fbpx

الناس نيوز

جريدة إلكترونية أسترالية مستقلة

رئيس التحرير - جوني عبو

Edit Content
Generic selectors
Exact matches only
Search in title
Search in content
Post Type Selectors
Filter by Categories
آراء
أخبار
أستراليا
إدارة وتكنولوجيا
إعلان
اقتصاد
اقتصاد أستراليا
اقتصاد عالمي
اقتصاد عربي
تقارير وتحقيقات
ثقافة وفنون
حكايا
خبر رئيس
رياضة
رياضة أستراليا
رياضة عالمية
رياضة عربية
سياحة وسفر
سياسة أسترالية
سياسة عالمية
سياسة عربية
صحة
صور
عدسة
فن الناس
في الوطن الجديد
فيديو
كاريكاتير
لايف ستايل
متفرقات
مجتمع
مجتمع الناس
موضه
Generic selectors
Exact matches only
Search in title
Search in content
Post Type Selectors
Filter by Categories
آراء
أخبار
أستراليا
إدارة وتكنولوجيا
إعلان
اقتصاد
اقتصاد أستراليا
اقتصاد عالمي
اقتصاد عربي
تقارير وتحقيقات
ثقافة وفنون
حكايا
خبر رئيس
رياضة
رياضة أستراليا
رياضة عالمية
رياضة عربية
سياحة وسفر
سياسة أسترالية
سياسة عالمية
سياسة عربية
صحة
صور
عدسة
فن الناس
في الوطن الجديد
فيديو
كاريكاتير
لايف ستايل
متفرقات
مجتمع
مجتمع الناس
موضه
Edit Content
Generic selectors
Exact matches only
Search in title
Search in content
Post Type Selectors
Filter by Categories
آراء
أخبار
أستراليا
إدارة وتكنولوجيا
إعلان
اقتصاد
اقتصاد أستراليا
اقتصاد عالمي
اقتصاد عربي
تقارير وتحقيقات
ثقافة وفنون
حكايا
خبر رئيس
رياضة
رياضة أستراليا
رياضة عالمية
رياضة عربية
سياحة وسفر
سياسة أسترالية
سياسة عالمية
سياسة عربية
صحة
صور
عدسة
فن الناس
في الوطن الجديد
فيديو
كاريكاتير
لايف ستايل
متفرقات
مجتمع
مجتمع الناس
موضه

جريدة إلكترونية أسترالية مستقلة

رئيس التحرير - جوني عبو

دقت ساعة الرحيل، بعد أربع سنوات في مختلف أنحاء ليبيا رفع أثناءها آلاف الجدران ووضع مئات السقوف، وحصل على انقراص في الفقرات وأمراض أخرى لم يكن يدري بعد أنها استوطنت به، حان الوقت للعودة إلى الوطن وأخذ ِ قسط من الراحة يكفي لإنجاب ولد جديد يرفع العدد إلى نصف دزينة، وإضافة مطبخ إلى الغرفتين اللتين قام ببنائهما في الزيارات السابقة وربما حمام مستقل بدلا من الاستحمام في الغرفة الداخلية، حمام بشروط إنسانية فيه (قاظان بصوبيا)، كل شيء مخطط ومدروس والمبلغ يكفي لكل ذلك ويزيد بما يسمح لبعض البذخ من شاورما وبروستد وغيره مما تطلبه نفس الأولاد، فكر سميح بكل هذه التفاصيل ثم قام وأسدل الستائر وأغلق الباب بالمفتاح ورفع الحصير عن أرض الغرفة، ثم أخذ مفكا كبيرا يبدو أنه مخصص لهذا الغرض ورفع بلاطة من الأرض تحتها حفرة صغيرة داخلها كيس بلاستيكي أخذه وأعاد البلاطة إلى مكانها وكل شيء إلى ما كان عليه، ثم أخرج من الكيس البلاستيكي كيسا آخر ومن ذلك الآخر أخرج آخر ومنه أيضا كيسا إضافيا وظل يفعل ذلك حتى بدا وكأنه يقشر رأسا من الملفوف، وقد لف سميح النقود بكل هذه الأكياس لكي لا يصيبها الماء بأي شكل من الأشكال، ثم أخيرا ومن آخر كيس أخرج رزمة من النقود الليبية من فئات مختلفة، لم يكن بحاجة لعدها لأنه بعد كل دينار وضعه هناك كان يعدها مرات، ومع هذا فقد عدها مرتين.

