باريس – الناس نيوز :
قضى الرئيس التنفيذي العالمي لشركة (L’Oreal) لوريال ، نيكولاس هيرونيموس، الأشهر الـ6 الأولى بعد تسلمه دفة القيادة، للمضي قدمًا بأجندة استدامة بعيدة المدى وسط تحديات جائحة عالمية. وفي إطار شراكتها مع معرض إكسبو 2020 دبي، تقود المجموعة قطاع التجميل نحو الاستدامة.
بينما تحاول الجهود السياسية الدولية التوافق مع أهداف التصدي لظاهرة الاحتباس الحراري، تسهم بعض الشركات في العالم بدورها في التصدي للأزمة، حيث تعهدت بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ومكافحة تغير المناخ.
ينطبق هذا أيضًا على قطاعي التجميل والأزياء، ففي نهاية السنة المالية 2020، كشفت الشركة الأميركية للعناية بالبشرة ومنتجات التجميل (Estee Lauder) أنها حققت هدفها في الحصول على %100 من إمدادات الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة. وفي يونيو/ حزيران 2021، أعلنت دار الأزياء البريطانية الراقية (Burberry) عن هدفها الطموح في تبنى تغيرات أكثر إيجابية للتصدي لتغير المناخ، بما يتجاوز الحياد الكربوني بحلول عام 2040.
بينما أفادت شركة (Coach) في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، أنها ستتوقف عن التخلص من البضائع المعادة، وستلتزم بالاستدامة بعد انتشار مقطع فيديو على “تيك توك” يظهر حقائب يد العلامة التجارية وهي مقطعة. في حين أعلنت شركة العناية بالبشرة الألمانية (Beiersdorf) التي تشمل علاماتها التجارية منتجات (Nivea) مؤخرًا، أن مصنعها في برلين سيكون محايدًا مناخيًا بدءًا من عام 2022.
وتعد شركة (L’Oréal) من بين أكبر العلامات التجارية لمنتجات التجميل، التي تسعى جاهدة لمعالجة التأثير البيئي العالمي للقطاع، من بين قضايا مجتمعية أخرى. وفق فوربس ، إذ خصصت شركة منتجات التجميل الفرنسية نحو 115.6 مليون دولار، لدفع الاستثمار لمواجهة التحديات البيئية الرئيسية. ونحو 57.8 مليون دولار لصندوق وقف خيري لدعم النساء المستضعفات.
خلال النصف الأول من عام 2021، نمت إيرادات (L’Oreal) بنسبة 13.3٪، وفقًا للأرقام المعلنة، لتصل إلى 1.3 مليار دولار في منطقة جنوب آسيا والمحيط الهادئ والشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفريقيا جنوب الصحراء، مدفوعةً بوحدات المنتجات الاستهلاكية ومستحضرات التجميل النشطة ( Consumer Products and Active Cosmetics).
فيما قالت شركة منتجات التجميل الفرنسية إن إجمالي صافي الأرباح، باستثناء عناصر الدخل غير المتكررة وبعد احتساب الحصص غير المسيطرة، ارتفع بنسبة %21.2 إلى أكثر من 3 مليارات دولار في الأشهر الستة التي سبقت 30 يونيو/حزيران 2021، مقارنة بـ 2.5 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي.
وارتفعت إيرادات مبيعاتها بنسبة %16.2 لتصل إلى 18 مليار دولار. في حين تمتلك فرانسواز بيتنكور مايرز والعائلة نحو %33 من أسهم (L’Oreal) ويبلغ صافي ثروتها 91.2 مليار دولار وفقًا لتقديرات فوربس اللحظية، في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2021.
أما الآن، فتعقد المجموعة شراكات رئيسية لتعزيز التزاماتها بالتغيير الإيجابي، مثل الانضمام إلى إكسبو 2020 دبي، كشريك رسمي لمنتجات وخدمات التجميل. يقول الرئيس التنفيذي العالمي، نيكولاس هيرونيموس: “إن مهمة (L’Oréal) تتركز في خلق الجمال الذي يمس العالم بأسره، مع وضع الاستدامة والابتكار والاهتمام بالأفراد في صميم جوهرها، وهي مهمة تتوافق بشكل كبير مع محاور إكسبو الرئيسية التي تركز على المستقبل”.
وتعد شراكتها مع إكسبو أحدث خطوة في حملة طويلة الأمد. حيث تقول ألكسندرا بالت، الرئيس التنفيذي للمسؤولية الاجتماعية، والنائب التنفيذي لرئيس مؤسسة (Fondation L’Oréal)، ضمن تقرير أهداف الاستدامة للشركة لعام 2020، (L’Oreal For The Future): “منذ عام 2013، عندما أطلقنا أول برنامج للتنمية المستدامة، تغير العالم”.
وتضيف: “حجم التحديات التي نواجهها غير مسبوق، لذا ينبغي أن تتماشى طموحاتنا مع هذه التحديات، وينبغي ألا نفعل ما هو أفضل فقط، بل ما هو مطلوب”.
ومن المتوقع أن تبلغ قيمة سوق منتجات التجميل العضوية والطبيعية العالمية 30.1 مليار دولار بحلول عام 2026، وفقًا لشركة البحوث السوقية (Global Industry Analyst). فيما يستمر القطاع المزدهر في إنتاج كميات كبيرة من النفايات، إذ كشفت بيانات حملة (Zero Waste Week) عن إنتاج أكثر من 120 مليار وحدة من عبوات منتجات التجميل في جميع أنحاء العالم خلال عام 2018.
