القوى البشرية، والسلاح هو ما تستهدفه القوى البشرية، فإذا ضعفت معنويات القوى البشرية فلن يكون السلاح مجديا، لذلك رغم أنه لم يبقَ من المهلة الأميركية إلا أيام فأنا على قناعة أن هذه الجهود لن تثمر في اللحظة الأخيرة”.
أ ف ب(الثاني من اليسار) الأمين العام لـ”الجهاد الإسلامي” رمضان عبد الله شلح، رئيس “حماس” خالد مشعل، الأمين العام لـ”الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة”، أحمد جبريل، خلال الذكرى العشرين لتأسيس “حماس” في دمشق، 4 يناير 2008
وأضاف: “إن حصلت الحرب فيجب علينا اتباع السياسة العامة التي سـتمنع هذا التمساح من ابتلاع اللقمة بسـهولة، ويأتي هذا من خلال العمل الإعلامي والاتصالات السياسية والمعارضة العراقية نفسـها، أنا لا أعلق أي أمل على جيش صدام والقوات الموالية له، إن كان الطرف الثاني هؤلاء فإنهم ليسوا من أهل الصمود وقد جربنـا هذه الحقيقة في الماضي، لكن بالنسبة للشعب العراقي والعشائر من العراقيين فهم لاجئون، إن علقنـا الآمال على هؤلاء فيجب بذل الجهود فهم قوى فاعلة ومؤثرة. بالنسبة للأميركان فإن المحرك الذي يوجه القوة الفكرية التي تدفع الأميركان نحو هذه الحركة ليس مستمرا ودائما، فهؤلاء يريدون أن يقوموا بما قاموا به في القرن الثامن عشر وهذا غير ممكن، أن يأتوا ويحتلوا الأرض العراقية ويسيطروا على آبار النفط، لأن هذا لا يتناسب مع عالمنا المعاصر، يعني بالإمكان تحقيق عدم النجاح، يمكنهم السيطرة وغرس حاكم عسكري ولكن لا يمكن الاسـتمرار بذلك، الخطة الأميركية أوسـع من العراق بكثير، وهذه الخطة قد وضعت بعد 11 سبتمبر/أيلول وبعد وصول بوش للإدارة، وربما بعد هذه الأحداث والأمور تم تمهيد الأرضية لمثل هذه الخطة، لكنها خطة قديمة ومدروسـة مسـبقا، والهدف هو ما ينطقون به حاليا، يقولون إنهم يريدون تغيير الجغرافيا السياسية في المنطقة، وما أُدركه أن مثل هذه العملية أكبر بكثير من إمكانات وقوة أميركـا رغم قدرتها العسكرية، هؤلاء لا يستطيعون الصمود في وجه شـعوب المنطقة، طبعا يستطيعون تكبيدنا الخسائر وإنزال الضربات وتحقيق النجاح في البداية لكن في النهاية ستكون الخسارة لهم”.
ومضى قائلا: “علينا تفادي الحرب قدر اسـتطاعتنا، فإن أصبحنا فيما يتمثل بالتعميم الأميركي أو الخطة لن يكون أمامنا من خيار سوى الصمود والمقاومة، وكل المؤشرات تُشير إلى أن المقاومة سـتكلل بنجاح شعوب المنطقة وانهيار الكيان الأميركي كقوة عظمى. نحن نعلم أن ما قام به الأميركان وما سـيقومون به سـيؤدي إلى تقارب شـعوب المنطقة، لقد أشرتم إلى تعرض سـوريا وإيران للتهديد الأميركي”. وأشار إلى أن دولا عربية وخليجية تواجه “تهديدا ليس بأقل من الذي تواجهه إيران وسـوريا”.