سالم صيرفي السوق السوداء، أيضا عدها ثم حسب على الورق أرقاما ما وأعلن لسميح:

– خمس ليرات.

قبّل سميح يده وجها وقفا ورمى بالقبلة أصابعه إلى فوق رأسه وقال:

– نعمة كريم.

ثم أخذ منه الخمس ليرات الذهبية وانصرف بعد أن شكره.

ولكن لماذا الليرات الذهبية؟ لماذا يفضل العمال السوريون في ليبيا الليرات الذهبية على العملة الصعبة؟ بكل بساطة، لأن الليرات الذهبية يمكن تهريبها عبر الحدود، أما العملات الورقية فيصعب تهريبها لأن الجمارك الليبية تفتش العمال تفتيشا دقيقا، وتصادر كل ما تعثر عليه في حوزتهم مما هو مخالف للقوانين، والليرات الذهبية هي الشيء الوحيد الذي يستطيع العمال إخفاءه بعيدا عن أعين الجمارك، حيث إنهم قبل السفر بساعات يقومون بوضع هذه الليرات في حبات التين ويبتلعونها، وبعد ذلك ينتظرون حتى وصولهم إلى الوطن ويخرجونها بالطريقة الوحيدة التي يمكن فعل ذلك فيها والتي يعرفها الجميع أعزكم الله.

في غرفة مهجورة قرب المطار كانت قد بنيت لغاية ما في زمن ما ثم تركت لسبب ما أيضا، وقبل ساعة من بدء التسجيل على الرحلة تجمع عدد من العمال السوريين حول كيس يحتوي على عدة كيلوغرامات من التين، وأخذ كل منهم يضع في حبة تين ليرة ذهبية ثم يبتلعها، وهذا ما فعله سميح ايضا فقد غرس أول ليرة في خاصرة أول حبة تين ورماها في فمه وأخذ يبتلعها، ولكنه بدلا من أن يغرس الليرة الثانية في حبة التين الثانية أخذت معدته تتقلص ثم اخذ يخرج من فمه زبد أبيض وأخذ يتقيأ، وسرعان ما خرج كل شيء كما دخل، أصيب سميح بالرعب، أيعقل أن تخونه معدته في هذا الوقت بالذات؟ قبل أقل من ساعة على إقلاع الطائرة؟ إنه حتى لن يلحق أن يعثر على طريقة أخرى للتهريب، كاد يبكي وينتحب لولا أنه خشي أن يؤخذ عليه ذلك، ولكن نسخة أخرى منه خفية عن أعين الناس كانت داخله تطلق عويلا مفجعا وتذرف دموعا حارقة، لم يشاهد أبو هشام خال زوجته تلك النسخة المنتحبة، ولكنه شعر بها وهو الذي عبر هذه الحدود لعشرات المرات وهرب داخل معدته مئات الليرات، حتى أصبح الجميع يطلقون على معدته لقب المعدة الذهبية، وبعضهم من المقربين إليه يداعبونه بكلام بذيء يفيد بأنه صاحب المؤخرة الذهبية، بما أن الليرات الذهبية التي على بعضها نقش يصور ملكة بريطانيا تخرج من هناك أيضا. ربت أبو هشام على كتف سميح وطمأنه:

– لا تخف، أنا ليس معي نقود، سأهرب لك ليراتك.

تنفس سميح الصعداء وبعد أن عانق أبا هشام وقبله شاكرا أخذ يحشو له الليرات في حبات التين ويناولها له وقد انفرجت أساريره، وبعد أن ابتلع أبو هشام الليرة الذهبية الخامسة وضع يده على بطنه وقال له مداعبا:

– ليراتك بالحفظ والصون.

