الناس نيوز
أجرى المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية الشهر الفائت استطلاعا أجراه عقب الإعلان عن خطة ترامب/نتنياهو. وعند إعلان النتائج، أشار د. خليل الشقاقي، رئيس مركز الاقتراع، إلى أن 94 في المئة من الفلسطينيين المستطلع رأيهم عارضوا الخطة قائلاً: “لا أعتقد أننا رأينا من قبل مثل هذا المستوى من التوافق بين أعضاء الجمهور الفلسطيني”. إن هذه النتائج ليست مفاجئة بالطبع، لأن خطة ترامب/نتنياهو تسعى بالنتيجة للحصول على موافقة الفلسطينيين على سرقة إسرائيل للأراضي، والتطهير العرقي واستمرار إخضاعهم لسلطتها.
ولكن إلى جانب نتائج السؤال المتعلق بخطة ترامب/نتنياهو، كان السؤال الأكثر أهمية هو: “هل تؤيد حل الدولتين؟” أجاب 39 في المئة فقط من المجيبين المُستطلَع رأيهم بالإيجاب، بينما أشار 37 في المئة بأنهم يؤيدون حل الدولة الواحدة. هذه النتائج يجب وضعها في سياقها الصحيح: فقد دعت كل من القيادة الفلسطينية والمجتمع الدولي مرارًا وتكرارًا لأكثر من عقدين من الزمن إلى تطبيق حل الدولتين، وخلال تلك المدة، ابتعدت أعدادً متزايدة من الفلسطينيين عن هذه الفكرة ودعمت بشكل متزايد فكرة دولة واحدة، على الرغم من عدم وجود حزب فلسطيني واحد – سواء داخل حدود أراضي ال48 أو في الأراضي المحتلة – يدعو إلى ذلك. في الواقع، يتبنى القادة الفلسطينيون والمجتمع الدولي على حد سواء وجهة نظر مشتركة تندد بمفهوم الدولة الواحدة وتدفع بشكل قاطع بأنه “لا توجد خطة بديلة”.
تهدف خطة ترامب إلى ضمان ألا يكون للفلسطينيين دولة على الإطلاق
وتقول المحامية الفلسطينية في مقال لها على موقع مبادرة الإصلاح العربي إن السبب وراء هذا الدعم الفلسطيني الذي تزايد بشكل مطرد لحل الدولة يتعلق بخطة ترامب/نتنياهو، ولكنه يتعلق كذلك بعوامل لا علاقة لها بتلك الخطة. توضح هذه الخطة أنها تهدف إلى ضمان ألا يكون للفلسطينيين دولة على الإطلاق، وبأن يظلوا بدلا من ذلكً للأبد تحت نير إسرائيل. لكن الموضوع لا يتعلق فقط بخطة ترامب، إذ أنه مع مرور الوقت، فقد أدرك الفلسطينيون بشكل متزايد أن فكرة “الدولتين” التي سيدعمها المجتمع الدولي – والتي سيضغط من أجل تحقيقها – ليست نفس فكرة الدولتين التي يطالب بها الفلسطينيون. فالأمر على العكس، إذ بينما كان العالم يتحدث عن تسوية الدولتين، شهد الفلسطينيون عدد المستوطنين الإسرائيليين الذين يعيشون على أراضيهم يتزايد بنسبة ثلاثة أضعاف. ويبدو أن المجتمع الدولي راضٍ عن السماح لإسرائيل ببناء وتوسيع المستوطنات، والسماح لها في الوقت ذاته بهدم المنازل والمدارس الفلسطينية وحبس الفلسطينيين في كانتونات.
بالمقابل، يقول الباحث الفلسطيني في مؤسسة الدراسات الفلسطينية معين رباني إن قيام دولة واحدة يعيش فيها الفلسطينيون والإسرائيليون على كامل أرض فلسطين التاريخية على أساس المساواة الكاملة يمثل بدون جدال الحل المُفَضَّل للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني. وبافتراض أن هذا الكيان سيضمن التكافؤ الفردي والجماعي، وأنه سيحل قضية اللاجئين بشكل مرضٍ، فسيؤدي إلى إحقاق حق الفلسطينيين الوطني الأساسي في تقرير المصير بشكلٍ يتوافق مع الطموح الفلسطيني الأوسع لتكامل عربي أكبر.
ولكنه يضيف في مقالة أخرى نشرتها مبادرة الإصلاح العربي إن خطة ترامب-نتنياهو، والتي أدينت على نطاق واسع كونها تضفي الطابع المؤسساتي على الفصل العنصري، تتجاوز بكثير في الواقع نموذج العنصرية الهيكلية التي وضعها نظام الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا، إذ أن إسرائيل لا تسعى لاستغلال شعب حبيس تحت الاحتلال، وإنما تسعى لتحقيق إزالة تواجد ذلك الشعب في نهاية المطاف. وفي الواقع، تذهب هذه الخطة إلى حد التوصية بتغيير الوضع القانوني لمئات الآلاف من مواطني إسرائيل الفلسطينيين، وذلك عن طريق اعتبارهم من سكان الكيان الفلسطيني الذي سيشكل فعلياً أرضاً محتلة بغض النظر عن أية تسميات.
لا أوهام
وتعترف ديانا بوتو بأنها ليس لديها أوهام بأن تحقيق تلك المساواة سيكون سهلاً، إذ أن الذين يتحكمون بالسلطة لا يتخلون عنها طواعية، ولكنها تؤكد أن التاريخ طالما بيّن أن الامتياز العرقي يفشل في نهاية المطاف في عالم متعدد الأعراق. وبما أن الفلسطينيين والإسرائيليين مصيرهم أن يعيشوا معاً، فإن السؤال الحقيقي هو ما إذا كنا سنستمر في السماح لهذا النظام من الامتيازات العرقية والدينية بأن يدوم، أم أننا سنضغط من أجل المساواة، بغض النظر عن الدين. أما بالنسبة للحدود والأعلام والعملات، فيمكنها الانتظار.
طفل فلسطيني يشارك في احتجاج ضد ما يسمى بـ”صفقة القرن” التي أطلقها الرئيس الأمريكي ترامب بهدف حل النزاع بين الفلسطينيين وإسرائيل، قطاع غزة، شباط/فبراير 2020