باريس – الناس نيوز ::
قال مؤسس ومدير المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، مازن درويش: “إن الجهود المستمرة لضحايا النظام السوري وعائلاتهم في وضع قضية المختفين والمفقودين على رأس أجندة أجهزة الأمم المتحدة، قد أثمرت وهذا ما يبعث بعض الأمل في نفوس السوريين”.
وألقى الحقوقي درويش كلمة في الجلسة المفتوحة لمجلس الأمن لمناقشة أخر تطورات الوضع في سوريا.
وجاء في كلمة درويش:
أتقدم لكم بالشكر لمنحكم فرصة مخاطبة مجلسكم هذا لمواطنين سوريين عاديين. فكما تعلمون فإن القوى المحلية التي تتقاسم الجغرافية السورية ليست سوى قوى أمر واقع، لا تمتلك أي مشروعية سياسية أو وطنية أو أخلاقية.
لكن للإنصاف تحاول أفضل ما لديها في تمثيلها لمصالح القوى الإقليمية والدولية التي أوجدتها. وعلى الرغم من ذلك أود أن أقترح على الدول الفاعلة في سوريا سحب سفرائها – وكلائها السوريين من سوريا، والتوقف عن استخدام بلادي كساحة لتصفية الحسابات، والبدء بشراكة استراتيجية حقيقية مع الشعب السوري، خصوصاً أن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وفي بداية كل قرار صادر عنها، تؤكد على “احترام سيادة واستقلال ووحدة الأراضي السورية”، لا بل إن روسيا الاتحادية، تقرن وصول المساعدات الإنسانية لمن هم بأشد الحاجة إليها ، باحترام “السيادة”، هذه السيادة نفسها التي تخرق يومياً.
اسمحوا لي أن أذكركم بأن هذه “السيادة” تنص دساتير دولكم جميعاً بأنها “للشعب”، وأن الميثاق المؤسس لمحفلنا هذا، يبدأ بعبارة “نحن شعوب العالم”… فلنعمل إذاً على ألا يكون السوريات والسوريون استثناءً، وأن تكون السيادة للشعب السوري، لا لأي منتهك أو مغتصب للسلطة، سواء جلس على مقعدها في الأمم المتحدة، أو تزعم مجموعة مقاتلة، أو ترأس ائتلافاً أول حكومة مؤقتة أو “ديمقراطية “أو إنقاذ. . . .
عندها فقط يمكن لسوريا التوقف عن تصدير المخدرات والمرتزقة والتطرف والأزمات والعيش بسلام مع جيرانها كحلقة وصل اقتصادية وسياسية وثقافية بين الإقليم والعالم .
السيد الرئيس
السيدات و السادة :
لا أعلم كم سيكون من المفيد حقا، أن أعيد على مسامعكم، أعداد الضحايا من المدنيين بما فيهم من نساء وأطفال، عدد المفقودين وضحايا الاختفاء القسري، الذين قتلوا تعذيباً، ، أو سوء الأوضاع الاقتصادية والصحية وانتشار الكوليرا وكارثة التعليم أو أو…
فلا شك أنكم تطلعون بشكل دوري على تحديثات وكالات وأجهزة الأمم المتحدة – ولا شك انكم شاهدتم صور قيصر أو الصور المسربة حديثا من سجن حلب المركزي أو ربما مقاطع من مجزرة التضامن -، أعتقد أنكم وإن اختلفتم في كثير من الأمور، فإنكم تتفقون جميعا على مدى فداحة الكارثة الإنسانية في سوريا.
وللاسف الشديد هذه الكارثة بدأت تلاحق حتى الذين كنا نعتقد انهم نجوا بالفرار خارج سوريا
وإذ نقدّر عالياً جهود الدول المستضيفة للاجئين وخصوصا دول الجوار إلا أنه لم يعد من الممكن الصمت أو المجاملة أمام ما يواجهه اللاجئون السوريون من انتهاكات واضطهاد وعنصرية وتمييز في بعض هذه الدول.