على الحدود لم ترتفع عين سميح عن أبي هشام، لم يكن يخشى على ليراته، فعيون رجال الجمارك لم تكن تصل إلى معدة أبي هشام وأمعائه، ولكنه كان يخشى أن يتم وقف أبي هشام لأسباب أخرى غير متوقعة، ولكن أبا هشام عبر بأمان ولحقه سميح وجلس قربه في الطائرة، المعاناة في مطار دمشق كانت أكبر، هنا لا يبحثون عن الليرات الذهبية وإنما الخوف من أولاد الكلب (ذوي الخط الجميل)، فمن المعروف أن أبا هشام لسانه طويل ويفلت منه كلام كثير، ليس في السياسة فهو لا يفقه فيها شيئا، ولكنه يحفظ النكات ويرويها ورغم أن أغلب هذه النكات بذيئة وإباحية، إلا أنه بعد أن كان يتلفت حوله أحيانا يروي بصوت خفيض نكاتا تتناول شخصيات كبيرة تصل أحيانا إلى شخص الرئيس، وهيئات مثل الحزب والحكومة وهي نكات تكفي لكي توجه محكمة عرفية له تهمة التطاول على هيبة الدولة أو ما يشبهها. ولكن أبا هشام خرج من هذا الدرك من الجحيم أيضا وها هو الباص يقلهم إلى أمهات العيال.

بعد الترحيب والعناق والحمام وتوزيع الهدايا للكبار والصغار وانصراف المرحبين إلى بيوتهم تاركين المهاجر وأنثاه يرتويان من عناق بعض، تساءلت زوجة سميح بخبث:

– هل سنبني المطبخ والحمام؟

– سنبني. سنبني.. خمس ليرات ذهبية .. ليرة تنطح أختها.

هز سميح رأسه مطمئنا، فقامت هي بحك سبابتها بإبهامها في حركة تشير إلى النقود:

– هاتها لكي أُخبئها، قبل أن يبدأ سحبها منك ليرة وراء ليرة من أهلك.

– الليرات ليست معي.. إنها مع خالك أبو هشام.

– ولٍمَ لم يعطك إياها بعد؟

– سيعطيني إياها ولكن بعد أن يفعلها.

ثم شرح لها الموضوع وطلب من ابنته سها ذات السبع سنوات

– اذهبي لعند جدك أبو هشام واسأليه هل حصل شيء؟

قبل أبو هشام رأس الفتاة وأعطاها قطعة شوكولا وقال لها:

– أخبري أباك أنه لم يحدث شيء بعد.

لم يعجب الجواب سميح خاصة بعد أن علقت زوجته قائلة:

– هه بدأت السوالف.

وذهب بنفسه إلى هناك فأخبره أبو هشام أن الموضوع ليس بإرادته وأنه حاول عدة مرات دون جدوى.

– وما العمل؟ – سأل سميح – إلى متى ستستمر الحالة هكذا، اعتبارا من الغد سأبدأ بعمليات البناء وعليّ شراء المواد ودفع سلفة للمعلم و .. و .. و

– لا تقلق – قال أبو هشام – حتى الصباح إن لم تتيسر الامور أوصي سائق الميكرو بأن يحضر لي معه ظرف ملح إنكليزي أو قنينة زيت خروع.

– اتكلنا على الله.

قال سميح وانصرف إلى زوجته التي لم تكن سعادتها أقل من سعادته أبدا للقاء الذي طال انتظاره أربع سنوات.

في الصباح تعالى صراخ من بيت ابي هشام الذي سرعان ما دوت نعوته عبر ميكروفون القرية:

– إنا لله وإنا اليه راجعون.. انتقل إلى رحمته تعالى أبو هشام …. إلى آخره.

هب سميح من فراشه مسرعا وركض إلى الخارج بالبيجاما، زوجته التي كانت تجهز الفطور طلبت منه أن يرتدي البنطال بدلا من البيجاما فلوح بيده، مقللا من أهمية الموضوع وتابع طريقه، في بيت أبي هشام كان ينظر إلى وجه المرحوم المسجى ويحدث نفسه منتحبا في داخله:

– الله يسامحك يا أبا هشام، لو أجلتها إلى الغد.

