نيويورك – ميشال نيكولاس رويترز- الناس نيوز :
رغم ما اشتهر به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من تشكك في الأمم المتحدة، تمكن من شحذ قوتها الجامعة في فرض عقوبات قاسية على كوريا الشمالية في محاولة لبدء محادثات معها، لكنه يجد صعوبة في فعل الشيء نفسه بالنسبة لإيران.
وعلى الرغم من توحد موقف مجلس الأمن إزاء كوريا الشمالية، هناك معارضة شبه تامة لتأكيدات إدارة ترامب بأن الأمر يستدعي إعادة جميع عقوبات الأمم المتحدة على إيران باستخدام آلية متفق عليها في إطار الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع قوى عالمية في 2015 وانسحبت منه واشنطن قبل عامين.
ويتوقع دبلوماسيون أن تكون إيران إحدى النقاط التي سيركز عليها ترامب عندما يلقي كلمته من البيت الأبيض أمام الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الثلاثاء بعد بضعة أيام من انقضاء موعد تقول واشنطن إنه يُلزم كافة الدول بتمديد حظر أسلحة وعقوبات أخرى على طهران.
وسيكون هذا رابع خطاب يلقيه ترامب في الأمم المتحدة أثناء فترة رئاسته التي يسعى لتمديدها في انتخابات تجرى في الثالث من نوفمبر تشرين الثاني. ويتبنى الرئيس الأمريكي نهج ”أمريكا أولا“ الذي كثيرا ما يتعارض مع مبدأ التعددية الذي تدار به المنظمة الدولية.
وبدت علامات الاندهاش جلية بين الدبلوماسيين وهو يلقي كلمته الأولى التي هدد فيها بصب جام ”النار والغضب“ على كوريا الشمالية، لكن كانت هناك ضحكات في العام التالي وهو يتفاخر بإنجازاته. وفي العام الماضي ندد ”باشتهاء الدم“ لدى إيران، لكنه قال إن هناك مسارا للسلام.
وبعد الكلمات الأمريكية الرنانة بشأن إيران في الأمم المتحدة على مدى سنوات، قالت واشنطن إنها قامت الشهر الماضي بتحرك في مجلس الأمن سيعيد تطبيق جميع عقوبات الأمم المتحدة على إيران في مطلع الأسبوع المقبل.
لكن 13 عضوا في المجلس، ومنهم حلفاء للولايات المتحدة، قالوا إن التحرك الأمريكي ليس له أي تأثير قانوني. ويقول دبلوماسيون إن بضعة بلدان ستفرض هذه العقوبات على الأرجح بعدما تم رفعها في إطار الاتفاق بين القوى العالمية وإيران والذي كان يهدف لمنع إيران من صنع أسلحة نووية.
وقال دبلوماسي أوروبي كبير طلب عدم نشر اسمه ”يجب أن تكون هناك قوة ضغط مشتركة على إيران فيما يتعلق بالملف النووي وغيره… ويقع ضرر عندما تتمزق هذه الوحدة وتتحرك دولة ما بمفردها وتُضعف من قوة الضغط“.
وقال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو يوم الأربعاء إن بلده سيفعل ”كل ما يتعين فعله“ لفرض عقوبات الأمم المتحدة.
ووصف ترامب الاتفاق النووي مع إيران بأنه ”الأسوأ على الإطلاق“. ومنذ الانسحاب الأمريكي منه تفرض إدارة ترامب عقوبات أحادية في إطار ما تصفه بحملة ”ضغوط قصوى“ لإجبار إيران على التفاوض من أجل اتفاق جديد.
وقال دبلوماسي كبير في مجلس الأمن، اشترط أيضا عدم الكشف عن هويته، إن الاتفاق النووي الإيراني كان يؤتي ثماره إلى أن انسحبت واشنطن منه، مضيفا أن ”إيران أقرب الآن من (صنع) القنبلة عما كانت عليه قبل عامين“.
وتابع أن التهديد الذي تشكله كوريا الشمالية ”أكبر الآن مما كان عليه قبل ثلاثة أعوام“.
* ضغوط لإجراء محادثات
على الرغم من استخفافه بعمل الأمم المتحدة، استهل ترامب عامه الأول في المنصب ببداية موفقة إذ وافق مجلس الأمن بالإجماع على مسعى تقوده الولايات المتحدة لتشديد العقوبات على كوريا الشمالية بعد أن أجرت ثلاثة اختبارات لصواريخ باليستية طويلة المدى وكذلك اختبارا نوويا.
وفي 2018 ذكرت نيكي هيلي، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة وقتئذ، إنها قالت لترامب ”لم نكن لنصل إلى ما وصلنا له مع كوريا الشمالية دون الأمم المتحدة لأن هذا كان السبيل الوحيد لجعل المجتمع الدولي على نفس الموجة“.
وأتاحت تلك الضغوط فتح باب دبلوماسي بين ترامب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون بهدف نزع سلاح بيونجيانج النووي. لكن على الرغم من عقد ثلاثة اجتماعات لم يتحقق أي تقدم. كما يلوح تصدع في وحدة مجلس الأمن، إذ تشير الصين وروسيا إلى أن المجلس يدرس رفع بعض العقوبات عن بيونجيانج للحث على إجراء مزيد من المحادثات.
لكن ترامب يقول إن دبلوماسيته تؤتي ثمارها إذ لم يجر كيم أي اختبارات نووية أو تجارب إطلاق صواريخ باليستية طويلة المدى منذ 2017.
وألقى ترامب خلف ظهره عقودا من الريادة الأمريكية للأمم المتحدة بعدما سحب بلده من مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) ومعاهدة دولية لمكافحة تغير المناخ وعارض اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بالهجرة.
كما أوقفت الولايات المتحدة تمويلها لصندوق الأمم المتحدة للسكان ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التابعة للمنظمة الدولية.