ففي كل يوم يتنافس سياسيو الدول المستضيفة، في إعلان خططهم ونواياهم في إعادة اللاجئين إلى سوريا مرددين بعبث مقولة العودة الطوعية والكريمة والآمنة وجميعنا على يقين أنها في الحقيقة إعادة قسرية محفوفة بالخطر والمهانة . . .
أنا أحد هؤلاء اللاجئين الذين أتمنى بصدق أن أعود الى بلدي ولكن من دون ضمانات قانونية ومن دون تطبيق القرارات الدولية، لا يعدوا طلب العودة بالنسبة لي سوى طلباً بمنح القتلة فرصة ثانية لقتلي بعد أن نجوت أول مرة…
لذلك اتمنى عليكم بعد الفشل بحماية السوريين داخل سوريا، بتأمين الحماية المكفولة لهم وفق القانون الدولي، كلاجئين فارين من ويلات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بالحد الأدنى.
السيد الرئيس
السيدات و السادة :
على الرغم من سوداوية المشهد السوري إلا أنها ربما المرة الأولى التي أخاطب مجلسكم هذا ولدي بعض الأمل فقد أثمرت الجهود المستمرة للضحايا وعائلاتهم في وضع قضية المختفين والمفقودين على رأس أجندة أجهزة الأمم المتحدة،
وعليه فإني أثمن عالياً، وأرحب، بالدراسة التي أصدرها مؤخراً، سعادة الأمين العام ، حول واقع المفقودين في سوريا، والتي تضمنت توصيته إنشاء آلية دولية مستقلة معنية بالكشف عن مصير المخفيين قسراً والمفقودين في سوريا،
ربما تكون هذه هي المرة الأولى التي يكون فيها أمامكم خارطة طريق حقيقية من أجل البدء بحل واحدة من أكثر القضايا الإنسانية إلحاحاً في سوريا
وبناء عليه، أناشد كافة الدول بتبني توصية الأمين العام ، والعمل على تنفيذها فوراً،
فلم يعد هناك ما يمكن نقاشه قبل إقرار هذه التوصية ولم يعد من الممكن القبول بإرجاء تنفيذها أكثر،
السيد الرئيس
السيدات والسادة،
الغالبية العظمى في سوريا، يحلمون باليوم الذي تتحقق فيه التسوية السلمية، على أساس قرار مجلسكم الموقر /2254/، وبيان جنيف، والقرارات الأخرى ذات الصلة؛ لكن لا بد لهذه التسوية، أياً كانت، ولكي تكون مستدامة، أن ترتكز على مسار عدالة انتقالية وطني، يحقق العدالة والإنصاف للضحايا.
لذلك ربما من المفيد التذكير بالمبادرة الفرنسية المكسيكية، وكذلك بمدونة السلوك التي قدمتها الكونفدرالية السويسرية، والتي دعت للتخلي عن استخدام، حق النقض الفيتو، ضد القرارات التي تهدِف إلى مَنع أو إنهاء فظائع أو إنتهاكات جسيمة؛
وختاماً، اسمحوا لي، أن أشير إلى أنه وفي سبيل تحقيق اتفاق دايتون للسلام في يوغوسلافيا، أعفي الرئيس ميلوسوفيتش من المساءلة، لكنه، وكأي قاتل محترف عاد لممارسة إدمانه على قتل الأبرياء، ولم يتوقف حتى ألقي القبض عليه وتمت محاكمته أمام محكمة الجنايات الدولية .
تذكروا، لطفاً، وفي جميع الخطوات التي تتخذونها لدفع مسار السلام في سوريا، أن الفضيلة الوحيدة في الحرب هي انتهاؤها . الا ان اي اتفاق سياسي لا يتضمن العدالة لن يؤدي في أحسن الأحوال إلا إلى وقف مؤقت لإطلاق النار