في حين وجدت مجموعة (LCA Center) ومقرها هولندا، أنه يمكن القضاء على نحو %70 من انبعاثات الكربون الناجمة عن القطاع، إذا استخدمت عبوات قابلة لإعادة التعبئة لمنتجات التجميل. وتلتزم (L’Oreal) بتقليل استهلاك البلاستيك والتوجه نحو استخدامه عبر إعادة تدويره، واعتماد البلاستيك الحيوي بنسبة %100 بحلول عام 2030.
يوضح هيرونيموس: “نهدف أيضًا إلى تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2025. وتخصص (L’Oréal) نحو 1.1 مليار دولار سنويًا لأعمال البحث والتطوير في مجال التجميل، أكثر من أي شركة أخرى في القطاع”.
وقد أفادت المجموعة أنها خفضت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عبر مصانعها ومراكز التوزيع بنسبة %81، بشكل مطلق، منذ عام 2005. لكن العلامة التجارية الفرنسية ليست المجموعة العالمية الوحيدة في قطاع التجميل التي تضع أهدافًا لصافي انبعاثات صفرية. إذ حققت (Estée Lauder) صافي انبعاثات صفرية في عملياتها المباشرة على مدار العامين الماضيين، حسب تقريرها للتأثير الاجتماعي والاستدامة للسنة المالية 2120.
تقول نانسي ماهون، نائب الرئيس الأول لشؤون المواطنة المؤسسية العالمية والاستدامة لدى شركة (Estée Lauder) في التقرير: “خلال السنة المالية 2021، عملنا بجد لمواصلة تطوير حلول طويلة الأجل للمساعدة في حماية كوكبنا”. وتواصل: “ورغم أحرازنا تقدمًا كبيرًا، نعلم أن هناك المزيد من الإجراءات الجماعية اللازم اتخاذها للتصدي للتحديات المستمرة والناشئة خلال العقد المقبل”.
كما أعلنت (Estée Lauder) مؤخرًا، أنها الشريك الحصري لتحدي محطة الفضاء الدولية لمكافحة استخدام البلاستيك (ISS National Lab Sustainability Challenge: Beyond Plastics). كما تمول البحوث لإيجاد بدائل البلاستيك عبر استخدام مختبر فضائي.
مع ذلك، تبذل (L’Oreal) جهودها أيضًا، لمواجهة التحديات التي تتجاوز تغير المناخ. ففي 28 سبتمبر/ أيلول، أضاءت الشركة برج خليفة في دبي، عبر عرض موجّه لزيادة الوعي بمبادرة (Stand Up) وهي حملة عالمية تهدف إلى تمكين الرجال والنساء من التصدي للمضايقات في الشوارع والأماكن العامة، وتهدف للوصول إلى مليون شخص في جميع أنحاء العالم.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2021، أطلقت العلامة التجارية (Garnier) التابعة للشركة، حملة تعليمية عالمية مخصصة لتعزيز الاستهلاك المستدام. وتهدف إلى إلهام 250 مليون شخص لتبني نمط حياة أكثر مراعاة للبيئة.
كذلك أطلقت صالون لمصففي الشعر في إكسبو 2020 دبي، (Hairstylists for the Future by L’Oréal) وهو برنامج تنمية مستدامة، يهدف إلى ضمان إدارة الصالونات لاستهلاك المياه والتخلص من النفايات بشكل مستدام، وتقليل استهلاك الطاقة، واستخدام عبوات للمنتجات المعاد تدويرها والقابلة لإعادة التدوير.
لقد كانت رحلة حافلة بالأحداث حتى الآن للرئيس التنفيذي العالمي؛ إذ تولى هيرونيموس رئاسة (L’Oreal) في مايو/ أيار 2021، بعد انضمامه إلى عملاق التجميل منذ عام 1987 كمدير إنتاج. وتولى زمام الأمور بينما كانت تواجه الشركة أكبر تحدياتها. فنتيجة للوباء العالمي وأزمة الموارد غير المسبوقة، تقلصت سوق التجميل العالمية لنحو %8، وفقًا لتقديرات (L’Oreal) واستنادًا إلى صافي أسعار الشركة المصنعة.
شهدت الشركة أيضًا تغييرات في سلوك المستهلك، حيث يقول الرئيس التنفيذي للمجموعة: “على مدار 18 شهرًا الماضية تقريبًا، كانت هناك طفرة في التجارة الإلكترونية، حيث مثلت المبيعات الإلكترونية حوالي %27 من أعمال (L’Oréal) طوال أزمة كورونا”.
وتوافق نورما تاكي، رئيسة أسواق المستهلكين في (PwC) الشرق الأوسط، على أن “الرقمنة والاستدامة أصبحت في صدارة أجندة المستهلكين”. وللاستعداد للمستقبل، سيحتاج تجار التجزئة في جميع أنحاء المنطقة إلى التحلي بالسرعة والمرونة لجذب جيل صاعد من المستهلكين الشباب الواعين اجتماعيًا الذين يتمتعون بالذكاء الرقمي”.
أما الآن، مع تعافي الأعمال التجارية ومواكبتها للتغيرات، فينصب التركيز على دفع الجمال المستدام إلى طليعة الأولويات. يضيف هيرونيموس: “هذه أوقات مليئة بالأحداث المثيرة بالنسبة إلى (L’Oreal).