وعندما تسنى له أن يختلي بهشام لحظة سأله بحرج بالغ إن كان الوالد قد فعلها قبل أن يموت، فاستاء هشام من السؤال وكاد يبصق في وجهه مما حدا بسميح للشرح :

– تركت معه أمانة، لهذا أسال.

فأبلغه هشام بأنه يعرف ذلك، وأردف محرجا بأن الوالد لم يفعل شيئا وأن الليرات لا تزال في الداخل.

– وما العمل؟

– لا أدري ما العمل، لا يمكننا عمل شيء فمن غير المعقول أن نشرح الجثة لأجل الليرات.

– شقاء أربع سنين، وأنت تعرف ماذا يعني أربع سنين في ليبيا.

– أعرف أشغال شاقة ولكن قلي ماذا يمكن أن أفعل؟

لم يرد سميح بشيء ولكنه فجأة وضع يده على رأس هشام

– بربك قل لي الحقيقة ألم يفعلها المرحوم قبل أن يصعد إلى الرفيق الأعلى.

أبعد هشام يده بحنق ولم يرد على السؤال.

أما سلوان وهو السكير الأزعر صاحب المشاكل الذي كان الجميع يعتقدون أنه بلا أخلاق فقد بصق في وجه سميح الذي وعده بليرة ذهبية إن هو فتح القبر واستخلص الليرات.

– تفه عليك يا واطي، أتريدني أن أنبش القبور؟

– طيب ليرتين.

ضاعف سميح المبلغ ظنا منه أن سلوان يساوم، ولكن سلوان أضاف هذه المرة على البصقة صفعة وركلة على المؤخرة وطرده شر طرده.

– انقلع.. تفو عليك.

انصرف سميح مدركا أن الذي يمنع سلوان هو الوازع الأخلاقي، وقرر إلغاء قسط الاستراحة الذي كان ينوي خلاله بناء المطبخ والحمام وبعد أن بذر الولد السادس خلال الأسبوع الذي لم يفارق فيه أم العيال، سافر على أول طائرة متوجهة إلى ليبيا لجمع المبلغ من جديد.

من أجل أن يعوض ما خسره في أمعاء أبي هشام، كان سميح يبذل جهودا إضافية ويعمل ورديتين، وعندما قاربت السنة الثالثة على الانصرام كان المبلغ قد تجاوز المبلغ السابق بليرتين ذهبيتين وتهيأ له أنه عندما ينهي السنة الرابعة سيكون قد جمع ما يعادل عشر ليرات، ولكن انهيار الدينار الليبي سرعان ما قضى على آماله كلها إذ إن قيمة دنانيره كانت تنخفض بسرعة صاروخية، في البداية انتظر لعل الدينار يستعيد قيمته ولكنه مع مرور الوقت اقتنع بأن ذلك لن يحدث واشترى بما جمعه ليرة ذهبية واحدة عليها صورة الملكة فيكتوريا، قرر ألا يضحي بها في أمعاء أحد هذه المرة، خاصة أن هشام كان لمح له بنبرة معاتبة أن ليراته الخمس ربما تكون قد ساعدت في موت أبيه، ولذلك وضع سميح الليرة هذه المرة تحت ضبان الحذاء، ولكن هذا مكان لا يخفى على رجال الجمارك، فقد تم اكتشافها وتم توبيخ سميح وتحقيره ووصفه بنعوت جعلته يتمنى لو أن صاعقة تنزل على رأسه، فلا تبق منه إلا أبخرة سوداء سرعان ما تتبدد في الهواء.

تمنى في الطريق أن تسقط الطائرة ، ولكنها لم تفعل، زوجته التي وقف أمامها كولد طرده المعلم من المدرسة لسوء سلوكه بكت وضمت رأسه إلى صدرها، وأخذت تقبل صلعته مهدئة ما في نفسه من نيران، استرخى سميح وترك الحزن يخرج من نفسه مدرارا، وكانت هي تشعر بدموعه الصامتة تنهمر على صدرها بغزارة.