إي ب أيتماثيل لصدام حسين في مصنع لإنتاج التماثيل، بغداد في 27 أبريل 2003
علق الأسد: “لدينا تجربتان مهمتان للمقاومة: فلسطين ولبنـان. سـوريا وإيران عملتا على احتواء المقاومة اللبنانية في وقت كانت سـوريا تعاني الحصار، الوضع الفلسطيني اليوم أصعب لكن نستطيع إعطاءهم المعنويات وهذا ما نفعله، طالما بقينا صامدين سـيصمد الآخرون، وإن سقطت المقاومة في لبنان وفلسـطين وسـوريا وإيران ستسقط المقاومة في العراق، المواطن العادي يكره صدام، لذلك نقول اليوم بوجوب التركيز على المواطن الذي لا ينتمي إلى أميركـا ولا لأي جهة أخرى، عدم نجاح أميركا هو هزيمة لها، وإن لم نستطع هزمها يجب أن يبقى الوضع متفجرا ويجب أن تكون هناك عمليات استشهادية، أكثر شيء يخيف الأميركان هو أن نقول لهم سـيموت أبناؤكم في العراق، في كل الأحوال نحن لسـنا مطمئنين، يجب أن نُبقي القنوات كما هي، خاصة في هذه الأيام، وإن ظهرت اليوم بعد لقاء “بوش- بلير- أزنار” (رئيس أميركا، ورئيسا وزراء بريطانيا وإسبانيا) بوادر حرب يجب أن تكون هناك غرفة عمليات يشارك فيها القائم بالأعمال السوري مع الخارجية. نحن موجودون هنا وهم غرباء والوقت لصالحنا، ورغم الظروف السيئة فأنا أميل للتفاؤل وأعتقد أنكم تشـاركوننـا هذا الشـعور”.
خامنئي: المقاومة طويلة
عقّب خامنئي: “لقد سمعت من سـيادة الرئيس بشـار الأسد ما كنت أتوخاه، المسألة كلها تتلخص في الصمود والمقاومـة، الأميركـان يحاولون إضافة الآخريـن كـي لا يقاوموا، ولكن السبيل الوحيد هو المقاومة، وتصوري أن هذه المقاومة سـتكون طويلة الأمد كما حصل في فيتنـام. إبان حرب فيتنـام كان الوضع الداخلي في أميركـا أفضل مما هو عليه الآن سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية أو المصداقية. أميركـا اليوم تعاني اقتصاديا واجتماعيا وقد خسرت مصداقيتها العالمية في عيون الكثير من الشـعوب والدول. أنا أشـارككم التفاؤل ونحن موافقون على التعاون الذي أشـرتم إليه، نحن بحاجة إلى هذا التعاون كي نستطيع إبعاد المخاطر وإجبار العدو على التوقف، ويجب علينا أن لا نهمل القضية الفلسـطينية.
يجب التفكير بما يمكن عمله لعرقلة طريق أميركـا بهدف تحقيق أهدافهـا، عن طريق المقاومة الفلسـطينية ولا بد من مساعدتها لأقصى حد ممكن سواء كانت المساعدة معنوية أو أي نوع آخر”.
وكتب خدام في أوراقه الخاصة: “تم الاتفاق خلال هذه الزيارة على الاستمرار بتبادل وجهات النظر والعمل على توحيد المواقف، وتم تشكيل لجنة أمنية لمتابعة الوضع العراقي من اللواء محمد ناصيف من سوريا، والعقيد قاسم سليماني من المخابرات الإيرانية. وشكلت هذه الزيارة تطورا واضحا باتجاه إعادة الحرارة إلى العلاقات السورية– الإيرانية”. وزاد أنه بعد أيام شنت القوات الأميركية الحرب على العراق، وخلافا لما تُوقع فإن الشعب العراقي لم يقاتل وحقق الأميركان نصرا سريعا غير متوقع.
أ ف بجنديان أميركيان فوق كتلة خرسانية مرسوم عليها العلم العراقي، بغداد 18 يناير 2008
وبعد فترة وجيزة شكل الحاكم الأميركي بول بريمر مجلس الحكم الذي ضم بين أعضائه عددا من حلفاء إيران من الأحزاب والشخصيات الإسلامية والذين شكلوا أكثرية أعضاء المجلس.
كان للقرار الذي اتخذه الحاكم الأميركي بحل الجيش وأجهزة الأمن واجتثاث حزب “البعث” دور كبير في “نشوء المقاومة في العراق”، حسب إحدى الوثائق التي أضافت: “أدى تشكيل مجلس الحكم والقرارات التي صدرت عنه وأخذت طابعا انتقاميا دورا في تأجيج الصراع المذهبي في العراق بالإضافة إلى أن المقاومة ضد الاحتلال كانت في غرب العراق بينما كانت القوات المحتلة مرتاحة آنذاك في بغداد وفي جنوب العراق”.