أروى غسان -اسطنبول الناس نيوز
ينادي المُنادي بصوته الجهوري “بيدا.. بيدا” وهي كلمة تركية تشير إلى خبز رمضان، فتطل الوجوه من شبابيك بيوتها، وتُرخى السلال إلى الحارات لملئها بأقراص الخبز الرمضانية الطازجة، التي لا تكتمل مائدة تركية في الشهر الكريم بدونها.
تكسر العربات الجوالة المخصصة لبيع “بيدا” وبقية أنواع الخبز، عزلة حظر التجول الذي يفرض على جميع سكان تركيا يومي السبت والأحد، ضمن إجراءات احترازية للحد من انتشار فيروس كورونا، حيث تجول عربات وسيارات الخبز الطازج بمعدّل ثلاث مرّات في اليوم لتأمين الفطور والسحور للصائمين.
لا غنى عن تلك الساحرة المستديرة المعجونة بالسمسم وحبة البركة، والمشكّلة يدوياً في المخابز التركية بطراوتها المغرية ولونها الذهبي، فلك أن تتصوّر أنّ شيئاً آخر من مكونات الطبخ الأساسية مثل اللحم أو الخضار أو حتى البقوليات لا يُباع على العربات في أيام الحجر المنزلي، ليتفرّد خبز رمضان وحده بهذه الأهمية ويجول بائعوه على كل الأزقة وفقاً لتعليمات حكومية تسعى لتأمين الخبز للجميع في الشهر الفضيل.
لخبز رمضان أهمية تاريخية اكتسبها منذ أيام السلاطين، وقد ورد في (وثيقة تنبيهات رمضان) لدى الدولة التركية أيام زمان ، أن السلطان ذاته هو من كان يقوم باختبار واختيار نوعية القمح الذي سيُصنع منه الخبز في الشهر المبارك، وكذلك هو من كان يقوم بتحديد وزنه وكمية الملح التي تضاف إليه.
وقد كان السلطان يختار نوع الحطب الذي يتم حرقه في طهي هذا الخبز، وإذا نال هذا الخبز إعجابه واستحسان أهل الخبرة في القصر، تبدأ الأفران بخبزه وبيعه للصائمين.