ميديا – الناس نيوز ::
إندبندنت عربية – أمجد إسكندر – هوكشتاين الموفد الأميركي والضابط السابق بالجيش الإسرائيلي يملك في دفتره عنواناً واحداً هو “دولة” الرئيس نبيه بري بها يبدأ زياراته وعندها ينهيها .
ملخص
“الدولة الموازية” هذه أنشأ لها نبيه بري جمهوراً خاصاً بها منذ تسعينيات القرن الماضي إذ حصل تقاسم متفق عليه مع “حزب الله” قضى بأن تترك له حرية حشو مؤسسات الدولة الشرعية بالمناصرين و”الأزلام” ليستمد منهم وبهم نفوذه كمعادل للمال والسلاح اللذين تقوم عليهما سلطة دويلة “حزب الله”.
يشغل نبيه بري منصب رئيس مجلس النواب في لبنان منذ 32 عاماً، أي إن أهم منصب شيعي في “جمهورية الطائف” التي نشأت بعد الحرب الأهلية بقي خارج منطق تداول السلطة، عاصر أربعة رؤساء جمهورية وما يقرب من 20 حكومة، حتى في فترات الشغور التي امتدت شهوراً طويلة في قصر الرئاسة وفي السراي الحكومي بقي بري ممسكاً بمطرقة رئاسة البرلمان.
هذا الاحتكار لرئاسة السلطة التشريعية على مدى عقود وجه من وجوه هيمنة “الثنائي الشيعي” على لبنان، الموصوف دستورياً بأن نظامه جمهوري برلماني. ويجيز “وهج السلاح” حصول انتخابات المرشح الأوحد لرئاسة البرلمان في مواعيدها، لكنه يفرض الحوار المسبق ليقنع الآخرين بمرشحه الأوحد أيضاً لرئاسة الجمهورية.
وعندما يقال إن في لبنان دولة ودويلة “حزب الله” تقتضي مراعاة الدقة الإشارة إلى “الدولة الموازية” التي يختص بها نبيه بري منفرداً. “الدولة الموازية” هذه أنشأ لها بري جمهوراً خاصاً بها منذ تسعينيات القرن الماضي، إذ حصل تقاسم متفق عليه مع “حزب الله”، قضى بأن تترك له حرية حشو مؤسسات الدولة الشرعية بالمناصرين و”الأزلام”، ليستمد منهم وبهم نفوذه، كمعادل للمال والسلاح اللذين تقوم عليهما سلطة دويلة “حزب الله”.
وهكذا تتوزع الأدوار بين “الدولة الموازية” و”الدويلة” وتتكامل، وتسد كل السبل أمام الدولة الشرعية التي أصبحت رهينة ثنائية “الدولة الموازية والدويلة” المملوكة حصراً من “الثنائي الشيعي”، والتي يحصل تلوينها بشخصيات وقوى سياسية من غير الشيعة، بما يزيد من إطباقها على الواقع السياسي تحت ذريعة أن امتدادها وطني لا مذهبي فاقع.
ومنذ انطلاق حرب غزة وفتح “حزب الله” جبهة الجنوب اللبناني تعمل محركات “الدولة الموازية” ودويلة “حزب الله” بأقصى القوة، وتكتفي الدولة الشرعية بدور ما يطلق عليه بالإنجليزية “office boy” أي الصبي الذي ينقل الأوراق بين المكاتب، وهذا التوصيف هو أدنى مرتبة من دور “ساعي البريد” الذي يختار طوعاً مهنته، بينما “صبي المكاتب” لا يملك ترف الاعتراض أو إبداء الرأي السديد. في الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أي في اليوم التالي لـ”الطوفان” أعلنت دويلة “حزب الله” الحرب، وفي اليوم الذي بعده أمسكت “الدولة الموازية” لنبيه بري بملف التفاوض.
ولم تجد “الدويلتان” عناءً في إدارة الملف الخارجي، بعدما سبق وأن عطلتا دور السلطة التنفيذية ومنعتا انتخاب رئيس جمهورية وتشكيل حكومة أصيلة.
ومن المفارقات أن الموفد الأميركي آموس هوكشتاين، إن في ملف الترسيم البحري الذي أنجز عام 2022، أو في مسعاه للتهدئة في الجنوب، يملك في دفتره عنواناً واحداً هو “دولة” الرئيس نبيه بري، بها يبدأ زياراته وعندها ينهيها، ومن يلتقيهم من الشخصيات اللبنانية الأخرى فمن باب رفع العتب. هناك اعتراف أميركي بـ”الدولة الموازية”، التي في ملف التفاوض لا ترضى بديلاً من هوكشتاين الضابط السابق في الجيش الإسرائيلي.
وفي آخر مستجدات التفاوض، قال رئيس “الدولة الموازية” نبيه بري إن “هوكشتاين طرح تراجع “حزب الله” ثمانية كيلومترات عن الحدود لتهدئة الأوضاع بمناطق الشريط الحدودي، فطالبت في المقابل بتراجع الجيش الإسرائيلي عن حدوده ثمانية كيلومترات أيضاً”.
ومن كلام بري يستشف أن “الجمهورية اللبنانية” المعترف بها دولياً أشبه بـ”صرح من خيال فهوى” وفق ما تغني أم كلثوم، فـالخط الحدودي الأزرق الذي رسمته الأمم المتحدة يفصل بحسب بري بين جيش “دولة إسرائيل” وميليشيات “دويلة حزب الله”، أما الجيش اللبناني الشرعي فلا يدخل في حسبانه.
في قضايا داخلية عدة وصف بري بأنه لاعب الخفة الذي يخرج من قبعته “أرنب” الحلول الوسط، ومطالبته بابتعاد الجيش الإسرائيلي ثمانية كيلومترات عن الحدود، مناورة بهلوانية لا تجوز، فكلام كهذا لا ينم عن رفع سقف التفاوض بقدر ما يعني أن “الدولة الموازية” و”الدويلة” لا ترحمان ناسهما، فما بالك بالآخرين؟